ضحكة المقالح وصرخة باعوم

ضحكة المقالح وصرخة باعوم - محمد الغباري

السبت القادم ينتظر أن يعقد القاضي رضوان النمر جلسة جديدة لمحاكمة الزميل محمد المقالح، المودع منذ ما يزيد على شهر في السجن الاحتياطي بتهمة إهانة القضاء. ويبدو أنه يراد للجلسة أن تكون الأخيرة قبل النطق بالحكم.
بالأمس رفضت نيابة أمن الدولة تسليم هيئة الدفاع عن المقالح نسخة من ملف القضية إلا بعد تحريرها تعهداً بحضور الجلسة الجديدة. مع أن الهيئة كانت قد أعلنت انسحابها من الجلسة السابقة وقررت عدم حضور بقية الجلسات تعبيراً عن رفضها للإجراءات التي يتبعها القاضي في حق موكلها.
كان المقالح قد ضحك في الجلسة الأخيرة من محاكمة الزميل عبدالكريم الخيواني، ومن ثم أودع الحجز بتهمة الإخلال بنظام الجلسات وعقوبتها السجن لمدة لا تزيد عن 24 ساعة أو بغرامة الفي ريال. غير أن الحكاية تطورت في اليوم الثاني وأصبح متهماً بإهانة القضاء وجرى حبسه احتياطياً مدة ثلاثين يوماً، ورفض القاضي بإصرار غريب الفصل في طلب الدفاع بالافراج عن زميلنا بكفالة على مدى جلستين متتاليتين، وبات الجميع مقتنعاً بأن الآخر لا علاقة له بضحك أو بكاء المقالح ولكن بمواقفه السياسية.
لقد مثل القبول بنصائح التهدئة وحل القضية ودياً مدخلاً سهلاً لتصفية حسابات سياسية مع المقالح. وبلع الوسط الصحفي والسياسي طعم النصائح التي قدمت من سياسيين وقانونيين بأن مجرد إجراء مصالحة مع القاضي محسن علوان سينهي المسألة ولهذا تحمل د/ عبدالعزيز المقالح ومعه نقيب الصحفيين نصر طه مصطفى وقبلهم د/ ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي عبئ الاعتذار للقاضي عن ضحكة المقالح قبل أن يكتشفوا أن ما طرح بهذا الخصوص كان مجرد مزحة ثقيلة لم تحترم حتى المكانة الرفيعة لهؤلاء في المجتمع.
اليوم وقد تقرر محاكمة حسن باعوم ويحيى غالب الشعيبي وعلي هيثم الغريب في ذات المحكمة وبتهمة المساس بالوحدة الوطنية والدعوة للانفصال اعتقد أن السلطة بحاجة لمراجعة عاجلة لسياساتها التي ستجلب المصائب على البلاد والعباد، لأنها بهذا الفعل إنما تذكي نار الفتنة وتؤكد أن الهامش الديمقراطي لم يعد يحتمل حتى صراخ المسحوقين بالمظالم أو ضحكهم مهما كانت اللغة المستخدمة في التعبير عن حجم هذا الظلم وبشاعته.
يستطيع الحكم أن يقدم على إصلاحات سياسية حقيقية، وأن يعترف بالأخطاء الكبيرة التي سببتها حرب 1994، ويبدأ بمعالجة هذه الأخطاء بصورة عاجلة وبجدية وحينها لن يكون هناك خوف أو تأثير من أي خطاب مهما بدا متشنجاً ومرتكزاً على أسس جهوية.
لا ينبغي للحكم أن يرى في نفسه الطرف الحريص على البلاد، ولا أن يتحول إلى مصدر لصرف صكوك الوطنية، وعليه أن يدرس الأسباب التي جعلت الناس يحتمون بالماضي ويتمترسون خلف الجغرافيا. فهؤلاء هم من ناضلوا من أجل الوحدة وقدموا في سبيلها دولة بكامل مكوناتها، وأصلوا لها في وعي وفكر الأجيال المتعاقبة قبل أن يغدر بهم في تلك الحرب المشأومة.
malghobariMail