برلمان الأطفال يكشف حقائق مؤلمة عن ظاهرة التهريب، وبرلمان الكبار يواصل تواطؤه مع المهربين

- حمدي عبدالوهاب الحسامي
بدا فهمي،6 سنوات، مرتاباً في مركز الحماية الاجتماعية للطفولة في المنفذ الحدودي بحرض، أثناء زيارة ميدانية للجنة من برلمان الأطفال.
إلى الارتياب، كان مرتبكاً ولا يملك إجابات على أسئلة البرلمانيين الذين نظموا زيارتهم بالتنسيق مع اليونسف والمدرسة الديمقراطية، لكنه على أية حال أحسن حظاً من شقيقه الأصغر علي (اسم مستعار) الذي فقد ذاكرته قبل أشهر قليلة من تسليمه إلى مركز الحماية.
لفهمي شقيقة تكبره ب10 سنوات إسمها فاطمة (اسم مستعار). وقبل 9 أشهر تسلمت السلطات اليمنية من السعودية، وأرسلت الفتاة القاصرة إلى البحث الجنائي، بحسب تقرير لجنة برلمان الأطفال، وتم إرسال فهمي وعلي إلى المركز.
يعاني فهمي من رُهاب الاجتماع بآخرين، وليس معروفاً ما إذا كان ذلك جرّاء محنة قريبة عاشها في المهجر (!) أم مسألة متعلقة- بانتزاعه من محيطه. والمؤكد أن فهمي واحد من مئات الأطفال الذين يتم تهريبهم إلى السعودية لأغراض متنوعة، تبدأ بالتسول ولا تنتهي عند الاستغلال الجنسي.
وفي المركز التقت اللجنة 13 طفلاً بينهم فهمي وعلي.
شوقي (اسم مستعار)، بدا أقدر على سرد قصته. وهو روى لبرلمان الأطفال تفاصيل مهينة عن رحلة تهريبه إلى السعودية.
أغرى أحد المهربين والد شوقي (منطقة المراوعة) بتسليمه الإبن مقابل عائد مالي لاحق. قرر الأب المعدم تسليم إبنه للمهرب على أمل أن يتسلم العائد في وقت قريب، بعد أن يوفر المهرب لشوقي عملاً في السعودية.
بعد يومين من إتمام الصفقة، كان شوقي في حرض حيث سلمه المهرِّب لشخص آخر. «لم أكن وحدي»، قال شوقي للجنة، فقد كان آخرون معه في سيارة التهريب.
وحسب الطفل المنتزع من أهله، فإن العسكر لا يترددون في دعم أنشطة المهربين. «أنزلونا من السيارة، ومشينا فترة، ثم قام العسكر بتفتيشنا وأخذوا من المهرب فلوس، وحملًّونا قات كثير، وتركونا نواصل الطريق». كذلك تحول شوقي على يد عصابة من موضوع تهريب إلى أداة تهريب.حمل القات مثل غيره من الأطفال، وقطعوا مسافة طويلة هذه المرة. كانت سيارة تنتظرهم على الجانب الآخر من الحدود.
واثناء وجودنا في السيارة جاء شخص سعودي ونظر الينا وقال: «الورعان» ينزلوا معي لهم عمل عندي. وأخذنا وعندما كنا نمشي رأينا دورية سعودية اختبينا منها ثم واصلنا الطريق لكن دورية أخرى أمسكت بنا والمهرب اختبأ.
شوقي الذي أخذته الدورية مع من مسكوا معه الى مكان آخر فيه أطفال آخرين سمعت منهم أنهم شافوا جثة طفل ميت على الحدود وأن المهربين يبيعون الأطفال لناس «لواط».
لجنة التوعية بمخاطر تهريب الأطفال عند زيارتها لعدد من مدارس مديريات حرض-عبس- بيت الفقيه- المراوعة روى بعض طلابها حكايات زملاء لهم مع التهريب.
الطالب محمد عبدالله من مدرسة الكفاح بحرض قال، حسب تقرير اللجنة، إن بعض الاباء في المنطقة لهم علاقة طيبة مع المهربين يسلمون أبنائهم إليهم للعمل في السعودية.
وحكى الطالب عمر (من المدرسة نفسها) ما تعرض له أحد زملائه من قبل عسكر ومهربين من ضرب وشتم لأنه لا يوجد معه فلوس فضلاً عن منع الماء والأكل وكذا التحرش من أشخاص أكبر منه.
اللجنة وجدت الإحباط وفقدان الأمل في المستقبل ومن مواصلة الدراسة عند الطلاب الذين التقتهم جراء الغلاء وانتشار المتسولين في الأسواق وعدم وجود وظائف عند تخرجهم.
 فحسب كلام الطالب عمر من مدرسة خالد بن الوليد (مديرية المراوعة) فإن الذي يذهب الى السعودية للعمل رجال لانه يعود بفلوس وسيارة ويقدر يشترى الذي يشتهيه ولا يحتاج للدراسة لانه بعدما يكمل الدراسة يروح يعمل بالسعودية.
وبرغم ما أصاب اللجنة من ذهول ودهشة من كلام بعض الطلاب الا أنهم لم يستسلموا وسعوا إلى تحقيق الهدف الذي أتوا من أجله بتوعية الطلاب من مخاطر التهريب إذ جابوا 8 مدارس في المديريات التي زاروها مستهدفين 5360 طالبا وطالبة وخرجوا وقد تغيرت نظرة الطلاب بمدى خطورة التهريب. ورأس لجنة برلمان الأطفال ندى الشراعي.
مالم يستطع القيام به مجلس النواب تجاه ظاهرة الأطفال، قام به برلمان الاطفال رغم أنه منظمة مدنية وإمكانية محدودة مقارنة بميزانية المجلس الهائلة.
فتقرير عن ظاهرة تهريب الأطفال له أكثر من ثلاث سنوات محتجز لدى هيئة رئاسة البرلمان دون أن يناقش لمعرفة أسباب هذه الظاهرة واتخاذ قرارات تلزم الحكومة بمعالجتها ومحاسبة من وراءها.
قضايا الأحداث في السجون الاحتياطية والمركزية ذكرها التقرير بأنها تتوزع بين (لواط، سرقه، قتل، تفجيرات، اعتداء، هروب من المنزل، اغتصاب، تشرد، حيازة خمر».
وقال التقرير إن السجون الإحتياطية تعاني من قصور في الأداء وعدم الاهتمام بالأحداث أثناء القبض عليهم وإن الأوضاع الصحية والتغذية سيئة.
وحسب التقرير، فإن استخدام العنف يكثر مع الأحداث أثناء التحقيق معهم.
 النزول الميداني لرصد أوضاع الأطفال الأحداث في السجون الاحتياطية والمركزية من قبل برلمان الأطفال،اختلاط بين الاحداث والمساجين الكبار، وإن أطفالاً محتجزين في أحد سجون شبوه على قضايا ثار.
[email protected]