المتقاعدون يتهمون أجهزة الأمن بالتضليل.. الضالع تغلي بعد الاثنين الدامي

المتقاعدون يتهمون أجهزة الأمن بالتضليل.. الضالع تغلي بعد الاثنين الدامي

- الضالع – فؤاد مسعد
استغربت الهيئة الإدارية لجمعية المتقاعدين العسكريين والمدنيين في الضالع من تصريحات المصدر المسؤول بوزارة الداخلية بخصوص إصابة عدد من جنود الأمن في مظاهرة الاثنين الماضي.
 وقالت في بيان لها إن تصريحات المصدر تعد مؤشراً خطيراً لدور أجهزة الأمن ومحاولتها تبرير الأعمال القمعية والهمجية التي مارستها أجهزة الأمن في الضالع ضد المواطنين.
 وإذْ أشارت إلى خطورة ادعاء المصدر بأن المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة أكدت أن هذا التضليل ستكون عواقبه وخيمة وينذر بما هو أسوأ.
 واعتبرت الهيئة الادارية أن ما قام به رجال الأمن من إطلاق الرصاص الحي على المواطنين إنما يعبر عن استخفاف هذه الأجهزة بأرواح المواطنين.
 وشكلت الهيئة في اجتماع أمس الثلاثاء لجنة لجمع التبرعات لأسر الشهداء ومعالجة الجرحى.
وشهدت محافظة الضالع الأثنين الماضي أحداثاً دامية قتل فيها إثنان وأصيب ستة أخرون من أبناء المحافظة برصاص رجال الأمن أثناء قيامهم بمسيرة سلمية للتضامن مع المعتقلين في عدن وحضرموت والمطالبة بالإفراج عنهم.(تفاصيل ص 2).
وقالت مصادر أمنية إن مواطنين شاركوا في المسيرات، حاولوا أقتحام مبنى أمن المديرية وألقوا بالحجارة على الجنود.
وأضافت المصادر التي زارتها "النداء" في مكتب الأمن مساء الاثنين بأن 11 جندياً أصيبوا جراء اعتداء المواطنيين، لكن النداء لم تسجل وجود حالات إصابة بين الجنود.
وشارك الآلاف من المواطنين في المسيرة التي انطلقت من أمام مقر جمعية المتقاعدين لتجوب الشارع العام وتتجه إلى ساحة الشهداء حيث أقيم المهرجان الخطابي.
وبحسب المصادرفإن المتظاهرين كانوا على موعد مع أصوات أعيرة نارية أطلقهاجنود الأمن و نتج عنها إصابة الشاب مالك حسن صالح (25عاما) الذي أكد لـ"النداء" انه كان يقود دراجته النارية وعندما سمع الرصاص ناشد رجال الأمن الكف عن إطلاق النار إلا انه فوجئ بطلقة أصابته في بطنه ومن ثم تولى أحد المواطنين نقله إلى المستشفى. وتوترت الأجواء بعد ذلك بشكل سريع حيث توالى إطلاق الرصاص الحي والمتواصل من أفراد الأمن مخلفا وراءه الضحايا, وفي الوقت نفسه تم تعزيز إدارة الأمن بالمديرية بجنود امن المحافظة إضافة لانتشار عدد آخر منهم في الشارع العام وعلى مداخل الشوارع الفرعية وأمام المنشآت الحكومية تحسبا لأية محاولة لاقتحامها من قبل المواطنين الذين ذهب أكثرهم للبحث عن المصابين في المستشفيات والمشاركة في حملة التبرع التي دشنت أمام بوابة مستشفى النصر.
إلى ذلك أفاد قاسم الداعري رئيس جمعية المتقاعدين في ردفان أن الجمعية أقامت مهرجانها صباح امس الأول الاثنين، وعقب سماع المتجمهرين إنباء عن قيام أجهزة الآمن في عدن بمحاصرة قيادة المشترك بدأت أعمال الشغب وتم قطع الطريق الا انها فتحت حسب ما اكد الداعري.
وفي بيان لها أدانت الهيئة التنفيذية لفروع احزاب اللقاء المشترك في الضالع العمل الاجرامي المشين الذي قام به رجال الشرطة والأمن باستهداف مواطنين عزل وقتل اثنين واصابة ستة اخرين من ابناء المحافظة.
 وقالت ان هذا الاعتداء يعبر عن ضيق نفس النظام الحاكم وتبرمه المطالب المشروعة لأبناء المحافظة. ودعت الهيئة السطات لسرعة التحقيق مع المتسبب في الاعتداء وكذا الذين اصدروا الأوامر وتقديمهم للعدالة لنيل عقابهم.
 

