رفض دعوة الرئيس: الأسباب، التداعيات، ومقترحات حلول - محمد الصبري

رفض دعوة الرئيس: الأسباب، التداعيات، ومقترحات حلول - محمد الصبري*

رفض دعوة الرئيس: الأسباب، التداعيات، ومقترحات حلول -  محمد الصبري*
أثناء تناول وجبة فطور جماعية مع بعض الإخوان العرب مساء يوم السبت الماضي، أي قبل إعلان المشترك بموقفة الرافض لتلبية دعوة فخامة الأخ الرئيس للقاء المفتوح، عبرت لأحد الإخوان اللبنانيين (مهتم بالشؤون السياسية اليمنية) بأني أخشى من أن يرفض اللقاء المشترك دعوة فخامة الأخ الرئيس للأسباب التالية:
1.  مبدأ إعلان الدعوة على الملأ سيفسر من قبل اللقاء المشترك بأنها غير جادة كونها لم تقتصر فقط عليهم وإنما ضمت في جنباتها دعوة بقية قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية الصغيرة التي يرى المشترك وغيره من المواطنين بأن ليس لهم وزن سياسي.. حيث علق أحد الإخوة العراقيين بأنه كانت هناك أحزاب في عهد المرحوم صدام حسين في العراق هي عبارة عن أحزاب كرتونية كانت تسمى مثلاً الحزب الشيوعي العراقي لصاحبة حزب البعث.
2. على كلٍ في تقديري الشخصي بأن الدعوة للجميع وعدم إقتصارها على اللقاء المشترك ذات الوزن الثقيل تدل على ذكاء فخامة الأخ الرئيس وحنكته في إدارة الأزمات فلعله كان يحس بإحتمالية الرفض من قبل المشترك كونهم يريدون يوظفون ورقة تحركات الشارع للحصول على أعلى قدر ممكن من المكاسب السياسية والاقتصادية، ولهذا فدعوة الجميع تعتبر مخرج لفخامة الأخ الرئيس لكنها محرجة للمشترك كونهم يفسرون بأن هذه الأحزاب ما هي إلا دمية في يد الرئيس وبالتالي سيستفيد منهم الرئيس في إثارة المشاكل لكنها مخرج للمؤتمر لتوظيف ضد المشترك فيما لو رفض المشترك الدعوة والتي هي فعلاً بادرة خطيرة لصالح المشترك وضد الرئيس.
3.  من المعروف في المطبخ السياسي اليمني بأن قادة اللقاء المشترك قد تعودوا من فخامة الأخ الرئيس بأنه عندما يكون جاد في مناقشة قضية ما يطلبهم لوحدهم وعلى إنفراد يتناقش معهم سبل معالجتها بكل حرية وشفافية مستخدماً علاقته الشخصية الجيدة مع بعض قادة المشترك ويطرح عليهم حتى نقاط الضعف والقوة التي يمتلكها موظفاً أيضاً معهم اسلوب الترغيب والترهيب وبالمصطلح السياسي البرغماتية والدوغمائية.
4.  لا يخفى على كل حليم والحليم تكفية الإشارة بأن أسلوب إعلان الدعوة من قبل وسائل الإعلام الرسمية والمؤتمرية ووصف اللقاء بأنه مفتوح يضفي بعدم الجدية فاللقاءات المفتوحة في علم السياسة والاقتصاد هي للإستشراف المستقبلي وليس لحلول قضايا ومشاكل قائمة تعصف بالوطن شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً.
5.   مشكلة اليمن الحالية هي مشكلة مركبة سياسية واقتصادية وهذه تعتبر من أخطر المشاكل كون الأولى ممكن التعايش معها وإدارتها بجرة قلم وتوجيه وتعيين ودعم مالي وخاصة أن فخامة الأخ الرئيس قد تمرس على ذلك، إلا أنه من الصعب إدارة الثانية كون الاستقرار الاقتصادي هو اساس الاستقرار السياسي ويحتاج إلى فترة طويلة لمعالجتها فإذا اختلت الأوضاع الاقتصادية بالضرورة تختل الأوضاع السياسية ولهذا كثيراً ما كنا نستجدي صناع القرار السياسي لاستغلال الهدوء السياسي والسيطرة الكاملة والعوائد النفطية المجزية لإجراء إصلاحات إدارية لتحسين مستوى جذب الاستثمار ورفع من قدرة إدارة الموارد الاقتصادية.
