خربشات على جدار السجن

خربشات على جدار السجن

شفيع العبد
> (الإهداء: إلى روح العدالة المغدور بها خلف القضبان)
"يا ما في السجن مظاليم" مقولة سمعتها منذ زمن بعيد، وللدراما المصرية الأثر الأكبر في ذلك، لكنني عشتها واقعاً على مدى 33 يوماً هي الفترة التي قضيتها متنقلاً بين سجني البحث الجنائي والمنصورة بعدن -وهي السجون التي شيدها الاستعمار البريطاني وتتفوق كثيراً على السجون التي شيدها أصحاب مشروع الفيد العظيم من حيث اللمسات الإنسانية- على خلفية اختطافي من نقطة دار سعد بينما كنت قادماً من ردفان على متن سيارة أجرة بمعية آخرين هم "خالد العبد مراسل صحيفة الأيام بلودر، ضياء محورق، شرف باعباد، خالد السليماني، وثابت عبدالله سعد"!
لن أخوض في تفاصيل عملية الاختطاف وما تلاها من اعتقال وانتهاكات، لأن هناك داخل السجون أناساً يعانون شتى صنوف التعذيب وامتهان الكرامة واحتقار الإنسانية، في مخالفة صريحة لكل التشريعات السماوية والقوانين البشرية التي يملأ أصحاب السلطة الفضاء ثرثرة وادعاءات عن احترامها والدفاع عنها والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء التطاول عليها، وقد قطعت عهداً على نفسي بأن أكتب عن معاناتهم أولاً، كونهم أحق بذلك، ومن يشوف معاناة الآخرين تهون عليه معاناته!
البداية ستكون من على جدران سجن البحث الجنائي بمعسكر طارق بعدن، والتي تزدحم بعبارات شتى تعبر عن معاناة أصحابها الذين أبدعوا في كتابتها مبتكرين طرقاً للكتابة في ظل حرمانهم من الأقلام والدفاتر، ومنع أصحاب السلطة الرابعة والمهتمين بحقوق الإنسان وحرياته من الدخول إلى السجون للاطلاع عن قرب على أوضاع السجون ونزلائها.
جعلوا من الجدران الجامدة كجمود كثير من الضمائر البشرية، صفحات لرسم آلامهم وأحزانهم والتعبير عن رغباتهم وما تجيش به نفوسهم المكلومة، فالحفر على الجدار والنقش على البويا (الطلاء) والكتابة ببقايا "الشمة" كانت هي الوسائل التي استخدموها للكتابة.
بدوري دونتها مستخدماً طريقة بدائية جداً في التدوين نظراً لمنع الأقلام والدفاتر داخل السجون، وها أنذا أنشرها عبر واحة الحقوق والحريات "النداء" دون تدخل فيها.
< لا تنسى الدعاء على الظالمين
< إدارة البحث الجنائي التجاري م/ عدن.. زورونا تجدون ما يسركم.. ترقبوا الافتتاح الكبير.. أسعارنا لا تنافس.. خدمة متميزة.. لا تفوتكم الفرصة.. أسعارنا غير معقولة.. العنوان هم سوف يحضرونكم..
< الداخل مفقود والخارج مولود
< ما في أحد مرتاح
< مشكلة في الناس إن راضيتهم عادوك وإن عاديتهم طلبوا رضاك
< ما عاد لي عيشه في اليمن
< يستأهل البرد من ضيع دفاه
< الموت لأمريكا وإسرائيل وعاشت حماس والمقاومة
< دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة
< تموت الأسد في الغابات جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب
< إن فكرة الحياة التي يمارسها الإنسان لا يمكن أن يصابرها إلا بتوفير السلام والأمان
< هي الأيام كما شاهدتها دول... من سره زمن ساءته أزمانا
< ايش جابك هنا يا حمار بدون ذيل؟
< يا جبل ما يهزك ريح
< قدها مقالة الصبر من قوة الإيمان
< ارحمنا يا الله
< مظلومين
< الحرية للجنوب
< برع يا استعمار
< عاش الجنوب حراً أبياً صامداً
< لا حرية لا ما بكت من كل عين
< سوف تدفعون الثمن غالياً والعرب ما تموت إلا وهي متوافية
< أحدهم رسم ميزاناً وقد رجحت إحدى كفتيه على الأخرى، ووضع على الراجحة حرف "ش" والمرجوحة حرف "ج" وكتب بجانبه: هذه عدالة نيابة الوحدة العظمى!
Hide Mail