الرأي من ذهب والصمت من صدأ

ثمة فارق نوعي بين حرية التعبير، والتعبير عن الرأي.
 الاول، مغرق في السياسة ، أما الثاني فيخرج من دائرة الحريات، ليدخل في عمق الحياة، وفي كل جوانبها، فالتعبير عن الرأي هنا، هو تعبير عن شخصية الفرد، وتميزه في مجتمعه عن الآخرين. اذ يكون لنفسه منهج حياة قائم بذاته، ولكننا نعيش في مجتمع للأسف يخاف من بعضه البعض، لأسباب كثيرة وغير مفهومة في بعض  الأحيان، ليمسي الانسان مستترا خلف قيود من الاقنعة التي لا بد أن يلبسها، في بيئة عودتنا عدم الإفصاح عما نرغب وعما نريد.
فالصراحة التي تميز بها الغرب، ننظر اليها على أنها ضرب من الغباء، وننتقدها على أنها مباشرة لا داعي لها، ونعامل التلقائية بازدراء، ونجزم أن شخصية أخرى نختبئ خلف قناع التلقائية البادية على أحدهم، لأننا ببساطة أمسينا لا نصدق بوجود هؤلاء التلقائيين الذين لا يلبسون إلا وجوههم ولا يختبئون من أنفسهم، ولا يخشون من التعبير عن ذواتهم، نستغربهم وقد ننبذهم أحيانا.
الخوف الذي يتعرض له الانسان السوري منذ نعومة أظفاره يبقى رفيقه المخلص في كل مراحل حياته. فالخوف من سلطة الأب أو الأم أولاً، ثم من سلطة الاستاذ في المدرسة، الى سلطة رب العمل، ليتخطاها إلى خوف دائم من أي سلطة أعلى منه مهما كانت درجتها، ومهما بلغت شدة تعاملها.
وتكبر المشكلة، لأننا نقف اليوم  أمام تحد كبير، فكيف السبيل إلى الوصول بالمجتمع إلى مرحلة جديدة، يتخطى معها ثقافة الصمت، ويلغي الأمثال القائلة أن السكوت من ذهب، ويطلق العنان لنفسه في التعبير عن أفكاره وآرائه، لنصل في النهاية الى إنسان واضح، لا يخشى من تقديم نفسه كما هو، مستعد لإبداء آرائه بمختلف جوانب الحياة دون خوف أو وجل.
[email protected]