المتشكك باصرة وأوهام هادي والمبشرين!
أعادتني مقابلة اجراها الإعلامي المعروف وديع منصور مع السياسي والأكاديمي الراحل صالح باصرة إلى أجواء المرحلة الانتقالية (2012-2014) ونقاشاتها.
لا يظهر في المقطع الذي نقله لنا الزميل وديع تاريخ المقابلة لكني افترض - من حديث باصرة عن التقسيم الفيدرالي- انها اجريت في خريف 2013 وحينها كان اليمنيون خاضعين إلى "صناعة اجماع"، والكلمة العليا في اليمن كانت للمبشرين الذين تواروا الان في العواصم البعيدة من "الأرض الخراب"!
في الاراء التي يعرضها باصرة في المقابلة الكثير من الوجاهة وبعض التشكك في الصيغة التي بشر بها الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ومشايعوه في مؤتمر الحوار الوطني (مارس 2013- فبراير 2014)، فالإقليم الشرقي أو "اقليم حضرموت" الذي رأى مؤتمر الحوار (هادي والإصلاح اساسا) ان يتشكل من حضرموت وشبوه والمهرة وجزيرة سقطرى، لا يحقق الرضا، وبالتالي السعادة، لسكان هذه المحافظات بدءا بالمهرة المسكونة بالحساسيات تجاه الشقيقة الكبرى حضرموت، والحضارم الذين يتطيرون من القبيلة الشبوانية الكبرى (العوالق)، وهكذا.
وفي الاقليم الافتراضي عدن يبدي صالح باصرة اعتراضا جذريا لفكرة الاقليم (عدن، ابين، لحج، الضالع) لأنه ينسف فكرة عدن ك"سيتي ستيت" (المدينة الولاية) وهي الفكرة الملائمة لمدينة عدن وتاريخيتها.
ينتهي المقطع الذي نشره وديع منصور في عدن (منتهى اليمن)، لكنه يعيدنا، بعد حوالي 12 سنة، إلى "المستقبل" الذي مزقناه بترديد الأوهام بينما المسلحون يطوقون العاصمة من شمالها وشرقها حيث "نخبة الخراب" في منتجع موفينبيك!
الان (نوفمبر 2025) انتهت تماما طفرة التبشيرية التي ازدهرت في 2013 و 2014 بعد ان احرقت اليمن"حروب بني عوف" ومعها وثيقة "الحوار الوطني" المعبأة برطانات حواريي اليمن، الوثيقة التي آلت إلى محض بند منزوع الدسم في قرارات مجلس الامن والبيانات والاتفاقات المتتابعة منذ 2015، ينص على عودة المحتربين إلى حوار يستند إلى مرجعيات ثلاث هي الدستور اليمني وقرارات مجلس الامن ومخرجات الحوار الوطني.
يا للمآل البائس!
في 2013 اغلق التبشيريون المستقبل على خيار واحد، مستحيل التحقق. انعدمت البدائل امام اليمنيين فتصدر "الظلاميون" والمرتزقة المشهد في عقد الاحتراب اليمني.
عود على المتشكك الذي غادر دنيا اليمنيين في احلك أوقانها، صالح باصرة، على الباحثين عن بقعة ضوء في حلكة ليالي "الأرض الخراب"، يالانطلاق مما قاله عن التقسيم الاعتباطي بالاستفادة من خبرة سنوات الحرب التي علمت اليمنيين ان يتثبتوا من أمكنتهم على الأرض قبل التحليق وراء فراديس ستة في كوكب "موفنبيك"!
