صنعاء 19C امطار خفيفة

عدن ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية: فرصة استراتيجية لليمن

أطلقت الصين عام 2013 مبادرة «الحزام والطريق» (طريق الحرير الجديد)، وهي واحد من أكثر المشاريع العالمية طموحًا في القرن الحادي والعشرين. تستهدف المبادرة تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي العالمي عبر تمويل واسع النطاق لإعادة تأهيل الموانئ والطرق والبنى التحتية وإقامة مناطق صناعية وتجارية تمتد عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا. ويكتسب اليمن -ومدينة عدن على وجه الخصوص- مكانة محورية في المسار البحري للمبادرة بحكم موقعه الاستراتيجي المطل على باب المندب وقربه من قناة السويس.

أهمية ميناء عدن

تقع مدينة عدن على خليج عدن، وعلى مقربة من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ما يجعلها صلة وصل طبيعية بين المحيط الهندي والبحر الأحمر وقناة السويس وصولًا إلى البحر المتوسط. هذا الموقع يمنح عدن مؤهلات فريدة لتكون مركزًا لوجستيًا وبحريًا رئيسيًا على «طريق الحرير البحري». ويعزّز التاريخ العريق لميناء عدن هذه الإمكانية، إذ كان محطة عالمية معروفة، وقادرًا -في حال توافر الظروف المناسبة- على استعادة دوره كميناء إقليمي ودولي مهم.

فرص التنمية عبر المبادرة

قد يفتح استقرار الأوضاع السياسية وانضمام اليمن رسميًا إلى مبادرة «الحزام والطريق» الباب أمام استثمارات حيوية لإعادة بناء وتحديث ميناء عدن، وتطوير شبكات الطرق، وإقامة مناطق صناعية. ومن شأن ذلك توفير فرص عمل واسعة، ونقل خبرات وتقنيات في تشغيل الموانئ والخدمات اللوجستية والتصنيع. كما يمكن أن تعزز الروابط البحرية زيادة حركة التجارة عبر عدن بما يعود بالنفع على الاقتصاد اليمني وشركائه التجاريين، مع فرص لربط عدن بممرات اقتصادية كبرى -على غرار الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني- وبشبكات خليجية وإفريقية متنامية.

التحديات والحاجة إلى مسار إصلاحي

على الرغم من المزايا الطبيعية والاستراتيجية التي حبا الله بها اليمن وعدن، تواجه البلاد تحديات جسيمة تعيق الاستثمار طويل الأمد، في مقدمتها عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة، إلى جانب المخاوف الأمنية في منطقة باب المندب. كما تمثل هشاشة العمل المؤسسي وضعف الكفاءات الإدارية عقبة أمام حسن إدارة المشاريع الكبرى واستدامتها.

توصيات عملية

لتحويل عدن إلى بوابة رئيسية للتجارة العالمية على طريق الحرير الجديد، ينبغي العمل على:
- ترسيخ الأمن وسيادة القانون والحكم الرشيد.
- سنّ قوانين واضحة ومحفِّزة وتبسيط الإجراءات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
- بناء شراكات ثلاثية بين اليمن والصين ودول مجلس التعاون -خصوصًا المملكة العربية السعودية- لتأهيل وتشغيل البنية التحتية واللوجستية وفق معايير حديثة.

خلاصة

تمتلك عدن إمكانات كبيرة تؤهلها لتكون نقطة استراتيجية على «الحزام والطريق». ومع إدارة كفؤة، وتعاون إقليمي، واستثمار دولي مدروس، يمكن تحويل المدينة إلى مركز لوجستي مزدهر يرفد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن على المدى القريب والبعيد.

الكلمات الدلالية