صنعاء 19C امطار خفيفة

تحية للمدينة العظيمة تعز

تعز -بحق- مدينة التمدن اليمني. فَرِيف تعز -في الأغلب الأعم- ريف متمدن. عرف ريف تعز التعليم الحديث في العديد من مناطقها في: التربة، والأغابرة والأعروق، والأعبوس، والقبيطة- في النصف من القرن الماضي. وكان لانتشار التصوف دور مهم في المدينة وريفها. وأثر الدولة الرسولية كبير في نشر المعرفة والثقافة والحرف والمهن والأدب في هذه المدينة. كما أنَّ الحميني امتد إلى مختلف مناطق اليمن في زبيد، وتعز، ووصل إلى شهارة وصنعاء وعدن، وانتشر تأثيره في شبه الجزيرة العربية.

في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كانت تعز ريفًا لمدينة عدن، ثم حلت محل عدن كحاضنة لثوار 26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963.
من ستينيات القرن الماضي أصبحت تعز بؤرة الثورة اليمنية: سبتمبر، وأكتوبر. كان يطلق عليها في ذلك الحين بيروت. فهي موئل الأحزاب السياسية الماركسية، والقومية، والإسلامية. وهي بيت الحركة النقابية العمالية السِّرِّية؛ وهي المركز الأهم للحركة والنشاط التجاري، وتزود المدينة شقيقاتها من المحافظات اليمنية وحتى السعودية والخليج، باليد العاملة، والمهارات، والحرف الفنية.
دفعت تعز -وتدفع- ثمن الدفاع عن الثورة شمالًا وجنوبًا. حضورها -كشقيقتها حضرموت- بارز في الهجرة. ومردود هذه الهجرة عظيم. فالهجرة -كما هي وكما قرأها الأديب القاص والروائي علي محمد عبده، وكما رآها المهاجر الرائد علوان سعيد الشيباني، وجسدتها أعمال رائد القصة القصيرة محمد عبدالولي- هجرة تعز وغيرها من المدن اليمنية: يافع، وأبين، ورداع، هي التي وضعت أسس قيم الحداثة والتنمية والبناء، وأسهمت في التحضير للثورة الوطنية 1962، و1963.
كما لعبت هجرة حضرموت في التأسيس للحداثة والتنمية والبناء في عموم شبه الجزيرة العربية، وأسست للصحافة والأدب والثقافة.
كانت تعز المدينة المبادرة لرفع شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، وتردد الصدى -صدى الربيع العربي- في كل اليمن.
أليسَ فَاجعًا أنَّ الداعي الأول للخروج إلى الشارع: أيوب الصالحي، ورفيقه أكرم حميد، مازالا مختطفين ومخفيين قسريًّا حتى الآن؟!
إنَّ الذين اختطفوا ثورة الربيع العربي و«ملشنوا» سلميتها، وحولوا طبيعتها الديمقراطية إلى عمل إرهابي، واغتيالات سياسية، وعمل عصبوي ضدًا على الثورة الوطنية: سبتمبر، وأكتوبر، والوحدة السلمية، وثورة الربيع العربي، لايزالون هم الفاعلين في هذه المدينة.
مقتل الشهيدة العظيمة افتهان المشهري ثمرة كريهة لاختطاف الثورة ومسخ الربيع العربي في اليمن، ودليل على تسلط مليشيات معادية للشعب وللحرية والديمقراطية والعدل وللوحدة والربيع.
إنَّ المطالبة بالإفراج عن المختطفين، والمعتقلين السياسيين، والمخفيين قسريًّا، والكشف عن أعمال الاغتيال، وجرائم القتل، مسؤولية الجميع.
ويأتي في المقدمة الكشف عن اغتيال رائدة العمل المدني الشهيدة افتهان المشهري؛ وهي مسؤولية كل مواطني ومواطنات تعز، ومسؤولية الشرعية احترام واجبها في حماية الأرواح والقبض على عصابات الاختطاف والإخفاء القسري والقتل.
وأولًا وأخيرًا كشف الحقيقة عن طبيعة قتل الشهيدة العظيمة افتهان المشهري، ورد الاعتبار لمدينة المدنية تعز العز، ولليمن كلها.

الكلمات الدلالية