من شابه أخاه!
من شابه أخاه فما ظلم.
وعلى خطاه سار واهتدى بحكمته، وأطلع عين الشمس على قدرته المتوارية حول تدوير الكلمات والجمل لتبدو مبهرة تثير عند المستمع الإعجاب والاستحسان، لكنه إن أمعن القراءة ليرى جديدًا يضع معالم خطاب يتعامل مع مخاطر التحديات الماثلة، لن يجد بين طيات الكلام إلا تنميطًا للكلام لف ودوران تحت مفاهيم واقعية السياسة التي تدرك أين تضع قدميها ومتى تدس أنفها المصابة بانعدام حالة الشم بما تقذفه المخاطر من أهواء وأجواء وممارسات على أرض الواقع، ليس فقط تنذر بخطر وشيك، بل إن الواقع يشي بمخاطر تنتهك الوجود ذاته للأخ والشقيق. هكذا كانت مجريات ومخرجات مؤتمر قمة الدوحة التي حسبنا لها حسابًا، وقلنا نطمئن النفس أتاك الفرج يا أمة العرب والإسلام، فها هم قيادته يتقاطرون لتطأ أقدام حرمة الدوحة التي تمثلت وسيطًا للسلام من قبل من لا يعير السلام اهتمامًا، لكنه يركع للقوة ولابتسامات كذيبات مسوق الصفقات، وقد أخذ مقدمًا مالًا وفيرًا، وفر بطائرة جادت له بها السماء.
قمة الدوحة كانت ولم تكن. كانت مظهرًا لحشد، تقاطرًا لخطابات حاسمة أخطرها على الإطلاق خطاب الثواني المعدودات لشرع دمشق الحزينة الحزين.
مولد سيد الدوحة كان وصار وطار تأثيره بعيد إقلاع عودة أصحاب الجلالة والفخامة والمقالة، وغزة ماتزال وحيدة تدفع الثمن، تباد رغمًا عن عين الحسود عربًا ومسلمين، إذ إن تأثير قرارات قمة الدوحة طارت في الهواء مثلما طارت طائراتهم تعود بهم لأراضيهم سالمين غانمين.
على ذات المحتوى والاتجاه، فاجأتنا الأحداث الجسام ببلادنا المتشظية المكلومة، بخاصة بعيد أن وصل نفس الوطن إلى الحلقوم، معه بات الشعب الناس البلد ينتظر متى تزهق الروح، ويحصل الانفجار... بعيد كريسماس إصدار قرار التعيينات الجسام، قرارات أوصلت حياة ومستقبل البلد إلى الحلقوم.
وكعادة العرب وسادة الحرب داخل مربعات الوطن، تتحرك الوساطات لتهدأ حالة من روع استقرار البلد المنهك المتشظي، وشعبه الفقير. حدث شيء شبيه بمنطوق عنوان مقالنا، من شابه أخاه فما ظلم.
فجأة، وبعيد مماحكات قاتلة، جاءك الفرج يا بلد، والتقى الجمع المختلف لدى ضيافة الحليف تحت مفهموم اصلح أصلحك الله.. لمَ الخلاف...؟ شغمة قرارات تكاد تودي بالبلد إلى الجحيم...
وهكذا تم التوافق والوفاق بين إخوة يوسف الذين ظلوا من حين تم تنصيبهم يتصارعون على عنوان المكانة والوجاهة، ظلوا طيلة السنوات الثلاث يلعبون بالخفاء على بعضهم البعض، ظلوا يتصارعون لكل شيخ طريقته كل له بالسر مشروعه الخاص، وفي العلن يعلنون بوجه بشوش ما لم يحدث أثرًا جميلًا على حياة الناس... ظلوا علانية خفية يتصارعون.. لعبة صراع الجبابرة... إنه صراع أشبه بصراع جبابرة روما، ويا ليتهم كانوا كذلك، بل كانوا أشباحًا أشبه بصراعات جبابرة روما ضد عمالقة زيوس كما تقول الأساطير الإغريقية.
الإخوة الكرام التقوا بالرياض والبلد تطحنه وتسحقه المآسي، وليس آخرها اغتيال افتهان الوطن.
وطن جريح، كان مازال بحاجة إلى:
- خطة متكاملة لإنهاء الانقلاب ضد الدولة.
- توحيد قوة وإمكانات القوات المسلحة وقوى الأمن.
- دعم حقيقي لمسيرة الإصلاح الشامل سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
لكن على طريقة قمة الدوحة انبثق الهلال، واجتمع الفرقاء، وكانت الطامة الكبرى التي جمعتهم مسرحية التعيينات، ومن أجلها فقط التقوا، وانفض السامر، وعهد للجنة حكماء من بينهم كي يغربلوا ملفات التعيينات.
يا سادة، التعيينات ليست بيت الداء. بيت الداء كامن بكل ما سمح ويسمح لعنوان التعيينات بأن يمثل العنوان الأبرز الذي من أجله فقط التقى إخوة يوسف وجبابرة روما المندثرون، غير آبهين بما هو أهم من ذلك بكثير.
خذوا التعيينات، وارحلوا، واتركوا الوطن لمن حقيقة يهمهم ما هو أبعد من ملفات تعيينات الأبناء والأهل وذوي القربي، ومن هم في سلك الإعاشات متعلقون متملقون.