صنعاء 19C امطار خفيفة

استقالة العولقي.. رسالة أخرى عن فساد متغوّل

قدّم الشاب سالم ثابت العولقي استقالته من منصب مدير مصلحة أراضي وعقارات الدولة بعد بضعة أشهر فقط من تكليفه، رغم أنه جاء إلى الموقع بترشيح من المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو عضو في هيئته الرئاسية. استقالة كهذه لا يمكن قراءتها كحادث إداري عابر، بل كإشارة جديدة على أن الفساد ما يزال أعمق من كل محاولات الإصلاح الفردية.

العولقي، الذي حاول أن يفتح نافذة للتغيير في واحدة من أكثر المصالح فسادًا، وجد نفسه محاصرًا من منظومة مترسخة لها أذرع ومصالح وأتباع. بدلًا من أن يقف الانتقالي مع مرشحه الذي جاء ليحارب العبث، وُضع في مواجهة مفتوحة عطّلت قراراته وأفشلت مساعيه.
الاستقالة حق طبيعي لأي مسؤول، لكنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة الإرادة السياسية في مواجهة الفساد. كان الأجدر أن يسمّي العولقي –بشجاعة– من وقف في وجه إصلاحاته، ومن سعى لإفشاله، حتى يعرف الرأي العام من الذي يعطّل الدولة، ومن الذي يتاجر بآلام الناس.
الحقيقة المؤلمة أن الحرب في اليمن طالت، ليس فقط بفعل انقلاب الحوثيين، بل أيضًا بفعل فساد ينخر في جسد الشرعية، حيث يجد بعض المتنفذين في استمرارها فرصة للثراء والنهب، لا لاستعادة الدولة. والتضحيات التي قدّمها اليمنيون لم تكن ليبقى الفاسدون يتلاعبون بمقدراتهم.
إن أول النصر لن يتحقق إلا بخلق نموذج نزيه في إدارة الدولة، يبدأ من المؤسسات الأكثر فسادًا مثل مصلحة الأراضي. دعم مثل هذه الخطوات هو الطريق الأقصر للانتصار الحقيقي، أمّا المراوحة في مربع الفساد فلن تثمر إلا حربًا أطول و"تُجّار حرب" أكثر ثراءً، فيما يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر.
ما يزال هناك بصيص أمل أن يعيد المجلس الانتقالي حساباته، فيقف مع مرشحه ويدعمه في معركة الإصلاح بدلًا من أن يخذله. فهذا القطاع لم يكن بوابة للنهب من اليوم، بل منذ عقود، وما لم يُعالج الآن فلن تقوم للدولة قائمة.

الكلمات الدلالية