عبدالواحد المرادي لـ"النداء": إسرائيل خسرت نفسيًا وسياسيًا وعسكريًا

ماذا بعد اليوم التالي؟ عبدالباري طاهر يستطلع آراء النخبة اليمنية تجاه القضية الفلسطينية (13)

عبدالباري طاهر وما بعد اليوم التالي - مع عبدالواحد المرادي
عبدالباري طاهر وما بعد اليوم التالي - مع عبدالواحد المرادي

في جحيم حرب الإبادة على غزة، والاجتياحات اليومية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي، وتمدد الاستيطان، طرحت أمريكا سؤال ما بعد اليوم التالي! وهو السؤال المطروح منذ العام ١٩٤٧، والقرار ١٨١ لا يعني غير التقسيم، ويتكرر عقب كل حرب.
ونضع اليوم تساؤلات أخرى:
ماذا بعد الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة والقطاع؟
هل الدولتان حل؟
وماذا عن وضع فلسطينيي الداخل -أرض ١٩٤٨؟
وماذا عن حل لا يأخذ بعين الاعتبار وضعهم في ظل انتقاص المواطنة؟
وما هي رؤيتكم لما بعد حرب السابع من أكتوبر ٢٠٢٣؟
أسئلة طرحتها على قادة الأحزاب السياسية، وقادة الرأي في المجتمعين: المدني والأهلي والفاعليات السياسية وفي صفوف الشباب والمرأة في اليمن والمنطقة العربية.
وما دفعني لطرح هذه الأسئلة هو تسابق الدول الداعمة للحرب أو بالأحرى الأطراف الأساسيين في صنع أداة الحرب الدائمة -إسرائيل، منذ ١٩٤٨ وحتى اليوم.
وهنا أترك لأصحاب وصاحبات الرأي الإجابة، مع ملاحظة أن البعض أجاب على كل الأسئلة، واكتفى البعض بالإجابة على بعضها.
الشكر والامتنان للعزيز رئيس تحرير "النداء" الصحفي القدير سامي غالب، ولصحيفة "النداء" التي يتسع صدر صفحاتها دومًا لكل الآراء، والتي ستنشر تباعًا آراء النخبة اليمنية وردودها على الأسئلة.

تاليًا ردود وتوضيحات الأستاذ عبدالواحد المرادي

من مؤسسي الحزب الاشتراكي ومناضلي الجبهة الوطنية الديمقراطية وأستاذ فلسفة:

ماذا بعد الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة والقطاع؟ هل الدولتان حل؟

حل الدولتين هو أفضل المتاحات بحسب ميزان القوى القائم ماديًا وسياسيًا وعربيًا ودوليًا، خصوصًا والوضع العربي على ما هو عليه من يؤسس. وستعمل إسرائيل والصهيونية العالمية، بخاصة في أميركا وبريطانيا، على إحباطه وعرقلته، وإطالة زمن المفاوضات والصراعات أمامه لأطول وقت يستطيعونه.
ولكن قوى الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية مطالبة بتحركات وضغوط فورية وسريعة ومتواصلة، مستفيدين من التعاطف والتأييد العالمي الذي حازت عليه قضية الشعب العربي الفلسطيني العادلة في ظروف النضال الوطني الشجاع وعميق التضحيات للشعب الفلسطيني، خصوصًا بعد 7 أكتوبر المجيد وظروف الاستنكار العالمي للتدمير البربري والقتل الجماعي والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في غزة والضفة الغربية، مدعومة من آلة الحرب العظمى الأميركية البريطانية والغربية عمومًا.

ماذا عن وضع فلسطينيي الداخل -أرض ١٩٤٨؟

سيواجه فلسطينيو الداخل 1948م ضغوطًا شديدة لتهجيرهم من قبل إسرائيل بغرض استيعاب مهاجرين جدد بديلًا عنهم، ومن أجل التطهير العرقي والانسجام العنصري، وهي بعض أساطير إسرائيل الوحشية، هؤلاء الآن في وطنهم الأم، ومطلوب إلغاء التمييز العنصري ضدهم، وحل الدولتين لا يعنيهم، ومفهوم أن يعطى من عيل صبرهم وضعف احتمالهم للتمييز العنصري ضدهم حق الاختيار الحر لتقرير مستقبلهم في ظروف الحوار والتشاور مع إخوتهم الفلسطينيين بعد إقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة كاملة السيادة.
ويمكن أن يكون حق الاختيار حرًا وشخصيًا لكل مواطن فرد حر منهم، وليس بالضرورة قرارًا وحلًا جماعيًا.

