في مصر كان هناك طبيب "الغلابة"، اسمه محمد مشالي، كان بارعًا متميزًا في مجال الطب، اشتهر في تقديم الخدمات الطبية للفقراء والمحتاجين، كان مثالًا صادقًا للإنسانية.
وفي اليمن هناك طبيب "الغلابة" أيضًا، اسمه محمد فارع القدسي، هو بذات صفات الدكتور محمد مشالي، تجمعهما المهنة واحترام قدسيتها، وتجمعهما الإنسانية بأعلى صورها.

رحل الدكتور محمد مشالي في شهر يوليو من العام 2020، ورحل أمس 23/12/2025، الدكتور محمد فارع القدسي.
على مدى أكثر من أربعين سنة من مزاولته مهنة الطب، لم يفكر الدكتور محمد فارع القدسي بما في جيب المريض، فكل تفكيره كيف ينقذه ويمنحه السعادة والأمل، هو طبيب لا تاجر، عاش زاهدًا، نظيف الكف، جميل الروح، كثيف العطاء، منحازًا للفقراء، هو قصة عظيمة للنبل والإنسانية والرحمة والشهامة، لم تغيره ما أنتجته حرب داحس والغبراء في اليمن، ظل مؤمنًا بقداسة المهنة، وفيًا لقسمه الطبي.
رحل مديونًا فارغ الجيب، لأنه اختار طريقًا لا وجود لها في واقع اليوم، هو من زمن مختلف لا يشبه زمن اليوم، هو من زمن عنوانه الزهد والنزاهة والإنسانية.
الدكتور محمد فارع القدسي هو من ذلك النوع من الناس الذي يقال عنه "كان حضوره شفاء ويترك غيابه فراغًا لا يُملأ".
ترك رحيله عند كل من عرفه غصة في الحلق، ودمعة حائرة على باب العين، ووجعًا عميقًا في القلب.
نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة والجنة.