صنعاء 19C امطار خفيفة

طفل زبيد

ارجع يا بني،
الحياة ليست قوارير تُباع،
والمدينة ليست حضنًا،
والدتك تستيقظ كل فجر،
تُعد لك الخبز، وتُصلي، وتنتظرك عند الباب،
والدك ما زال يُصلح باب الحوش،
ويُخبر الجيران أنك ستعود قريبًا.
وأختك الصغيرة، ما زالت تنادي باسمك كل صباح،
منذ رحلت، لم يعد أحد يضحك.
أولاد الحي ما زالوا يلعبون قرب الحوش،
يتركون لك مكانًا بينهم،
كأنهم يظنون أنك ستعود في أي لحظة.
مدرستك لم تُغلق،
والدفتر ما زال ينتظر قلمك،
والكرسي الخشبي ما زال يحتفظ باسمك محفورًا عليه.
ماذا وجدت هنا؟
علب فارغة، ووجوه لا تعرف اسمك،
ولا تعرف زبيد.
أنت ابن الوادي، ابن زبيد،
ولعلك لا تعرف زبيد،
زبيد العلم، زبيد الحضارة،
زبيد المنارات العالية.
هذه الأرصفة لا تُشبهك،
ولا تحفظ خطاك،
ولا تسأل عنك حين تغيب.
أرصفة قاسية، باردة،
وجسمك الصغير لن يتحملها.
قد أثقل ظهرك الحمل الثقيل،
انظر لقدميك العاريتين، وثيابك الرثة، لن يرحموك،
لا تكابر دموعك التي تذرفها وحيدا عرفناها،
ارجع، لا تخف الحاجة،
فالحب هناك يكفيك.
فما أجملك بسمرتك التي تشبه تراب الوادي،
في ظل شجرة المانجو، وفي حضن أمك،
وفي صوت معلمك يقول لك: ارجع.
لم ننسك يا صغيري،
ما زال كل شيء كما تركته:
ألعابك، والدفتر، والضحكة التي غابت معك.
وحتى الإكليل الذي صنعته من زهور الحوش،
ما زال يابسًا على رفّ النافذة، ينتظرك.
وإن عدت، لن نسألك لماذا غبت...

الكلمات الدلالية