ابتسام المتوكل وضميرنا المتواطئ

الإحساس بالظلم يجعلنا أحوج ما نكون إلى تعاطف الأصدقاء وتضامنهم. وما تعرضت له الشاعرة والباحثة ابتسام المتوكل أثناء دراستها وتحضيرها للدكتوراه، في المغرب، من إيقاف لمستحقاتها المالية هي والعديد من زملائها، يجعلنا نتساءل عن سبب صمتنا إزاء هذا الانتهاك لحقوق زميلة عرفت بحضورها الأدبي والنقابي في اتحاد الأدباء فرع صنعاء، وكونها عضو أمانة عامة سابقاً لهذا الاتحاد. لم يكتف المنتهكون للحقوق بإيقاف منحتها، وتركها في الغربة تعاني العوز، لكنهم أردفوا ذلك الانتهاك بالعديد من الاتهامات (اللا أخلاقية)، وادَّعوا أن إيقاف منحتها سببه تجاوزها للفترة القانونية الممنوحة.
أنهت (ابتسام) رسالة الدكتوراه في الفترة الزمنية المطلوبة، أي أنها لم تكن متخلفة دراسياً كما أشاع البعض، رغم ظروف الانتهاك والقذف، ورغم خذلان الحقوقيين والأدباء والصحفيين أثناء محنتها.
ناشدت ابتسام المتوكل، في مقالة لها، "منتدى الشقائق" والأدباء والحقوقيين التضامن معها، وأرسلت ما لديها من وثائق تثبت أنها لم تتجاوز فترتها القانونية في الدراسة. وقمت بدوري بمناشدة الكثير من الأصدقاء اتخاذ موقف تضامني معها، لكن الجميع كان متخاذلاً وكأن الأمر لا يعنيهم.
أسوأ ما في الأمر أن تجدهم يصافحونها -بعد عودتها مكللة بالنجاح- مؤكدين لها سماعهم بما تعرضت له من أذى وانتهاك. كم هو سيئ أن تكون شاهد على نفسك بالخذلان. وحده الدكتور أبو بكر السقاف الذي كان له موقف فاعل عبر مقالته التي نشرتها صحيفة "النداء". ووحدها صحيفة "النداء" التي تبنت موقفاً متعاطفاً ومتضامناً مع "ابتسام". لكننا جميعاً كنا متواطئين ومتخاذلين، ننتظر منها أن تتجاوز محنتها بنفسها، فالأمر لا يعنينا بشيء!
أمل الباشا بانتظار الوثائق التي تثبت صحة كلام ابتسام ودفاعها عن نفسها. نبيلة الزبير مشغولة بهجاء "الحاكم" إلى درجة يصبح فيه الهجاء رديف المدح، من زاوية انشغال المادح والقادح بـ"الذات" الحاكمة.
محمد الشيباني يلفت انتباهي إلى أنه ليس نائباً لأمين عام اتحاد الأدباء، وأن هذا المكان يشغله "أخي أحمد ناجي". ماجد المذحجي ليس لديه سيرة ذاتية لـ"ابتسام" حتى يتفضل باستضافتها في "نصف وجه". هدى أبلان بانتظار مكالمة هاتفية من "ابتسام" حتى تحدد موقفاً نقابياً. محمد عثمان يثق بقدرة "ابتسام" على تجاوز نكبتها. محمد ناجي أحمد بانتظار مساعيه مع الزميلات والزملاء لاتخاذ موقف جماعي. أروى عبده عثمان صامتة. نبيل الصوفي يكتفي بعد فترة ليست قليلة بإنزال موضوع لـ"ابتسام" دون الوثائق. هدى العطاس تتبنى موقف رئيس جامعة صنعاء خالد طميم، في أن الطالبة "ابتسام" قد تجاوزت الفترة القانونية لتخرجها، وأنها متخلفة دراسياًُ.
محمد الغربي عمران وأحمد ناجي النبهاني مشغولان بإصدار بيانات باسم اتحاد الكتاب اليمنيين يدينان فيها "انتفاضة الجياع" حيناً و"الحراك السياسي" حيناً آخر!
عز الدين سعيد أحمد بذكاء لا بأس به لا يتخذ موقف حقوقياً باسم مركز المعلومات، لكنه لا يكف عن التواصل الشخصي مع المنتهكين وإشعارهم بتعاطفه!! كم كنت أتمنى لو أن "صحوة الضمير" التي تحركنا بها أثناء تعرض أمل الباشا للانتهاك والقذف والتشهير –من قبل صحيفة "الدستور" وأخواتها– حالة انتباه دائمة تشعر مدمني الانتهاكات بأن هناك مجتمعاً مدنياً حياً، وكتاب وأدباء لهم من الفاعلية والتضامن ما يجعل المنتهكين يتمهلون في غيهم.

اعتذار إلى وزير الثقافة:
أحياناً يتم التضامن مع بعض الزملاء الذين يأتون ببيانات جاهزة لإدانة وزير ما. وهو ما حدث معي حين وقَّعتُ على بيان يدين وزير الثقافة ويتهمه بإيقاف رواتب الكتاب والمثقفين، وتعطيل الحركة الثقافية التي لم تترسخ كفعل مؤسسي في بلادنا. بعدها تكتشف أنك كنت مخدوعاً، وأن تضامنك لم يكن سوى تخندقاً مع وزير سابق تم ترحيله إلى مجلس الشورى، لأنه "الوزير المثقف" كما تم وصفه من قبل عديد من الكتاب والصحفيين، الذين سرعان ما سحبوا اللقب منه وقلبوا المدح هجاءً مع تباشير إزاحته عن الوزارة. ولأن هذا الوزير ما زال يطمح بالعودة من أرشيف مجلس الشورى إلى كرسي وزارة الثقافة، تأتي هذه البيانات والمقالات غير بريئة في تحيزها مع وزير سالف، وتعنتاً لوزير ما زال في مرحلة التعرف على الساحة الثقافية. لهذا أجدني أعتذر لوزير الثقافة أبو بكر المفلحي على توقيعي لبيان لا أعرف حتى هذه اللحظة تفسيراً حقيقياً له سوى أنه بكاء على "كرم" وزير سابق، يوزع الهبات من صندوق التراث وميزانية الوزارة، على ثلة من المريدين!!!
mohmad