مدافع آية الله

مدافع آية الله - جلال الشرعبي

تطل حملات التكفير بقرونها من جديد.. ويبرز في المقدمة رجال دين ظن العديد من الناس أنهم قد انصهروا في المجتمع وتجاوزوا عتبة اختبار النوايا إلى الاعتراف بوجود الآخر.
في الغالب يقرأ المتابع الأمر على أنه انحراف مقصود الغايات، وأن الهدف خلق معارك جانبية واختلاق أزمات ليست هي المهم الآن ولا ذات صلة بما يدور الآن من حراك اجتماعي وحقوقي.
إن لغة العنف والتكفير ليست نبتة اليوم، بل إن تربة خصبة يجري حرثها على أرض تتوالد فيها العادات السيئة والعنف المتوارث وتعيش على أحضانها ثارات مجتمع وويلات قُطَّاع طرق وتجار سلاح.
والانكأ أن تظهر هذه اللغة الطارئة في الزمان الخطأ دون أن تجد من يردعها، بل تزيد السلطة من توسيع طريق مسارها وتفتح لها قنوات العبور لإسقاط مزيد من الضحايا وخلق فائض من العدوات والاحتقانات.
ربما السلطة مشغولة بأخراج مسلسل «المناضل العنيد» حيث هي تعد ملحمة السبعين يوماً بإمكانات باذخة لتظهر الرئيس القائد الأول في كتيبة المناضلين، وعليه أن يقدم شهادته للأجيال والتاريخ وعلى الجميع أن يعي أنه المناضل الذي لا شريك له.
والراجح أن غض الطرف عن خطاب التكفير والتخوين لن يقود إلا إلى مزيد من العنف لتعود معه حمامات الدم ودوامات الأزمات وخطاب الكراهية ونزيف الأحقاد.
لا غالب إلا العنف حينما يغيب عقل السلطة، ولا خاسر إلا الوطن حينما توجه بندقية التكفير ومدافع «آيات الله» التحريضية من منابر المساجد.
والحكمة أحق أن تتبع بالعودة إلى جادة الصواب بدلاً من فتح المجال أكثر لظهور رجالات مرات دين جدد ودعم أجنحة سلفية وجهادية وصوفية مرات وإشعال الحرائق بينها مرات أخرى بجهل ودونما بصيرة أو شعور بالمسؤولية.
إنها بطولة كارتونية حينما تشمر السواعد وتنداح الألسن بالمكايدات لإيقاف حفل فني أو تعليق الشماعات والمبررات لتسويق خطاب الكراهية وتعميم ثقافة العناد والمكابرة.
قد يبدو الأمر فيه تشويق وإثارة لسلطة فقدت عقلها تحت ظل القبيلة، لكنه غالباً ما ينتهي بزئير ملؤه نقم.
إن خطاب التكفير والأفاقين يسيران سيان! تجرهما عربة حصان طروادة المحملة بالمستقبل غير الآمن، وتعيش على جنباتها ويلات وطن أصبح يعيش على خوف ويمضغ الأمن في الاحلام.
 ترى كم نحتاج إلى قرابين أمام هذا الغوى البليد؟ وكم ننتظر فوقان سلطة تصفق اليوم لزغاريد التكفير ولا تنسى أن تنعق كالغراب عندما تحل الكوارث؟
إنه منهج التشدد السلفي الاعمى وحمى الدورة الجهادية التي تجعل مدافع آية الله قبل عقود من الزمن جاهزة لإطلاق عناقيد حمم غاضبة، تحت قبة البرلمان وعلى منابر المساجد وكتاتيب الدرس.
إنهم يعتقدون أنهم في مهمة مقدسة، وتلك هي ثالثة الاثافي.
[email protected]