صعدة غزة رداع!

أقام الدنيا وقلب نواميسها رأسًا على عقب، وادعى ناموسًا علقه على أذهان البسطاء من البشر، هو الشهم المتفرد القادر على تغيير المعادلات نصرة لغزة المحاصرة بعد أن تخلى عن حياضها الجوار والبعيدون عن جدرانها من العرب.

هو أشهر السيف، عقر الجمال، رفع العلم، أعلنها حربًا ضروسًا لا تبقي ولا تذر، وحاصر وحول البحر الأحمر جعله فاقد اللون من الفجيعة من قذائفه يرتعش خوفًا وهلعًا، وقال لغزة أسمعها ما لم تسمعه من بقية العرب، سأحاصر من يحاصرك، وضرب طوقًا من الخداع وألاعيب الدجل، وادعى ما ليس يأتيه غيره من البشر.

تحصن هو السيد وبطانته من سادة الجبل بالكهوف بالجبال، وجعل بقية مناطق اليمن التي تمدد بها وعاء تتلقى قذائف الحمم من قوى لا تقل إفكًا وغطرسة، ولا تقل لؤمًا في ميادين ألاعيب السياسة التي تدمر ليس غزة، ولكن تدمر كل المحيط المناهض لمشروع صهيون الذي هم من زرعوه وبأموال العرب مولوه، وبدعم الكثيرين من الملالي وأصحاب مشاريع سرقة العقل وإيلاجه في مستنقع التسنين والصراع الطائفي المذهبي المناطقي، وجعلوا من غزة مسرحية يلهون بها على العقول، عقول من يصدق أن من يفخخ منازل رداع على رؤوس ساكنيها حقًا يدافع عن غزة، ولها بالبحر الأحمر بباب المندب نصب نفسه وصيًا يدعي الورع دفاعًا عن دماء تراق بغزة عبر صمت عربي وتآمر إقليمي ومباركة خبيثة ممن يدعون الجهاد.

لك الله يا غزة، ففيك فتية وشباب وشعب أعاد للعالم وعيًا غاب في غياهب النسيان والتحليل الممل من قبل تحليلات محللين ينطقون بقدر ما يتسلمون عدًا ونقدًا من دولارات يلعنون حاكمها، لكن دولارها الأخضر مقدس لديهم يظل لهم مغنمًا... تمامًا كما طالبت قوة الجبل بفدية وهي تدعي حراسة باب المندب عبر دفع إتاوات الحراسة، وكله يهون في سبيل غزة حتى لو كان الضحية الوطن... الوطن الذي ضيعه انقلاب الجبل، وزاده ضياعًا تحالف ما عرف الطريق، أو لنقل لم يرد أن يعرف كيف يعيد شوكة الانقلاب عبر دعمه لشرعية كان يفترض بها حمل مشروع ينهي الانقلاب، ويعيد ترميم جسور ما تهدم من كيان الوطن الذي كان فريسة أطماع للكثيرين ممن أوصلونا إلى الهاوية، وأوغلوا تيهًا وضياعًا، وشعبنا يدفع الثمن مضاعفًا لتوهان الشرعية من جانب، وانتهازية الأنصار من جانب آخر، وهم يمعنون في تفتيت كياننا ولحمتنا الوطنية بحثًا عن ملك سابق واصطفاء لذات بعينها، وحشر بقية أبناء الوطن في رتبة الأتباع خارج السادة والسيادة، إذ هم فقط كومة من البشر يجوز فيهم قطع الطرقات وقطع الرواتب ومنع الصلوات والإفطار الجماعي... فطورًا وسحورًا كما جرت العادة في كل أرجاء اليمن، وزادها طينة وخرابًا فعلتهم النكراء يوم اختلط عليهم الأمر، فنسوا أن رداع ليس بها بحر، وهي ليست تحت حصار قوى شيلوك، لكنها محاصرة بالجوع والغبن طوال سنوات الحرب الضروس التي أنهكت الوطن... تاهت عنهم البوصلة، لكن أبدًا لم تته البوصلة، هم تاهوا فقط حين ادعوا ما ليس يملكون بأنهم لغزة محررون منقذون، فإذا بنا نراهم بعد أن أوجعوا كل المناطق اليمنية التي عليها يسيطرون، جوعًا وفقرًا وتمزيقًا مذهبيًا، ذلك ما كفاهم، فشنوا حملة شعواء على رداع، أغرقوها دمعًا ودماء، فخخوا الأرواح قبل المنازل، وادعوا وصلًا بليلى، قالوا إنا لغزة منقذون... ليتهم فعلوا ما فعله هو شي منه الذي دافع عن هانوي وعن كل شبر في فيتنام، حيث كانت كل فيتنام وطنًا لإنسان لا تمزقه ولاءات المذهب والقبيلة والنسب والانتساب للأشراف، هناك كان يكفي شرف الانتماء للوطن الذي لدينا تدمر بفعل عوامل الهلاك والفناء لدى من يدعي نصرة غزة، أو من يدعي سواء باسم التحالف والشرعية حماية وطن يتعرض يوميًا عبر تناقضات سياساتهم ومماحكاتهم للانحدار أسفل، شمالًا وجنوبًا، ممزق الأوصال، تقتله الهموم والمشاكل التي هم عنها لاهون، وعليها يتفرجون.

ليت من ادعى الذود عن غزة كان مثل مانديلا وأحفاده ممن عرفوا الطريق التي عبرها يعينون غزة خير العون.
مانديلا وأحفاده عرفوا الطريق عبر طريق المواطنة لوطن حر كريم وشعب لا تمزقه الولاءات والصراعات المذهبية والطائفية والمناطقية، ولا تزيده تشرذمًا وتشظيًا وسائل الإغواء للتحالف الذي يصطفي فريقًا من هنا ليضرب به فريقًا من هناك.

ويا من تدعون حرصًا على غزة وصيانة وحماية لها من هول غطرسة الآلة العسكرية الصهيونية، كانت وقفتكم أقوى لو أحسنتم صيانة ووحدة وتلاحم مقدرات شعبكم، وما كنتم انقلبتم أنتم وغيركم على مخرجات الحوار الوطني، ومارستم شرور الحرب على أرض اليمن كلها شمالًا وجنوبًا، ولاتزالون.

امسحوا من على الجبين عارًا، فما لحق به من عار من فعلتكم الشنعاء في رداع، فظيع لو تدركون سوء فعلتكم الشنعاء. إنها تأكيد لا تسر خاطر أحد في غزة المحاصرة من قوة صهيون وصمت عرب يتفرجون، وآخرين بقضيتها يتاجرون.

أعيدوا قراءة ما جرى بعقل يزن مصالح الشعب والوطن أولًا وأولًا، ذلك لكم ولغيرك أكبر رصيد، أما الباقي فهو تفاصيل على هامش السيرة المحمدية التي تدعون زيفًا أنكم وعبركم على هداها سائرون.
غزة لها معجزتها التي نخشى عليها منكم ومن بقية العربان. والله المستعان على ما فعله المفخخون منكم بالحي الهادئ في لواء رداع.