.. ولجنة التحقيق بدأت اجتماعاتها أمس
 
 علمت النداء من مصادر محلية في محافظة الضالع أن اجتماعا عقد بعد ظهر أمس الثلاثاء برئاسة محافظ المحافظة ضم السلطة المحلية وعددا من الوجاهات الاجتماعية وأولياء الدم لتدارس الأوضاع القائمة جراء الأحداث التي شهدتها المحافظة، وتم تشكيل لجنة برئاسة الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة محمد غالب العتابي وعضوية محسن البدهي رئيس لجنة التخطيط والتنمية في محلي المحافظة واثنين من الوكلاء المساعدين والشيخ صالح المعكر بالإضافة لممثلين عن أولياء الدم وذلك للتحقيق في الحادثة وتقديم المتسببين إلى النيابة العامة. وفي وقت متأخر من مساء أمس قال العميد ركن علي محمد العود رئيس لجنة الشئون الاجتماعية في المجلس المحلي بالمحافظة في اتصال هاتفي مع «النداء» إن الاجتماع لا يزال منعقدا لمناقشة بعض القضايا المطروحة.
 
 
***
 

يوم الضالع الحزين
 
- فؤاد مسعد ضيف الله

 في غضون دقائق قليلة كانت زخات متقطعة من الرصاص كفيلة بفتح الستار على مشهد دامٍ لم يشهد له تاريخ الضالع مثيلاً... دوى صوت الرصاص فسكت ما عداه من الأصوات، ووحدها رائحة البارود كانت تنفث السموم في أجواء سادها التوتر والغضب في يوم أسموه من قبل يوم الغضب.
10 من الشباب تتراوح أعمارهم بين 20 و26 سنة، سقطوا بين قتيل وجريح... ليسددوا بدمائهم فاتورة الغضب.
الضالع التي كانت في الصباح تغلي هتافات منددة بالانتهاكات تحولت فجأة إلى أم مكلومة هدها المصاب الأليم عندما سقط أبناؤها فجأة ضحية الانتهاكات ذاتها. راحت بعدها تجتر أحزانها بصمت وتداوي جراحها بذهول لا يبدو حتى الساعة ما يفيد أنها أفاقت منه.
إدارة امن المديرية زارتها "النداء" في رحلة البحث عن إجابة تشفي غليل السؤال الناضح بلون الدم الطافح برائحة البارود. وبدوره كان مدير الأمن يتحدث عن مواطنين اعتدوا على مبنى إدارته كما اعتدوا على الجنود؛ الجنود كذلك وافقوا.. سألناهم عن إصابات وجروح في أوساطهم أجابوا بالنفي, باستثناء جندي كشف عن إصابة طفيفة في رجله اليمنى يبدو أنها بفعل الحجارة؛ وما عدا ذلك لا توجد إصابات في جنود الأمن, وبعد سماعنا تصريح المصدر المسؤول الذي تحدث جرح 11 جنديا،ً عاودنا زيارة الأمن, أفاد "النداء" مسؤول الإدارة بأنه لا يستطيع الإدلاء بأي تصريح بهذا الخصوص لأنه غير مخول بذلك. طلبنا منه الإذن بزيارة الجرحى، قال إنهم نقلوا إلى صنعاء. وحين سألناه عن أسمائهم تهرب من الإجابة.
ونعود للضالع حيث بدا المشهد تراجيديا مؤثرا.. الشوارع شبه خالية إلا من وحدات من الجنود الموزعين على مداخل الشوارع الفرعية وأمام المنشآت الحكومية، الدراجات النارية مارست دورها بمهنية عالية وتولت نقل المواطنين بين الأحياء والمناطق التي أطبق عليها الحزن وخيم فوقها شبح الموت بكل ما تحمله كلمة الموت من معان ودلالات. تنقل المواطنون من مستشفى إلى آخر بحثا عن أسماء المصابين وآخر المعلومات حولهم. وأمام مستشفى النصر احتشدوا وبدأوا جمع التبرعات.
الاتصالات الهاتفية والرسائل كانت مشوبة بالخوف والقلق، وتضاربت الأنباء وتناقضت المعلومات حول الضحايا.. لكن الحقيقة واضحة في تجلياتها واحدة في تداعياتها: أزهقت أرواح.. سفكت دماء.. والبقية تأتي.
طلاب المدارس طالهم شبح الخوف وهم في حجراتهم الدراسية بعدما ترامت إليهم الأنباء، سيما أولئك الذين يدرسون في مدارس قريبة من المستشفيات التي نقل إليها المصابون.
الطرقات تقطعت أوصالها، والمسافرون كان حظهم سيئا إذ تقطعت بهم السبل.
ليل الضالع هو الآخر بدا واجماً حزينا.. الطرق المقطوعة كانت في الليل أشد حلكة وأكثر وحشة. في ساعات الليل الأولى خرجنا نتقصى آخر الأخبار فيما الشوارع ينهشها الخوف. ألسنة النيران كانت تتصاعد في أسى، والدخان كان يبعث الرعب في أجواء المكان. وعندما وصلنا الى فرزة تعز والحبيلين الواقعة في حنوب الضالع، كان أحد سائقي الأجرة يقول بصوت يتيم: هيا تعز هيا... قيل له إن الطريق مقطوعة فسكت كأنما يداري حقيقة تنضح بالمرارة.