لم تكن الدكتورة ليالي عكوش تتوقع أن يتحول جهدها الكبير لتنظيم ملتقى علمي طبي إلى حرب مفتوحة ضدها، تُسحب فيها التراخيص، وتُغلق المراكز، وتُطلق الإشاعات، وكأنها ارتكبت جريمة لا تُغتفر… فقط لأنها نجحت.
في يناير الماضي، أقامت ليالي عكوش ملتقى علميًا مرخصًا رسميًا من وزارة الصحة، استضافت فيه نخبة من الأطباء من مصر وليبيا، بهدف تطوير مهارات أطباء الأسنان المحليين، ونقل التجربة الخارجية إلى الداخل. الملتقى تم بإشراف قانوني، وبجهد شخصي خالص؛ تكفلت فيه بتكاليف تفوق 20 ألف دولار من مالها الخاص، حتى اضطرت لبيع ذهبها كي تستكمل التمويل.
لكن ما إن بدأ الملتقى حتى بدأت الضغوط، من تهديدات وصلت للتجار المشاركين والجهات الداعمة، إلى تحقيقات واتهامات دون مسوغ قانوني، وانسحابات مشبوهة، وابتزاز خفي بوجوب "تعديل قائمة الأطباء" كي ترضى عنها جهة نافذة لا تملك أي صلاحية رسمية. ثم جاء القرار الصادم: سحب الترخيص قبل 18 ساعة من انطلاق الملتقى، من جهة لا تملك قانونًا حق سحبه.
ليالي واجهت كل ذلك بصبر وهدوء، واستكملت الملتقى رغم العراقيل. لكنها لم تسلم. ما بعد الملتقى كان أشد وطأة: إغلاق مركزها الطبي والتدريبي، وسحب مزاولتها المهنية بقرارات شفوية غير قانونية، وتشويه سمعتها أمام جمهورها وزملائها، رغم أن كل أوراقها سليمة وتصاريحها سارية حتى 2027.
وبدل أن تُكافأ على أول عيادة خيرية تمولها ذاتيًا، وأول مركز تدريبي مرخص يديره طبيب محلي بمعايير دولية، وبدل أن يُحتفى بجهدها في إدخال أسماء علمية كبيرة إلى عدن في ظل ظروف شديدة التعقيد، وجدت نفسها محاصرة من جهة تريدها أن "تقصقص جناحيها"، وتقبل بأن تبقى ضمن القطيع.
اضطرت ليالي عكوش إلى إعلان انسحابها من العمل الطبي، لا يأسًا، بل طلبًا للسلام الداخلي، بعد ستة أشهر من الترهيب والمطاردة، لتجد أن الخروج الآمن أيضًا محظور، فكان لا بد من اللجوء إلى القضاء والإعلام، بعدما سُدت في وجهها كل أبواب الحل الودي.
قصة ليالي عكوش ليست قضية شخصية فقط، بل جرس إنذار لكل من يحاول أن ينجح في بيئة تُعادي التميز. إنها مثال مؤلم على كيف يمكن أن يتحول النجاح إلى تهمة، وأن تصبح المبادرة جريمة في عيون من يخشون النور.
ليالي قالت كلمتها بمرارة: "كفى بالله شهيدًا ووكيلًا"، لكنها لم تسكت. فالصمت في وجه الظلم مشاركة فيه، والحديث هو أول خطوات المقاومة.