يكفيني

يكفيني أن أجلس على
ساحل بحرٍ لا يعرفني
فيه أحد،
وفي يدي صنّارتي،
أصطاد بها الصمت قبل
السمك.
أن أحمل في جيبي
ذكرى ممن أحب،
أمرّرها بين أصابعي
كلما طالني النسيان.
أن تمرّ نسمةٌ،
وتُسقط ورقةً صفراءَ
على كتفي، لأزداد ألقًا،
ألا أرى الابتسامات
الكاذبة،
بل أراها تنبع من القلب،
صافيةً كالمطر، دون
أقنعة.
يكفيني ابتسامة من
طفلٍ صغير،
أو نظرة حنونة من
والديّ،
أن أسمع صوت الطيور
دون ضوضاء من حولي،
أن أحلق معها عاليًا.
أن أكتب سطرًا في دفترٍ
قديم،
ثم أنساه،
وأقرأه بعد عام،
فأضحك وحدي،
كأنني ألتقي بنفسي من
جديد.
أن أُحضّر قهوتي ببطء،
وأراقب البخار وهو
يصعد،
كما كنت أفعل صغيرًا
بقرب جدّتي.
أن أكون بسيطًا،
كما كنتُ قبل أن يُثقلني
التفكير،
قبل أن تُرهقني الأسئلة،
وتُربكني الإجابات.
أن أُغلق الباب برفق،
وأسمع صوته، ثم أضحك
بلهو،
كما كنت أفعل عندما
كنت صغيرًا.
أن أُطفئ النور،
وأترك الليل يهمس لي،
كأنني طفلٌ، ينام على
صوت حكايةٍ تُروى له
بحب.
أن أبقى كما أنا، طفلًا
صغيرًا في داخلي،
وأن نشيخ معًا،
كما وعدتك،
بلا هرمٍ مني.
يكفيني أن أتنفس بعمق،
وأشكر ربي،
لأن قلبي مازال يحب،
يحب بعمق،
رغم كل ما مرّ بي.