جُهينة.. بابا الغالي!

المرحوم سمير غالب (النداء)
المرحوم سمير غالب (النداء)

أول يوم بالجامعة أخذني والدي لتسجيل اسمي، واخترنا مقعدي في التغذية العلاجية.

مشينا معًا، أكلنا سندويشات صغيرة وضحكنا كثيرًا.

كان والدي فخورًا ومبتهجًا لا تسع سعادته كراسي الانتظار في الريسبشن.

فأخذني إلى لوحة الشرف.. قال بيقين: "استعدي اسمنا بيأخذ مكان جديد فيهم لحد ما تصيري دكتورتنا".

ولكن حيث لا أمان في الأقدار.

مضى والدي في صراع أنيق مع المرض، ثم غادر متألقًا بجمال روحه وقلبه الكبيرين، في منتصف الرحلة.

خارت قواي آنذاك.. عدت للحياة باهتة شاحبة ألواني.

لا أحب الأحزان، لأن لدي منها ما يكفيني.

لا أريد قصائد تتغنى بالصبر، ولا مواعظ في الأمل

لو كان ضرسًا لخلعته.. ولكنه قلبي.. أثقل البلاد!

لا أحب الأيدي الغريبة على كتفي الذي يحمل ثقله بالكاد.

ما فائدة التربيت!

فكما حملت اسم والدي.

حملت نفسي وقلبي.. وفرحي وحزني.. وأيامي.. ومضيت.. ومضيت وحدي ومشيت

لا أملك ما يسعني تقديمه للآخرين، سوى "معلش" لأنه فعلًا معلش إحنا هنعمل إيه!

ولأنني كنت دائمًا ذات وجه بشوش ونضر وروح خفيفة وحرة.. لم يضع البعض الأعذار كما ينبغي، ورحل الكثير الكثير ممن حولي.. وأنا فعلًا ممتنة لذلك.

كانت أيامًا صعبة، وأخرى سهلة. بعضها تطير في خفة الفراشة، وأخرى تدهسني كسرب فيلة غاضبة.

لكن الحكمة في أنها كلها أصبحت (كانت).

لكنني التقيته اليوم.. مرة أخرى، كأن الأمس في اليوم.

وقفنا معًا أمام لائحة الشرف، نحدق باسمينا هناك.

جهينة بابا الغالي

جهينة سمير غالب تحتفي بتخرجها
جهينة سمير غالب تحتفي بتخرجها