في احتجاجات منظمة لم تشهدها أمريكا من قبل، من حيث ضخامتها، يتوافد تباعًا الآن عشرات آلاف إلى الساحات العامة والشوارع في شتى المدن الأمريكية المختلفة الأحجام، في أكثر من 1500 مدينة، والتي يقدر عدد المحتجين فيها بأكثر من عشرة ملايين مواطن من شتى ألوان الطيف السياسي؛ ديمقراطيين وجمهوريين ومستقلين، تحت شعار "لا للملوك No Kings"،
وذلك للتعبير عن رفضهم للمسار الديكتاتوري المنحرف الذي يسلكه الرئيس الأمريكي، متماهيًا مع الملوك العرب في قمع وتقييد الحريات، بما فيها الحريات الأكاديمية للجامعات الأمريكية، وعلى رأسها جامعة هارفارد العريقة، وهي الحريات التي كفلها الدستور الأمريكي في البند الأول، ولا يمكن للشعب الأمريكي الذي عرف الحرية السكوت عنها، لأنه تشربها وصنوتها الديمقراطية، بل وسعيه إلى تغيير قوانين وسياسات الهجرة والتهجير غير المسبوقة عبر استغلاله إصدار القرارات الإدارية التنفيذية، والتي أدت إلى فوضى واضطرابات جمة ومواجهات بين السلطات التنفيذية للولايات والحكومة الفيدرالية في مختلف مدن الولايات الأمريكية.
وما يزيد الطين بلة، امتناعه الفظ عن تنفيذ أحكام المحاكم والقضاة، بمن فيهم الفيدراليون في الولايات، وصولًا إلى المحكمة الفيدرالية العليا، ومحاولاته المستمرة لعزل كل من يخالفه في السلطة القضائية، ناهيك عن إقامته عرضًا عسكريًا يحدث لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، والذي حدد تاريخ اليوم كمناسبة تاريخية تقليدية عادية لا يحتفل بها قانونيًا، والتي صادفت عيد ميلاده، إذ هدد باستخدام القوة ضد المتظاهرين المحتجين إذا ما عكرت أو خرجت الاحتجاجات عن طورها، بخاصة وأن هناك مؤشرات قوية تتوقع تقدم المرشحين الديمقراطيين في الانتخابات المحلية للولايات، وسينجر ذلك على انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في الانتخابات النصفية إذا ما استمر زخم الاحتجاجات واستمرار إصراره على المضي قدمًا في سياساته، ضاربًا عرض الحائط بالسلطات القضائية التي أضرت بمصالح المواطنين وامتيازاتهم وبالاقتصاد الأمريكي والعالمي أيضًا.
وستقتصر الاحتجاجات على المواطنين الأمريكيين، وسيستثنى من حضورها المقيمون من حاملي الجرين كارد ومقدمي اللجوء والطلاب الأجانب، لأن مشاركتهم قد تؤدي إلى اعتقالهم وطردهم وفتح ملفاتهم وحرمانهم من الجنسية الأمريكية.
فيرفاكس فرجينيا، 15 يونيو 2025