صنعاء 19C امطار خفيفة

خطبة الجمعة

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.

خطبة جمعتنا هذه نخاطب فيها المتسلطين، فنقول لهم:

أيها المتسلطون:

اتقوا الله في شعبكم، فقد بلغ التفاوت الطبقي في اليمن حدًّا مخيفًا؛
أغنياء يتنعمون بل يعبثون بالأموال عبثًا مستفزًا،
وفقراء يتضوّرون جوعًا، يتسولون العلاج والتعليم، ويكافحون للبقاء على قيد الحياة!
إن اختلال موازين العدالة، واحتكار الثروة، وغياب تكافؤ الفرص، بات خطرًا على تماسك المجتمع، وسببًا في بث الكراهية بين الناس، وأنتم السبب!
أين أنتم من عدل عمر بن الخطاب الذي قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لأخذت من أغنيائكم وأعطيت فقراءكم"؟
وأين أنتم من حزم علي بن أبي طالب الذي قال: "لأردنّ أموالهم إلى بيت مال المسلمين، وإن شُري بها الإمام وتزوج بها النساء"؟
أولئك هم القادة الذين فهموا أن العدل أساس الحكم، وأن الفقر لم يوجد إلا حين استأثر الغني بما ليس له!
وهم القادة الذين يستحقون الإجلال والطاعة والموالاة والولاية!
يقول الله تعالى:
﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ...﴾ (البقرة: 188)،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"المسلمون شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار".
لكننا اليوم نرى من المتسلطين وقاحة الاحتكار والتسلط، والاستحواذ على مقدرات الشعب باسم القانون تارةً، وبأسماء ما أنزل الله بها من سلطان في أحيان كثيرة،
ونشهد بأم أعيننا سوآتهم وهم يبيعون حقوق الشعب ويتاجرون بمعاناته في أسواق السياسة تخزاهم الله.
أيها المسلمون:
إن ما نراه اليوم من ازدياد في الجرائم الأسرية، والمجتمعية في اليمن، هو نتيجة حتمية لهذا الظلم والانفلات؛
جرائم قتل بشعة مأساوية تتكرر في البيوت والأسواق والطرقات، وتكشف حجم الجحيم، والخلل الأخلاقي، والاجتماعي المهول الذي حل بمجتمعنا اليوم، والمتسلطون هم الذين أوصلونا إليه، وفَعّلوا أسبابه بفسادهم، فزادوا من مساحة الفقر، والبطالة، وانتشار الفساد، وشجعوا على تفشي حمل السلاح، وعلى انحدار التعليم، وعلى الإدمان، وأسهموا في ارتفاع الأسعار، وقطعوا الرواتب، وتبنوا الحرب العبثية كمشاريع ثراء فاحش لهم ولأعوانهم، وأفقدوا عند الناس الأمل!
عباد الله:
لن ننجو إلا بإرادة جامعة تنهي الحرب، وتبني دولة العدل والقانون، وتؤمن بالمواطنة المتساوية، وتعيد للشعب كرامته.
وندعو من منبرنا هذا كل الأطراف إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم الدينية والوطنية والأخلاقية:
- بمكافحة الفساد بدل التحالف معه،
- وصرف الرواتب بدل التلاعب بها،
- ووقف الحرب بدل المتاجرة بها،
- وتعليم الناس لا تجهيلهم،
- وبث التعايش لا الكراهية -كفى ما مضى، فقد دفع الشعب ثمنًا باهظًا.
- آن له أن يحيا بأمن وكرامة!
هذا وصلّوا وسلموا على نبي الرحمة، من بعثه الله هاديًا ومصلحًا، محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، الذي أمر بالعدل ونهى عن الظلم، والصلاة والسلام على من قال:
"من مشى مع ظالم وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الإسلام".
أيها الناس،
إن من أخطر ما يفاقم الأزمات، سكوت النخب وتواطؤ المثقفين والخطباء والإعلاميين مع الطغاة. فمن باع صوته وضميره، فلن يبرّره التاريخ، ولن تنفعه المناصب.
على هؤلاء أن يتوبوا، ويسارعوا في ترميم وطنيتهم بالعودة إلى صف الوطن، وأن يسارعوا فورًا لاسترداد شهامتهم، بأن يكونوا صوتًا للحق لا بوقًا للسلطة، وأن يكونوا أحرارًا فلا يزينوا الباطل، ولا يسكتوا عن الظلم، ولا يساوموا على كرامتهم!
اللهم أصلح أحوال اليمن، واجمع شمل أهله، واكشف غمته، وانصر المظلومين، واخذل الظالمين، ووفق كل مصلح ومخلص.
اللهم كن مع أهل غزة فثبّتهم، وانصرهم، وفكّ حصارهم، واشف جرحاهم، وارحم شهداءهم.
أيها المؤمنون:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
بارك الله جمعتكم وسائر أيامكم.
وأقم الصلاة.

الكلمات الدلالية