رياضة حضرموت.. بين عشق الجمهور وإهمال المسؤول

لا يختلف اثنان على أن أبناء حضرموت الساحل والوادي، هم أكثر حبًا وهيامًا بالرياضة، مع تفضيلهم الواضح لرياضة كرة القدم، لنجعل حديثنا عن رياضة الساحل بحكم القرب.

حضور جماهيري كبير للمبارة النهائية للهبة الحضرمية التي  امس الجمعة( شبكات التواصل)
حضور جماهيري كبير للمبارة النهائية للهبة الحضرميةامس الجمعة( شبكات التواصل)

فهؤلاء العشاق المتيمون بهذه الفاتنة، كانوا ومازالوا محافظين على الحضور في كل الفعاليات الرياضية التي تقام في مختلف مناطق ساحل حضرموت، حتى إن البعض يقطع المسافات البعيدة لأجل أن يمتع ناظريه بشيء من إبداع النجوم الرياضية.
حب الحضارم وشغفهم بالرياضة ليس له حدود، أو كما يقولون "مالوش حل"، والأدلة على ذلك كثيرة، فمنهم من يؤخر أعماله، ومنهم من يستقدمها حتى لا تتعارض مع شيء من المباريات التي يريدون حضورها. ومثل هذا الشيء ألا يعد حبًا وإخلاصًا ما بعده ولا قبله حب وإخلاص؟!
الجمعة الماضية، كان عشاق الرياضة في ساحل حضرموت الشرقي، على موعد مع عصرية كروية جميلة احتضنتها مدينة الديس الشرقية، في نهائي البطولة الرباعية التي نظمها مؤتمر حضرموت الجامع.
تلك المباراة كان فيها الحضور الجماهيري غير عادي، بل قل غير متوقع. الملعب امتلأ في كل جوانبه حتى افترشوا الأرض، ولم يجد بعضهم مكانًا من كثرة الناس.

من المباراة النهائية للهبة الحضرمية امس الجمعة( شبكات التواصل)
من المباراة النهائية للهبة الحضرمية امس الجمعة( شبكات التواصل)

الشيء الموجع حقًا هو ما إن تنظر (للمنشآت) الرياضية الموجودة في حضرموت الساحل، فإنه حتى هذه الكلمة التي وضعناها بين قوسين أي منشآت، بعيدة كل البعد عن معناها الحقيقي، وهي أصلًا غير موجودة إلا من خلال تداولها واستهلاكها الكلامي.
لننظر لملعب بارادم في عاصمة المحافظة المكلا، التي يتواجد منها حاليًا ناديان في الدوري الممتاز، وبكل جدارة واستحقاق قد بلغا المربع الذهبي في دوري هذا العام، وهما شعب حضرموت والتضامن.
ملعب بارادم يشكو حاله، وهو كما عرفناه منذ عشرات السنين، لم يطرأ عليه أي تجديد وتوسعة حتى يستوعب هذه الجماهير التواقة للرياضة.
لنذهب للغيل؛ غيل باوزير، هذا المدينة التي كان بها نادٍ كبير في العقود الماضية، وقدم هذا النادي نجومًا كبارًا كأولاد باعامر عبدالله وفرج، وقائمة طويلة من نجوم تلك الفترات، بها ملعب قديم جدًا، هو ملعب بن سلمان، وصار هذا الملعب من الماضي، ولم يواكب الأحداث الكروية التي تتطلب توفير الملاعب الحديثة.
إلى سعاد الزبينة، مدينة الشحر، هي الأخرى تشكو حالها مع تردي منشآتها الرياضية، بل شبه المفقودة تمامًا إلا من تواجد ذلك الملعب العتيق؛ ملعب الفقيد الشاحت.
الحامي والديس الشرقية لم يكونا بأحسن حال من أخواتهما، ويكفي ما رأيناه ورآه كل من شاهد تلك المباراة التي تحدثنا عنها في البداية، فتلك الجماهير الغفيرة التي زحفت إلى الديس الشرقية، كان مقصدها وغايتها المتعة الكروية، فحصل العكس، وهو ذلك الملعب الذي اختنق بتلك الحشود البشرية.
وتوافد الناس بتلك الكثرة هو رسالة مهمة للقائمين على الشأن الرياضي، مفادها الاهتمام بتوفير المنشآت الرياضية الكبيرة التي تليق بحب هذه الجماهير للرياضة، وليس كما هو حاصل من أماكن لا تصلح أن تأتي إليها الجماهير، إلا أن الحب والعشق هو ما أرغم هؤلاء العشاق -على كثرتهم- على المواظبة وديمومة الحضور.