تنامي الاحتجاجات في أبين وشبوة اسقط رهان الفتنة

تنامي الاحتجاجات في أبين وشبوة اسقط رهان الفتنة - فضل علي مبارك

الخطاب الذي استحضر فيه الرئيس صالح في محافظة أبين الأسبوع الماضي صوراً أحادية الجانب من مأسي الماضي السياسي في اليمن، وحاول من خلاله العزف على وتر تباينات الصراع السياسي وما حفل به من أحداث مأساوية في جنوب اليمن ما بين يومي 30 نوفمبر 1967 و22 مايو 1990، لم يؤت أكله. بحسب ما كان متوقعاً من دق أسفين بين أبناء محافظة أبين خصوصاً ومن جهة أولى باعتبارها اكثر المحافظات تبايناً في مواقف أبنائها على طول مراحل الصراع، ومن جهة أخرى بين محافظة أبين وابناء المحافظات الجنوبية الأخرى جراء ما تراكم في النفوس.
علي الرغم من كمية الألفاظ والعبارات الصارخة حد التشنج المستندة على قاعدة «دق الحجر بأختها» التي حفل بها الخطاب وسعى الرئيس خلالها لمحاولة اذكاء نار فتنة خامدة استطاع أبناء المحافظات الجنوبية، وأدها وإلى الأبد باعتبارها من صفحات الماضي المطوية التي دفع الكل ثمنها، وكذلك الأيقان بأن ويلات ومعاناة الحاضر التي تجثم على نفوسم وصدورهم أشد أيلاما، وفتكاً منها.. حيث وقد كانت تلك الصراعات المسلحة تتفجر وجهاً لوجه وتحصد لها من الأرواح ما تقرر في وقت معين بعكس ما يحدث اليوم وخلال ثلاثة عشر عاماً حيث أخذ كل ابناء الجنوب يموتون كل يوم آلاف المرات بأساليب مكر متنوعة.
 اسفرت نتيجة ذلك الخطاب عن فشل الرهان على أبين كآخر معقل يعوِّل عليه الرئيس لمواجهة حالة تنامي حركة النضال السلمي في هذه المحافظات التي بلغت ذروتها خلال الشهرين الماضيين، وجسَّد فيها أبناء تلك المحافظات موقفاً موحداً ظهر كالبنيان المرصوص، الأمر الذي فوَّت الفرصة على اصطيادهم، واحداً تلو الآخر.
لم نشأ أن نذكر فخامة الاخ الرئيس الذي يفترض فيه أن يكون الملاذ الآمن لكل أبناء الوطن، شماليين وجنوبيين، معارضة أو سلطة، ولا نود أن نقول له ما يعلمه جيداً بأنه والمسؤول عن حاضر ومستقبل هذا الوطن، بأن الماضي لا يعدو كونه عبرة إذا اندمل جرحها تعافى الوطن، وأن مصلحة الرئيس شخصياً، والسلطة بصفة عامة، أن يغلق ملف الماضي بكل صفحاته لأن صفحاته السوداء التي عادة ما تسعى أجهزة الحكم حالياً إلى تعليق آمال على فتحها، خصوصاً تلك المتعلقة بالشطر الجنوبي في محاولة لكسر شوكة أي تحرك والسعي لابتزاز قيادات الجنوب، علماً بأن الرئيس حتى اللحظة مثلما اعتمد على طرف من تلك القيادات والقوات خلال حربه مع الجنوب صيف 1994 وكان لها عظيم الفضل في تحقيق ما يشعر بأنه نصر على أعدائه، فأنه ما يزال اليوم يعتمد على العديد منهم وإنْ كان قد سعى خلال سنوات ما بعد 7 يوليو إلى التخلص من كثيرين منهم، واحداً تلو الأخر، حتى لا يذكرونه دوماً، بأنهم من كان عمادة أقصاء شريكة في الوحدة من الحكم.. وليس الامر كذلك فان الصفحات السوداء من تاريخ اليمن الحالي لا تقتصر على الجنوب، فهناك صفحات تنؤ بحملها الملفات كان مسرحها الشمال لكن الظرف لم يسنح لفتحها، وبالتالي، فإن من كان بيته من زجاج لا يرمي بيوت الاخرين بالحجارة.
وعلى ذكر محافظة أبين كآخر معقل يعول عليه إلى جانب شقيقتها محافظة شبوة، فقد سمعت من يؤكد أنه عندما يبلغ حجم فعل الحراك السلمي في هاتين المحافظتين، بما وصل اليه مستواه في محافظات الضالع ولحج وحضرموت وعدن (مع العلم أن الحراك فيهما أخذ يتنامى بشكل ملحوظ) فإن السلطة لن تقوى على الوقوف في وجه حركة النضال السلمي لحظة واحدة ولأجبرت على الخروج من شرنقة غيِّها وتماديها تجاه تلك المطالب التي ترفعها الحركة.
صحيح ان محافظتي أبين وشبوه لم ينضج عندهما الفعل بما فيه الكفاية، ولذلك مسبباته وإنْ كانت بالقياس والمقارنة مع موضوع المطالب المرفوعة لا يمكن قبولها، فأبين لا يزال البعض من أبنائها مرتبطاً بالسلطة، وآخرون يشعرون أن الغصة من الماضي ما زالت في الحلوق، وهناك من يتملكه الخوف جراء التهديد من قبل قوى السلطة بوسائل شتى، وكذلك أساليب الترغيب ما دفع بالبعض إلى إيثار السلامة.
 أما شبوه وان كان هناك ما تلتقي فيه مع أبين في بعض المسببات فإن أعمال الثارات التي تغذيها السلطة قد حققت هدفها في اشغال الناس والثأر هناك اخذ يحرق الأخضر واليابس ولم تعد قبيلة بل فخيذة في شبوة لم يفتح لها باب الثار.
لكن على الرغم من ذلك إلا أن ابناء أبين وشبوة اسقطوا رهانات السلطة بالوقوف في صفها على حساب جموع الشعب.