6.  لهذا وفي ظل الأوضاع الحالية السياسية والاقتصادية كان من الأجدى وكما أقترحت على الأخ نبيل الصوفي أن يبادر بوضع جدول أعمال للقاء الرئيس  بحيث لا يكون مفتوحاً وخاصة أن اليمن تمر الآن بثلاث أزمات سياسية واقتصادية وإدارية وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى لقاءات مفتوحة وإنما هي بحاجة إلى لقاءات مغلقة تقتصر على لجنة فنية مكونة من قادة اللقاء المشترك مع ممثلين من المؤتمر الشعبي العام وتحت إشراف فخامة الأخ الرئيس كونه رئيساً لليمن وليس رئيساً للمؤتمريين بحيث يتم الإتفاق على خطة عمل لتلك اللجنة يكون أهم مهامها هو تشخيص شامل لجميع المشاكل السياسية والاقتصادية والادارية التي تتجاذبها المنظومة السياسية ومن ثم يتم اقتراح عدد من الحلول لكل قضية من القضايا بحيث توضع كل حزمة حلول في سيناريو. معين يتم مناقشتها فيما بعد في لقاء مفتوح يضم جميع القادة السياسيين والاقتصاديين والإداريين.
على ضوء ما سبق، كم أتمنى لو يبادر الفريق الحكومي بوضع التحديات التي تواجهها الحكومة على قادة اللقاء المشترك بروح أخوية صادقة تبحث عن حلول من شركاء سياسيين وليس مجرمين في قفص الإتهام. كما أتمنى لو أن قادة المشترك ينظرون إلى التحديات من منطلق أنها تحديات وطن وليست تحديات حكومة فقط حتى ولو كانت مشاكل إدارية بسبب فشل الإدارة الحكومية فينبغي على قادة المشترك مساعدة الحكومة في تجاوز تلك المشاكل بتقديم الرؤى السياسية والاقتصادية ولو من باب النصح والمشورة بعيداً عن التشفي والتربص للحصول على مكاسب سياسية ضيقة من خلال المظاهرات أو وضع حلول تعجيزية غير عملية اقتصادياً. كما أتمنى على فخامة الأخ الرئيس بأن يتعامل مع الجميع كأب ساعياً وراء تحقيق مصالح اليمن العليا المتمثلة في الاستقرار السياسي والاقتصادي من خلال التطبيق العملي لمبادئ الديمقراطية وإجراء إصلاحات إدارية واقتصادية حقيقية بعيداً عن الترقيع،  
وعلى كل نحن ما زلنا في بر الأمان وفي مقدور فخامة الأخ الرئيس وقادة اللقاء المشترك التوصل إلى حلول عملية فيما لو أخلصت النية بين الطرفين حيث واليمن تمتلك موروثاً ثقافياً سياسياً واسعاً تراكم منذ انتخابات عام 1993، وبالتالي سيكون من السهل تشخيص مجمل المشاكل والقضايا السياسية واقتراح الحلول المناسبة لها فالاحزاب بشكل عام والمؤتمر بشكل خاص يمتلك مصفوفات سياسية واقتصادية وادارية، بل وهناك حتى وثيقة العهد والاتفاق التي أعتبرها وثيقة وطنية في الإمكان الإستفادة منها برغم أنها قديمة وبحاجة إلى تحديث ولهذا أتمنى لو تعقد ورشة عمل لمناقشتها وتحديثها فليس بالضرورة التقيد بما جاء فيها، وإنما استخدام إطارها الفني كونها وثيقة وقع عليها الجميع وشارك في إعدادها ممثلون من المنظومة السياسية اليمنية.. 
* كاتب وخبير اقتصادي - واشنطن.