جدل واسع حول «كشوفات الإعاشة» يعود إلى الواجهة

عاد ملف ما يُعرف بـ«كشوفات الإعاشة» إلى واجهة النقاش العام بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، متصدّراً منصات فيسبوك وإكس خلال الأسبوع الجاري. الجدل المحتدم ارتبط بما يصفه منتقدون بـ«العبث بأموال الدولة»، إذ تُصرف ملايين الدولارات شهرياً لصالح شخصيات سياسية وإعلامية تقيم خارج اليمن، في وقت يعاني فيه موظفون مدنيون وعسكريون داخل البلاد من تأخر صرف مرتباتهم لأشهر طويلة.
إحياء القضية جاء عقب تسريبات عن خلافات بين رئيس الوزراء سالم بن بريك وأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي حول تغطية نفقات المسؤولين والإعلاميين المقيمين في الخارج منذ انقلاب الحوثيين عام 2015. ويرى مراقبون أن موقف بن بريك يرتبط بمساعيه لتنفيذ إصلاحات اقتصادية لتحسين وضع الريال اليمني.
الوثيقة التي أعادت الجدل للواجهة سبق أن نشرها الناشط عبدالقادر الخراز عام 2021، وتضم أسماء وزراء ونواب وزعماء قبليين وإعلاميين، قالت إنها يتلقون ما يقارب 11 مليون دولار شهرياً من خزينة الدولة، يتم تحويلها إلى حساباتهم خارج البلاد. إعادة تداولها تزامنت مع منشور للصحفي فتحي بن لزرق، كشف فيه أن المبلغ ذاته تم صرفه الأحد الماضي تحت بند «الإعاشة الشهرية»، معتبراً أن استمرار هذه التحويلات «فضيحة في ظل جوع الموظفين».
الانقسام الشعبي كان واضحاً؛ فبينما طالب كثيرون بوقف الصرف فوراً حتى يعود المستفيدون إلى اليمن، رأى آخرون أن المطلوب «تصحيح الكشوفات» لضمان وصول المبالغ إلى مستحقيها فقط. في المقابل، اعتبر محامون وناشطون - بينهم محمد المسوري المقيم خارج اليمن - أن الهجوم على «الإعاشة» مؤامرة حوثية، مشيرين إلى أن ما يُصرف لا يتجاوز أربعة ملايين دولار شهرياً، وهو حق للمسؤولين الذين فقدوا ممتلكاتهم داخل اليمن ويواصلون دعم الشرعية من الخارج.
لكن ناشطين آخرين، مثل رشيد الأنسي، أكدوا أن الكشوفات تضم أسماء ثرية وأخرى تحصل على أموال من أكثر من جهة، بينها دول في التحالف، إضافة إلى أسماء أطفال ولاجئين ما زالوا ضمن المستفيدين. فيما نفى صحفيون مقيمون بالخارج، مثل رياض الدبعي، صحة وثائق يتم تداولها بشأن أسمائهم، واعتبروها «مزورة بالكامل».
الجدل المستمر يعكس أزمة أعمق تتعلق بالشفافية وإدارة المال العام في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والإنسانية في العالم.