تقرير أممي يحذر من تصاعد نفوذ الحوثيين ودعم إيران
            
                    مجلس الامن الدولي ـــ رويترز                
                        كشف تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني باليمن، عن صورة قاتمة للأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية في البلاد، محذرًا من استمرار توسع جماعة الحوثي وتعزيز نفوذها العسكري بدعم من إيران، واستمرارها في تهديد أمن الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب، إلى جانب انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان داخل مناطق سيطرتها.
وأوضح التقرير المقدم إلى مجلس الأمن الدولي منتصف أكتوبر الماضي، أن الجماعة الحوثية واصلت خلال الفترة من أغسطس 2024 إلى يوليو 2025 ترسيخ سلطتها السياسية والعسكرية على حساب مؤسسات الدولة الشرعية، ورفضها لأي حوار داخلي جاد أو تسوية شاملة.
 وأشار إلى أن الحوثيين يستخدمون شعار "المقاومة ضد إسرائيل" ذريعة لتجنيد مزيد من المقاتلين وتبرير توسيع سيطرتهم، مستفيدين من التوترات الإقليمية التي فجرتها الحرب في غزة.
 وأكد الفريق أن الحوثيين طوروا قدراتهم التقنية والعسكرية، بما في ذلك إنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، واستمرار حصولهم على إمدادات من الأسلحة والمكونات العسكرية عبر شبكات تهريب منظمة تربطهم بإيران ودول أخرى في المنطقة، في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح.
 وبيّن التقرير أن الجماعة كثّفت منذ أواخر عام 2023 هجماتها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مستهدفة سفنًا ترفع أعلام دول غربية أو يعتقد ارتباطها بإسرائيل، مؤكدًا أن هذه العمليات "أحدثت اضطرابًا كبيرًا في حركة التجارة العالمية ورفعت تكاليف النقل البحري بأكثر من 70%"، بعد أن اضطرت عشرات شركات الشحن لتحويل مساراتها نحو رأس الرجاء الصالح.
 كما أشار التقرير إلى أن الهجمات الحوثية أدت إلى أضرار جسيمة في عدد من السفن، وإلى مقتل وإصابة بحارة من جنسيات مختلفة، فيما واصلت الجماعة استخدام الزوارق المفخخة والطائرات المسيّرة وصواريخ الكروز في عملياتها.
 وأكد أن القوات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية نفّذت خلال النصف الأول من عام 2025 أكثر من ألف غارة جوية وصاروخية ضد مواقع حوثية في صنعاء والحديدة وصعدة، لكنها لم تفلح في إضعاف قدرة الجماعة على شن المزيد من الهجمات.
 الانتهاكات الإنسانية والقمع الداخلي
وتناول التقرير جانبًا واسعًا من الانتهاكات التي تمارسها الجماعة في مناطق سيطرتها، مشيرًا إلى استخدام الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وسجن المعارضين، إضافة إلى قمع الصحفيين والناشطين والمجتمع المدني.
 وأكد أن الحوثيين يحتجزون عشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بزعم ارتباطهم بـ"جهات أجنبية"، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.
 كما وثق التقرير استخدام الجماعة للأطفال في الجبهات القتالية، واستمرارها في تحويل المساعدات الإنسانية لتمويل أنشطتها العسكرية، إلى جانب فرض الضرائب غير القانونية والإتاوات على المواطنين والشركات والمساعدات الإنسانية.
 تدهور الاقتصاد
وفي الجانب الاقتصادي، أكد فريق الخبراء أن الوضع المالي والاقتصادي في اليمن يشهد انهيارًا متسارعًا، لافتًا إلى التفاوت في سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية بين صنعاء وعدن، وأشار إلى أن جماعة الحوثي تعتمد على شبكة واسعة من الإيرادات غير الرسمية تشمل الضرائب والجمارك والوقود والاتصالات، وأن جزءًا من هذه العائدات يُستخدم لتمويل العمليات العسكرية.
 وذكر التقرير أن استمرار سيطرة الحوثيين على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ومنعهم دخول إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن، أدى إلى تفاقم الانقسام المالي وزيادة معاناة المواطنين، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود والسلع الأساسية وانقطاع المرتبات عن الموظفين منذ سنوات.
 تأثيرات إقليمية
وحذر التقرير من أن استمرار الأنشطة الحوثية في البحر الأحمر والمناطق الحدودية يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي، وقد يتسبب في توسيع رقعة الصراع الإقليمي إذا لم يتم احتواؤه بسرعة.
 كما أشار إلى أن الانقسامات الداخلية في الحكومة الشرعية، واستمرار غياب التوافق السياسي، يعرقلان جهود الأمم المتحدة لاستئناف العملية السياسية التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ.
 وفي التوصيات الختامية للتقرير، أكد الفريق على ضرورة تشديد الرقابة على عمليات تهريب السلاح إلى اليمن، وتفعيل العقوبات الدولية بحق الأفراد والكيانات التي تساهم في تمويل الجماعات المسلحة، إضافة إلى الدعوة لتوحيد مؤسسات الدولة اليمنية المالية والعسكرية، ودعم جهود الأمم المتحدة لإحياء مفاوضات السلام.
 وأكد أن الحل في اليمن لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف، وموقفًا دوليًا موحدًا للضغط على الحوثيين لإنهاء انتهاكاتهم واحترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي.