صنعاء 19C امطار خفيفة

غضب متصاعد ضد الحوثيين يفتح أبواب التغيير

منذ أن سيطرت جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، بدأت تمارس سلطتها بطريقة تتسم بالقوة والفساد وتحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات تخدم مصالحها الضيقة. لم يعد الفساد في مناطق سيطرة الحوثيين مجرد مظهر عرضي، بل أصبح جزءًا أصيلًا من بنية سلطتهم، وتحول إلى آلية للإثراء غير المشروع، وتكريس النفوذ والتسلط على حساب المواطن والدولة والمجتمع.

 
عملت الجماعة على إحلال عناصرها في مفاصل الدولة، واستبعدت الكفاءات الوطنية، واستولت على الموارد العامة، وحولتها إلى مجهود حربي يخدم بقاءها في السلطة، بينما تركت الموظفين بدون رواتب، وأدى ذلك إلى تدهور كبير في الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والكهرباء والمياه، في ظل غياب أية رؤية تنموية أو إدارية مسؤولة.
الجبايات التي تفرضها الجماعة على التجار والمواطنين في مختلف المناسبات الدينية والسياسية، باتت أحد مصادر الإثراء الفاحش لقيادات الحوثيين، وتتم هذه الجبايات دون أي إطار قانوني أو رقابي، ولا يعرف أحد إلى أين تذهب هذه الأموال، بينما تعاني الأسواق من الانهيار، ويعيش الناس في فقر متزايد، وانعدام للفرص وارتفاع في الأسعار.
في الجانب القضائي والأمني، تحولت مؤسسات الدولة إلى أدوات قمع تستخدم لتصفية الحسابات وقمع المعارضين، إذ امتلأت السجون بالناشطين والسياسيين، وحتى الصحفيين، وتم استخدام القضاء لتبرير الانتهاكات بدلًا من أن يكون أداة للعدل والنزاهة. كما تمارس الجماعة التعذيب في السجون السرية، وتخويف المجتمع لإحكام قبضتها.
أمام هذه الممارسات، بدأت تتسع رقعة الغضب الشعبي في أوساط اليمنيين، إذ لم يعد كثير من الناس يثقون بشعارات الجماعة، ولا بمزاعمها حول المقاومة والاستقلال، بل باتوا يرون فيها جماعة استبدادية تستغل الدين، وتنهب ثروات البلاد، وتدير المناطق بأسلوب سلطوي لا علاقة له بأي مشروع وطني أو مسؤولية أخلاقية تجاه الشعب.
إن هذا الفساد المتغلغل والقمع الممنهج والنهب الواسع قد يدفع البلاد إلى انفجار اجتماعي كبير، وقد بدأت المؤشرات تظهر من خلال الحراك الشعبي الصامت والرفض المتزايد للجبايات، والاستياء العام في الشارع. وإذا لم تتوقف هذه الممارسات، فإنها لن تقود فقط إلى تفكك مؤسسات الدولة، بل إلى انهيار حكم الحوثيين نفسه، فالشعوب التي تُظلم وتُقهر، لا تبقى ساكنة إلى الأبد.
 
سفير في وزارة الخارجية

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً