صنعاء 19C امطار خفيفة

الحضور الباهت.. عيدروس الزبيدي نموذجًا

الحضور الباهت.. عيدروس الزبيدي نموذجًا
عيدروس الزبيدي ( منصات التواصل)

في زمن تتكسر فيه الأحلام تحت وطأة الجوع، ويغدو الانتظار خيانة معلّقة على مشانق الصبر، يعود الزعيم عيدروس الزبيدي إلى عدن، في مشهد باهت لا يحمل في طياته سوى الخيبة، وعودٌ تبخرت، وآمالٌ انطفأت، وشعبٌ يترنح على حافة الفاقة.

 
وصل الزبيدي، لكن لم يصل معه العسل الذي وعد به، ولا اللبن الذي أقسم أن يسقي به أبناء الشهداء، أولئك الذين سلموا أرواحهم على مذبح النضال الجنوبي، ظنًا أن هناك قائدًا سينتشل آمالهم من غبار الحرب إلى ضوء العدالة. عاد الزعيم، والناس في الجنوب يواجهون الجوع في أقسى صوره، جوع يعضّ الأمعاء ويكسر كرامة الإنسان في وطنه، في مشهد مأساوي قد يفوق ما يجري في بقاع تتصدر نشرات الأخبار كغزة، لكنه جوع بلا ضوء إعلامي، بلا إنصاف، بلا أحد يراه سوى الضمير الغائب لمن خذلهم.
 
ما الذي تغير؟ لا شيء سوى تنامي الامتيازات، وتضخم الحاشية، وتكاثر الرفاه في فنادق أبوظبي، حيث يقيم الزعيم المرتبط، لا بالشعب، بل بحضن الإمارات، يمارس القيادة عن بعد، يتحدث عن التضحيات وهو لم يعُد يعرف طعمها، يرفع شعارات التحرير والاستقلال وهو يغرف من موائد مترفة لا تمت بصلة إلى شعبه المتشظي.
 
أين تلك الدماء التي سالت في ميادين العزة؟ أين أبناء الشهداء الذين وُعدوا بمستقبل كريم؟ هل جزاؤهم أن يروا الزعيم يتنقل بين العواصم ويكتفي بإرسال الصور والبيانات؟ هل هذا هو النضال؟ أم أن النضال عند الزبيدي أصبح ماركة سياسية لا تُستعمل إلا للتسويق والشرعنة والتمديد؟
 
بينما يئنّ الشعب في عدن من الجوع، وينام على الحصير في وهج الانقطاع الدائم للكهرباء، يجلس الزبيدي في رخام القصور، يتحدث عن الوحدة الجنوبية بينما يتوحد هو مع مصالحه، يروج للكرامة وهو قد باعها على موائد السياسة الخارجية. لقد أصبحت قضيته مجرد خطاب أجوف، وقيادته عبئًا على الجنوب، لا حاميًا له.
 
إن من يؤمن بالقيادة الحقيقية لا يترك أهله يموتون جوعًا، لا يهرب من عدن إلى حضن المال والسياسة، لا يسلّم ملف القضية لمن هم أدنى من طموحات الناس. وها هو طارق عفاش، على ضيق إمكانياته، يقدم نموذجًا إداريًا واضحًا في المخا، يعمل على الأرض، بين الناس، لا خلف الكواليس، لا من عواصم الاغتراب.
 
فلماذا لا تتنحى يا عيدروس؟ لماذا لا تفتح الطريق لقيادة جديدة؟ أليس في هذا الشعب من يستطيع أن يكون خيرًا منك؟ لماذا لا تترك الكرسي إذا لم تعد تملك القدرة على حماية الحلم الذي مات الناس لأجله؟ لماذا لا تعترف أن مصالحك قد سبقت قضيتنا؟
اجلس في عدن، بين الجياع، وقاسمهم الألم، إن كنت صادقًا. عِش يومهم، بلا كهرباء، بلا ماء، بلا أمن، بلا مرتبات. حينها فقط، قد تصدقنا وتعود إلينا. أما إن كنت لا تقوى على ذلك، فدع غيرك يخوض الغمار، فالشعب الجنوبي لم يعُد يتحمل مزيدًا من الرماد على جراحه، ولا مزيدًا من الحضور الباهت لقائد فقد ظله.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً