صنعاء 19C امطار خفيفة

التطورات المتسارعة في المنطقة تنذر بحروب طاحنة

1- تمهيد:

 
تناولت لقاءات رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتنياهو مع الرئيس الأميركي ترامب، أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، في الفترة 7-10 يوليو 2025م، الأوضاع المتوترة في المنطقة عمومًا، وفي مقدمتها قطاع غزة، وكذا النقاش حول الهدنة الإسرائيلية مع حركة حماس، المقدمة من قبل مبعوث الرئيس الأميركي ويتكوف إلى دولة قطر الوسيط بين إسرائيل وحركة حماس، بالتنسيق مع مصر. وتستغرق الصفقة مدة شهرين، وتتضمن وقف الحرب، وتبادل الرهائن الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، وإدخال الغذاء، والمساعدات الإنسانية. وحتى مساء هذا اليوم الموافق 14 يوليو 2025م، لم نسمع أي توافق نهائي لبدء تنفيذ الهدنة، رغم تصريح الوسيط القطري بأن الأمور إيجابية، ناهيك عن حث الرئيس ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على التحرك السريع بتوقيع الصفقة مع "حركة حماس"، والبدء بالتنفيذ، علاوة على تصريح مبعوث الرئيس الأميركي ويتكوف، بأنه متفائل بشأن المفاوضات عن غزة.
 
وفي هذا السياق، وردت قراءات عدة بأن زيارة نتنياهو إلى واشنطن كانت عبارة عن مسرحية استعراضية، تخللها وعود ترامبية غامضة، بينما أخذت الأوضاع تشهد تطورات متسارعة منذرة بحروب في المنطقة لا يخمد أوارها.
 
حقيقة الأمر، إن المفاوضات بين حماس وإسرائيل تزداد تعقيدًا بسبب الإجراءات المشددة التي أعلنت عنها إسرائيل، وهي كثيرة، ونسمعها كل يوم، والهدف ليس الانسحاب من قطاع غزة، وإنما البقاء على 40% إلى 60% من مساحة القطاع تحت السيطرة، وتشمل المناطق العازلة التي حددها نتنياهو حول خارطة القطاع، ناهيك عن نزع حماس لسلاحها، والخروج من القطاع، وإن لم يتسنَّ ذلك، تتم تصفيتها. ولكي تستمر الحرب على غزة، يسعي نتنياهو لإطلاق نصف الرهائن مقابل الهدنة لـ60 يومًا.
 
ومن الجدير بالذكر، أن رد حماس على كل تلك التصرفات اللامسؤولة والخارجة عن الاتفاق، والرامية إلى غلق جميع المعابر، ومنع الغذاء والدواء بهدف القضاء على سكان القطاع الذين يعانون بشدة من شحة الغذاء والمياه والمساعدات الإنسانية، ومنعهم أيضًا من الصيد في المنطقة البحرية للقطاع.
في واقع الأمر، إن نتنياهو وعد باستئناف الحرب بعد هدنة غزة. وإن كل ما يحصل في إسرائيل يستخدم في إطار التوظيف، والتنسيق بين نتنياهو وسموتريش، وزير المالية، وإيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي.
 
يقينًا، إن نتنياهو يفرش حقلًا ملغومًا أمام حماس. كما أن ترامب يعتبر نتنياهو حليفًا أيديولوجيًا.. وأن القرار الأميركي على انسجام دائم مع ما تريده إسرائيل في قطاع "غزة" و"طهران"... الخ.
 

2- التموضع في قطاع غزة:

 
وفي هذا الخصوص عرضت "تل أبيب" عدة خرائط بهدف تموضع الجيش الإسرائيلي بعد إنهاء مدة الهدية، وقد رفضت "حماس" هذا الطلب، إلى جانب رفض طلبات أخرى مثل البقاء في "محور موراغ" بدلًا من "محور فيلادلفيا"، وإنشاء "المنطقة أو المدينة الإنسانية" التي ستكلف قرابة 6 مليارات دولار، والمزمع إقامتها لإيواء 600.000 من سكان القطاع، وقد واجهت الفكرة معارضة أيضًا من الكابينيت (مجلس الوزراء) الإسرائيلي، بذريعة أن البناء سيقوم على حساب معيشة الإسرائيليين، ويعتبر هذا الملف بنظر بعض المحللين "ملفًا تكتيكيًا". وإن القصد من البناء هو حشر سكان القطاع وفرزهم، وممارسة أقسى الضغوط عليهم لتهجيرهم.
 
