صنعاء 19C امطار خفيفة

أوان الاقتصاد

ضمن كل المربعات التي توحلت بها أقدام من يديرون شؤون بلادنا، ظل اقتصاد بلادنا بعيدًا عن أي ملامسة حقيقية لأوجاعه، للتصدي لحالات الفشل الكلوي الكلي التي تعيشها جميع قطاعاته الخدمية والإنتاجية، زادها وبالًا استشراء مظاهر وتبعات اقتصاد حرب مدمّرة.

نحن الآن أمام مشهد اقتصادي أسوأ من السيئ، لا يسر خاطر أي مهتم بالشأن الاقتصادي، مما يدفعه ليخوض غمار محاولة علّها تجدي في استثارة من يهمهم حرج ظروف البلاد اقتصاديًا، وانعكاساتها السيئة على الناس معيشةً واستقرارًا.
أقول: حان أوان الاقتصاد، أي شدّ انتباه، أو لنقل: حثّ كل من يهمهم أمر الناس لإيلاء جهد أكبر للملف الاقتصادي، بغية تحقيق عدة أهداف مرتجاة.
أولًا: دعوة ذوي الاختصاص لضرورة التواصل لحثّ من تهمهم حياة الناس على عقد، ليس مجرد ورشة عمل اقتصادية، لكن توفير ظروف ملائمة لعقد مؤتمر اقتصادي وطني، شرط أن ينعقد داخل البلد: عدن، المكلا، تعز، مأرب... إلخ.
ثانيًا: التوافق على لجنة تحضيرية ممن تروق لهم هكذا فكرة.
ثالثًا: نحثّ الأحزاب السياسية وتكتّل الأحزاب لالتقاط هذه الفكرة وبلورتها، ليشعر الشارع الشعبي أن السياسة في خدمة الاقتصاد، متابعةً لقضايا الناس التي تم التعبير عنها بعيدًا عن أي دور ملموس للأحزاب.
رابعًا: تكرّس اللجنة التحضيرية إعداد وثيقة تتضمن العناوين التي يعالجها المؤتمر المنشود، وأهم العناوين التي نقترح تدارسها:

أ. حالة العجز والخلل الهيكلي بموازين الاقتصاد الوطني: الأسباب والمعالجات.

ب. دراسة تأثيرات حالة الحرب المستمرة لفترة طالت، وخلفت معها حالة اقتصاد حرب مصاب

بكل سوءات اقتصاد الحرب، من تشرذم وتبديد للموارد، وتمزيق وحدة السوق الوطني، وتسيد كل مظاهر ما تنتجه الحروب من عوامل فساد وتدمير، حيث يصاحب حالة تغوّل اقتصاد الحرب ظواهر الفساد وسيادة أساليب السوق السوداء والمضاربات، وإضعاف مكانة القرار المركزي الموحّد لتحل أدوات التمزيق وفرض الإتاوات والجبايات، مما يضعف مكانة ودور وموارد السلطة على مستوى المركز.
ج. قد يكون من المناسب، والمناسب جدًا، أن تلعب السلطات التشريعية دورًا في جهد كهذا، وهنا نرى ضرورة وجود دور — بلعبة الشيخين كما قال طه حسين — دورًا منشودًا، إن قيّض الله لفكرة كهذه أن ترى النور.
وأنا أقصد بالشيخين العزيزين رئيسي مجلسي النواب والشورى. أعتقد أن الأوان قد آن ليلمس الشارع الشعبي بأيدٍ لهم تتناول قضية من أهم قضايا تعتصر حياة شعبنا.
تاليًا سوف نتناول ما طبيعة السياسات المتوخّى التوافق عليها لرفعها لمن بيدهم القرار السياسي، فلا اقتصاد دونما سياسة، ولا اقتصاد سليم دونما سيادة ووحدة قرار سياسي.
وإلى اللقاء في الحلقة التالية من المقترح.

الكلمات الدلالية