صنعاء 19C امطار خفيفة

حول شراكة دعم خفر السواحل اليمنية

جميل أن تستضيف العاصمة السعودية الرياض لقاء أو مؤتمرًا برعاية المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، شارك فيه ممثلو أكثر من 35 دولة -وفقًا للخبر الرسمي المنشور- تم خلاله "إطلاق" ما وُصِفَ بـ"الشراكة الدولية للأمن البحري في اليمن"، من أجل تعزيز الأمن البحري في الممرات المائية الحيوية. حيث شهد اللقاء تعهدات بملايين الدولارات لتمويل "الشراكة" في المرحلة الأولى من التمويل الدولي، المخصص لإعادة بناء القدرات المدنية لخفر السواحل اليمنية، والتي تشمل التدريب والمعدات والدعم المؤسسي ضمن استراتيجية شاملة تمتد عشر سنوات.

ووفقًا للخبر الرسمي فستركز ‎"الشراكة" على مواجهة التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر في الممرات البحرية اليمنية الحيوية، بما يعزز الاستقرار الإقليمي، ويحمي طرق التجارة الدولية.
إلى هنا والخبر قد يكون مبشرًا، ويبعث على الأمل، لكن الملفت للنظر تصريح سفير الشقيقة الكبرى لدى اليمن محمد آل جابر، أن المؤتمر جاء تأكيدًا للأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر على المستويين الإقليمي والدولي، وقوله إنه "انطلاقًا من هذه الأهمية، تؤكد المملكة حرصها الثابت على أمن وسلامة هذه المنطقة الحيوية، وضمان حرية الملاحة فيها، بوصفها شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية ومحورًا أساسيًا يربط شعوب العالم، ويعزز مصالحها المشتركة".
السفير آل جابر استطرد قائلًا: "انطلاقًا من أواصر الأخوة التاريخية والعلاقات الراسخة التي تجمع المملكة العربية السعودية، والجمهورية اليمنية الشقيقة، تسعى الرياض بدأب لدعم الحكومة اليمنية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والإنسانية، بما في ذلك بناء قدراتها وتعزيز كفاءتها، وبما يعزز استقرارها وازدهارها، ويحقق تطلعات شعبها الكريم".
وهنا يبدو أن السفير الشقيق فاته أن الجمهورية اليمنية والدولة اليمنية تعاني منذ 2015 من حالة انقسام في سلطاتها ووضع اللاحرب واللاسلم، وأن الصراع على حكم اليمن مستمر منذ 2014، ويقف عائقًا أمام الدعم المتكامل للشعب اليمني وللجمهورية اليمنية في مختلف القطاعات الحيوية! فات السفير المحترم أن ما قدمته وتقدمه الشقيقة الكبرى منذ 2015 كان دعمًا لأحد أطراف الصراع في الجمهورية، وبموازنة خرافية بلغت مليارات الدولارات، وأن المشاريع والمبادرات التنموية التي تمت عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والتي تمت في ثمانية قطاعات حيوية -كما ورد في تصريحه- تمت في بعض وليس جميع أو مختلف المحافظات اليمنية! أما أعلنه عن تقديم مبلغ 4,000,000 دولار أميركي دعمًا إضافيًا لقوات خفر السواحل اليمنية"، فيثير الدهشة بالفعل، بخاصة وهو يدرك جيدًا أن خفر السواحل اليمنية -التي تحدث عنها وحضر مندوبها اللقاء المذكور- لا تسيطر على كل السواحل اليمنية!
ومع كل ذلك، ألم يكن الأولى بسفيرة المملكة المتحدة وسفير الشقيقة الكبرى، ومن حضروا اللقاء/ المؤتمر، أن يجتمعوا للإعلان عن شراكة من أجل حل أزمة اليمن العبثية، ووضع حد للصراع على حكمه، ولمعاناة ملايين اليمنيين النازحين داخل اليمن أو المشردين في دول الشتات، ثم من أجل تحقيق الأمن العام في عموم اليمن، ولدعم وتعزيز قدرات الجيش والشعب اليمني، وتمكينه من مراقبة وحماية الحدود البحرية والبرية والجوية للجمهورية اليمنية، بما يسهم في تعزيز الاستقرار، وتوسيع الفرص الاقتصادية لكل اليمن، وحماية الشعب بأسره؟
ذلك أن تثبيت وضع الانقسام الراهن، غير مفيد لليمن ولا لليمنيين ولا للدول المجاورة أو المجتمع الدولي، ولن يضمن حماية أمن واستقرار اليمن وحدوده وموانئه البحرية، ولن يسهم سوى في استمرار حالة القلق والتوتر في شبه جزيرة العرب.

الكلمات الدلالية