وماذا عن حل لا يأخذ بعين الاعتبار وضعهم في ظل انتقاص المواطنة؟

إسرائيل خسرت نفسيًا وسياسيًا وعسكريًا بطوفان الأقصى... وإذا أوقف القتال قبل سيطرة إسرائيل على كامل قطاع غزة، فسيكون عنصر الردع في استراتيجية إسرائيل قد سقط إلى حد كبير، وسيكون لذلك مفاعيل خطيرة على مستقبلها. أميركا ومعها التحالف الغربي خسروا كثيرًا مع إسرائيل.
لا أعتقد أن مدينة في التاريخ الحديث تعرضت للتدمير مثل الذي حدث في غزة هذه الأيام من تدمير مباشر في زمن قياسي، وبغرض التدمير لاقتلاع شعب من وطنه، وليس ضمن أية ضرورات عسكرية ميدانية، وهي الأرض الأكثر كثافة سكانية في العالم.. وكل ذلك جرى أمام الكاميرات وعيون الإعلام.. وبالتالي فنتائجه سياسيًا وأخلاقيًا تظهر وستظهر عبر العالم كله.
بعد حرب السابع من أكتوبر فإن مرحلة سلام السادات/ كسينجر التي أنقذت إسرائيل من هزيمة كبرى، وكرستها كدولة إقليمية بشرعية شبه كاملة منتصرة سياسيًا وشبه سليمة أخلاقيًا، مما سهل تسويقها دوليًا على صعيد البلدان حديثة الاستقلال، تكون قد طويت صفحتها، وعادت إسرائيل بعد طوفان الأقصى بكل تعقيداته إلى طبيعتها ككيان غاصب عدواني خارج على مصالح السلام الإقليمي والعالمي وأخلاق البشرية المعاصرة وحقوق الإنسان، بل بؤرة خطر على كل القيم البشرية المعاصرة، متشاركة في ذلك مع راعيها الأكبر وضامنها الولايات المتحدة الأميركية ومن في فلكها العولمي.
وبعد هذه الأحداث، على الأغلب سيتجدد النشاط البحثي والسياسي حول حرب أكتوبر 73، وما جرى لنصرها من اغتيال بسبب إيقاف كتابها في صفحته الثانية من قبل الرئيس أنور السادات المؤمن بأميركا أكثر مما كان يؤمن بها بعض قادتها.

وما هي رؤيتكم لما بعد حرب السابع من أكتوبر ٢٠٢٣؟

غالبًا بعد حرب 7 أكتوبر وطوفان الأقصى وتفاعلاتها ستشهد البلاد العربية تفاعلات شبيهة بما حدث بعد حرب 1948م، وإقامة الصهاينة والغرب دولة إسرائيل، والانخذال العربي حيال ذلك.
فيوم أنظمة البلدان العربية شبيه بأمسها قبل ثلاثة أرباع قرن من الزمان، رغم أنها الآن يقال عنها دول حرة ومستقلة، وعام 1948م كان معظمها تحت سيطرة استعمارية مباشرة كاملة. والمسافة شاسعة كما كان الحال بالأمس بين مواقفها ومواقف ومصالح ومشاعر شعوبها.
غالبًا كذلك سيكون لما بعد حرب 7 أكتوبر وطوفان الأقصى على امتداد الغرب وفي العالم تفاعلات جراء الانكشاف السياسي والأخلاقي لأميركا وأبرز حلفائها ولمولودتهم المتوحشة إسرائيل العدوانية المدججة بالسلاح والأساطير والتأييد الحكومي للرأسمال الغربي ولبقايا الإمبراطوريات الاستعمارية... وسيتداخل ذلك غالبًا مع نتائج الانتصار الروسي الوشيك في أوكرانيا، ومع رسوخ التفاهم الصيني الروسي الاستراتيجي، وزيادة مكانة دول البريكس ذات المركز الذي يزداد قوة وتأثيرًا في عالم اليوم، وتوق شعوب العالم إلى سلام وعدالة وحرية لكل الشعوب والأمم، بل للأفراد حتى على مستوى كوكب الأرض.