قمين بالذكر، أن دولة قطر كوسيط، نفت استلامها أية خرائط من إسرائيل للتموضع في القطاع، ومايزال التفاوض قائمًا بين إسرائيل وحركة حماس، دون التوصل إلى اتفاق نهائي للشروع في التنفيذ.
 

3- مطالب إيران بعد الاعتداء الإسرائيلي -الأميركي:

 
تطالب إيران بالتعويضات عن قصف منشآتها النووية، وتخصيبها اليورانيوم للأغراض السلمية.
وقد أكد وزير الخارجية الايرانية عراقجي أن إيران على مقدرة بأن تعيد تلك الأمور من جديد، ولن تسمح لأية مفاوضات مستقبلية تتضمن الصواريخ الباليستية. وفي هذا السياق، أوضحت مصادر ألمانية رسمية، أن النشاط العسكري الإيراني مستمر في المنطقة، وهناك غموض حول المنشآت النووية الإيرانية، ويجب أن يكون ثمة آليات لتفعيل الزناد ضد إيران.
 
ومن جهته، أدان وزير الخارجية الإيرانية، بأشد العبارات، الهجوم الإسرائيلي على اجتماع الأمن القومي، بحضور رؤساء السلطات الثلاث، في مقدمتهم الرئيس الإيراني بزشكيان، بأسلوب مشابه لاغتيال الأمين العام لحزب الله ونائبه مع مجموعة من قادة الحزب. وأضاف عراقجي، أنه لا تفاوض حول التخصيب والصواريخ الباليستية، ولا اتفاق بدون الاعتراف بحق إيران في التخصيب. وذكر أن واشنطن خانت اتفاق 2015م، وأن إيران منفتحة حول التفاوض بشأن برنامجها النووي للأغراض السلمية.
ومن الملاحظ أن الرئيس الروسي بوتين عرض على إيران القيام بتخصيب 3.67% من اليورانيوم على الأراضي الروسية، لكن إيران لا تقبل وساطة روسية أو صينية بخروج التخصيب من أراضيها.
 
وأفاد الرئيس ترامب قائلًا إنه لن يعترض على استخدام الحل العسكري في حال عادت إيران إلى التخصيب، لكنه متفائل في حال عادت إيران للمفاوضات.
وجاء تعليق عراقجي، بأن إيران لن تتفاوض بدون ضمانات حقيقية. وأكد من جديد أن إيران على استعداد للتفاوض والتوصل إلى سلام يضمن لإيران حقها في التخصيب لأغراض سلمية.
وصرح الرئيس الإيراني بزشكيان بأن نافذة الحل الدبلوماسي للتفاوض مفتوحة.
جوهر القول، مايزال مسار التطورات في المنطقة يشوبه القلق، وقد يفلت الزمام، ما لم تعد الأطراف إلى المفاوضات، وتنفيذ بنود الاتفاقيات المبرمة بين الأطراف المعنية.
ونأمل أن يحقق الاجتماع الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة يومي 28 و29 يوليو الجاري، في نيويورك، برئاسة السعودية وفرنسا، نجاحًا كبيرًا لصالح حل الدولتين: فلسطينية، وإسرائيلية، تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمان. ويا حبذا لو نالت دولة فلسطين العضوية الكاملة في الجمعية العامة كدولة مستقلة ذات سيادة دون استخدام الفيتو (النقض) من أية دولة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.. ننتظر ونرى ما سيستجد من نتائج. وبالتوفيق إن شاء الله.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً