صنعاء 19C امطار خفيفة

الكلام الذي نخاف عليه ولا نخاف منه

 قد يعتبر بَعضُهُمْ النَّقدَ قَاسيًا، وقد يراهُ آخرونَ فَضًّا أو جَارِحًا، لكنْ لا بَأسَ بِهِ، إنْ قُصِدَ بِهِ التَّصحِيح أو التَّقويم والتُّوضيح.

 
في حقيقة الأمر أشْعُرُ مِنْ أعماق قلبي بتقدير واعتزاز لأستاذتنا الدكتورة الناقدة الساردة الأكاديمية آمنة يوسف. فهي ابنة بلدتي. هذا أولاً.
 
وَثانيًا أنَّ الدكتورة آمنة، وَبِمَا تَتحلى بِهِ مِنْ خُلق رفيع، وأدبٍ جَمّ، وتواضعٍ كبير، لَمْ تَسلمْ، مع ذلك، مِنْ الأذية بخصم مرتبها الذي تقتات منه، وتحاول أنْ تَسُدَّ رَمَقها بِه؛ حتَّى تَنهضَ بِأعباء كُلِّ الضرورات التي تواجهها في هذا الوقت العصيب الذي لا يَمتُّ للإنسانية بأيِّ صلة.
 (آمنة يوسف (منصه التواصل
استمعتْ للأبيات الغنائية التي كتبتها الدكتورة الفاضلة آمنة يوسف، وَغَنَّاهَا الأستاذ الموسيقار أحمد فتحي، وكم أدهشتني هذه الصُورة البليغة، وهذا الجمال البديع في قولها: (سَأغنِّي وأقُولُ الصُّبحُ مِنِّي).
 
وإذا كَانَ الصَّباحُ بِكِّلِ جَمالهِ الفَاتن، وَنَسيمهِ الطَّري، وإشراقتهِ الدَّافِئة، تَولَّدَ عَن هذه الشاعرة المبدعة، وَانبلجَ منها؛ فأيُّ مدعاةٍ لليأس والقنوط أو الشعور بالضياع واللا جدوى؟! فهي أمُّ الصباح- الأمل المنشود لِكُلِّ مَنْ طَالَ بِهِ السَّهَر، أو تَمَادى بِهِ السُّرَى، وَكَابدَ مَشقَّةَ وَعَنَاءَ الَّليل أو السَّفَر الطويل.
 

وتبقى بَعضُ الملاحظات؛ وهي:

 
· (سأغني رُغمَ آلامي وأحلامي وحزني).
 
فالإنسان لا يغني ضِدًّا على أحلامهِ؛ إنما يغني ضِدًّا على أوجَاعه ومآسيه. فأحلامنا هي ما تجعلنا نُغنِّي ونشدو؛ أملاً في غَدٍ أفضل، وحياةٍ أكثرَ هَناءً وَسَعادةً واستقرارًا.
 
· (رغم هذا الحال والأحوال والموَّال...).
 
أظنّ ألَّا فرق بين (هذا الحال) أو (هذهِ الأحوال). فإذا كانت الإشارة لِكُلِّ مَا يَجري؛ فَيكفِي «هَذَا الحَال»؛ إذْ لَنْ يُضيفَ الجمعُ على المفردِ أيَّ مَعنىً جَديِد.
 
وقد نبهني بعضهم أنها قد تشير لحالة مَعيَّنَة خَصتَّها بذلك؛ فَعَلى هذا تختلف الحالتان.
 
أمَّا «المَّوال»: فهو الأغنية الشعبية؛ فَلا يَستقيم ذِكره في سياق هذه الحالة المريرة التي تعيشها وَتَصطَلِي بِنَارِها الشَّاعرة المُرهَفَة، وإن كانَ بعضُ العامة يصف بِهِ الشيءَ الذي يطلبه الشخص المزعج بتكرار وإلحاح يبعث على التَّبرُّم والضَّجَر.
 
(سَأمحو ذِكرَياتِ الأمس مِنْ نَفْسِي وَمِنِّي!)
 
لَا فَرقَ بينَ أنْ تُمحَى هذه الذكريات مِنك أو أنْ تمحى مِنْ نفسك.
 
وَلِمَ تمحينَ ذكرياتِ الأمس، وَلَطالمَا ظَلَّتْ الذِّكريَات هي أفضل ما يعيشهُ الإنسان بَعدَ انقضاءِ بَهجَها؟!
 
مَا يَستحقُّ أنْ يُمحَى هو الكوابيس لا الذِّكريَات.
 
أظنَّ أنَّ الذكريات في سياق تعبيرنا هي الصورة الأبهى مِنْ الماضي الذاهبِ دَونَ رَجعة. لكن قد يقال: إنَّ الذكريات التي نختزنها تَحتوي كِلا الصِّنفين: الذكريات الجميلة، والموجعة؛ وهي تريد مَحوَ السَّيءِ مِنهَا.
 
وأخيرًا كُلَّ الَّتقدير للأكاديمية الأديبة والشاعرة والسَّارِدَة والناقدة أستاذتنا الجليلة الأكاديمية آمنة يوسف، وتبريكاتي للفنان والموسيقار الكبير أحمد فتحي الذي أسمعهُ مُذْ عَرفتُ يَميني مِنْ شِمَالِي؛ وَلازلتُ أسمعهُ حتى الآن، وأهنئهُ عَلى صُدورِ أغنيتهِ الجَديدة.
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً