معنى أن نتنفس صعدة

معنى أن نتنفس صعدة - منصور هائل

ما معنى أن يكون المرء من «جيل الثورة» والانقلاب والمارش والعلم والنشيد الوطني، إذا أزهق عمره من غير أن يعرف الهدوء والراحة.
وما الذي يفرق بين «جيل الوحدة» والسابق المشار إليه في الفقرة السابقة! وهو جيل ينتمي إليه كاتب هذه السطور ويعترف أنه تشوش برضاعة حليب الثورة وراح ضحية فقدانه ذاكرة طعم حليب الأم.
ما الفرق بين جيل تشوش واغتش وارتبش، وجيل لم ينخدع بإمبريالية المقولات، وسراب السرديات الكبرى، ولم تنطل عليه الجمهورية والثورة والوحدة، وغير ذلك من المقولات التي لاتشبع عصافير جوعه ولا تستجيب لندائها أصابعه!؟
ثم لماذا التجييل في بلاد يشيب أطفالها عند الفجر، بحسب رائد الرواية والقصة القصيرة اليمنية الحديثة الراحل محمد عبدالولي.
ودونما استغراق في التساؤلات سأبوح بحاجتي إلى إستراحة قصيرة وإن بمسافة لا تزيد عن غمضة أومضة لكي أتدرب على العيش والتفكير بمنأى عن احتقانات الأذهان والأبدان، وعن الأجواء المعتكرة بالاضطرابات والحروب المستدامة.
سأخون المبدأ وطبعي وطبيعتي لأعلن تعبي وحاجتي الملحة لتنفس الصعداء ورفضي الصريح لتنفس صعدة بقسر وإجبار وانتحار.
ثم ما الذي يعنيه أن تقول «تنفس الصعداء إذا كان المعلوم والمقدر والمقسوم يجبرك على الانحناء وتنفس صعدة فحسب وحصراً».
وكم هي صعدة هذه التي تلفحنا وتعصف بنا على مدار الساعة، وفي كل آن، برياحها وروائحها اللاهبة، السامة، الحارقة!!
تلفحنا و«تشفط» ما تبقى فينا من رمق الحلم. فهي كانت معقل الزيدية العالمه، ومعقل الإمامة، ومعقل الملكية، وقاعدة مواجهة الجمهورية في صنعاء، ومواطن المرجعية الفقهية الزيدية، والشباب المؤمن، والسلفية، والوهابية، والشيعية -إن شئتم- في اللحظة الراهنة.
ولكنها -أي صعدة- لم تهبط على اليمن من سماء أخرى، وليست مفارقة لأرض هذه البلاد.
وبمعنى أفصح تظل صعدة التي تدور فيها وفي محيطها وحتى تخوم صنعاء أشرس المعارك، وتدفع إلى إشاعة حالة الطوارئ في صنعاء وغيرها من الأرجاء، من علامات الأفول والانحدار والاندحار والانتحار لليمن عموماً، ولمشروع الدولة المرتجا خصوصاً. وتظل صعدة علامة استكلاب سادة الخراب، وأمراء الطوائف، وجنرالات وأمراء الحروب، وكافة الضالعين في استثمار الكارثة، والتعيش على اقتصاد الجثث والجيف و «الحرب على الإرهاب» بإرهاب لا تحتويه صفة ولا تعريف.
mansoorhaelMail