عن اغتيال العامري وباوزير وبقية الشهداء

عن اغتيال العامري وباوزير وبقية الشهداء

>عبدالله بن راضي
حادثة اغتيال العميد علي سالم العامري مدير عام أمن حضرموت الوادي، والعميد أحمد أبو بكر باوزير مدير الأمن السياسي، ومرافقيهما الثلاثة بن كوير (النهدي) وحبيش والكثيري، التي أتت غيلة وبهذه الطريقة الإرهابية، التي اهتزت لها محافظة حضرموت خاصة واليمن عامة، لم تكن استهدافاً مباشراً لهم فحسب، وإنما هو استهداف لكل الشرفاء والمخلصين الوطنيين من أبناء حضرموت. هذه المحافظة التي عرف عنها بأنها رحم ولود لأمثال هؤلاء الرجال المخلصين الذين يقدمون مصلحة الوطن والمواطنين على مصلحتهم الشخصية، وهذا ما عرف به شهداؤنا الخمسة، وخصوصاً العميدان علي العامري وأحمد باوزير اللذان كانت لهما بصمات واضحة وجليلة في كافة الأعمال الخيرية، بالإضافة إلى أنهما استطاعا من خلال عملهما خلق علاقة تسودها المحبة والاحترام المتبادل بين رجال الأمن والمجتمع بعد أن تصاعدت العداوة بين الشارع والسلطة ورجال الأمن جراء الإجراءات التعسفية والقمعية واستفزاز المجتمع، واستطاعا بحكمتهما وقربهما من الناس تهدئة غضبهم وسخطهم.
وقد أثبت شهداؤنا من خلال تعاملهم مع المجتمع وقضاياه بإخلاص، وحرص على إعادة الثقة إلى نفوس المواطنين في رجال الأمن، بأنهم وطنيون ومخلصون ورجال أمن من الدرجة الأولى، وهو ما جعل فترة وجودهم في مناصبهم الأمنية وعلى قصر الفترة الزمنية، من أفضل ما عاشته حضرموت من أمن واستقرار، وخلق علاقات تعاون وشراكات وطيدة مع المجتمع، حيث تربعوا قلبه وتملكه حبهم، بالإضافة لتصديهم لكافة الاختلالات الأمنية التي كانت موجودة، دون التمييز بين مرتكبيها سواء كانوا مواطنين أو عسكريين أو متنفذين. وهذا بطبيعة الحال ما كان يغيظ كثيرين من الذين فقدوا مصالحهم واعتادوا على استفزاز المواطن والتعمد في إهانته واحتقاره ونهبه واستعباده، في حين لم يسبق لأي شخص أن قام بالتصدي لهم ومواجهتهم بهذه الجرأة والقوة، وهو يحمل شعار الأمن في خدمة الشعب لا لإرهابه ونهبه.. في زمن استشرى فيه الفساد، وطغى قانون القوة على قوة القانون المغيب.
هذه الحادثة البشعة والمؤلمة، التي أثارت سخط وغضب الشارع في حضرموت وجعلته يصب اللعنات على منفذيها، تعتبر صفعة قوية وشديدة موجهة إلى جبين كل شيوخ ومناصب وقبائل حضرموت عامة بكافة شرائحهم المجتمعية دون استثناء، وهي تدق ناقوس الخطر القادم ليفيق هؤلاء من سباتهم ويشعروا بحجم المسؤولية والمهمة الخطيرة، والاستشعار للخطر القادم الماحق، والذي سيحمل في طياته الكثير من المجهول، مما يعد لطمس هوية حضرموت الإسلامية والثقافية والتاريخية والاجتماعية، وتحويلها إلى بؤرة للصراعات، وإجهاض الدور التاريخي الذي لعبته وما زالت تلعبه حضرموت وأبناؤها إلى الآن.
لقد كان موقف قبائل حضرموت المتحد عقب الحادثة مباشرة ووقوفهم مع بعض في هذه المحنة والمصيبة موقفاً إيجابياً وملحاً وضرورياً، ويجب أن يستمر هذا الموقف مهما حاول من حاول إثارة البلابل ووصفه بأنه ثورة غضب وفقاقيع عابرة سرعان ما ستنتهي، وهو ما لم يحدث إلى الآن، ونرجو ألا يحدث.. ولكن يجب على شيوخ ومناصب هذه القبائل تحكيم العقل والمنطق في تعاملهم مع الأحداث والقضايا، وعدم الانجرار وراء ما يعد لهم من كمائن وأفخاخ تنصب لهم لاستفزازهم لاتخاذ مواقف وقرارات مستعجلة وغير مدروسة، لتشويه وتغيير الصورة الحضارية والفكرية التي تتميز بها حضرموت وقبائلها.. ولذلك فإنه ينبغي لقبائل حضرموت عامة دون استثناء أن تأخذ الدروس والعبر من هذا الحادث، وتستفيق من غفلتها وتعيد لحمتها والوقوف مع بعض يداً واحدة في كل الظروف والأزمات، والانتصار للمظلومين وخصوصاً الطبقات المسحوقة والذين لا يجدون من ينصرهم في السراء والضراء.. ونذكرهم بأن أبناءهم الشهداء لم يكونوا يمثلون فئات أو طبقات بعينها، وإنما كانوا يمثلون حضرموت عامة، وطالتهم أيادي الغدر واستشهدوا لأنهم كذلك.
نتمنى أن تخرج هذه القبائل من اجتماعها المرتقب اليوم الاثنين بقرارات تنتصر لحضرموت وأبنائها الشهداء ورد الاعتبار للجميع، والاتجاه بالضغط بكافة السبل والوسائل على الحكومة والدولة لإخراجها من صمتها المطبق، والتي لم تصرح بأي شيء إيجابي إلى الآن، ومطالبتها بإحضار الجناة الحقيقيين المتسببين في هذه الحادث وفضح المتساهلين والمتواطئين معهم الذين سهلوا لهم المهمة، ومحاسبة المقصرين في أداء عملهم وسؤالهم عن سبب عدم تحركهم الجاد في التو واللحظة لإسعاف وإنقاذ الشهداء واللحاق بالجناة، وهو ما أعطاهم فرصة للهرب.
كما نرجو منهم تنظيم أنفسهم والخروج بتشكيل مجلس تنسيق بين تلك القبائل والسير نحو تنظيم المسيرات السلمية والغاضبة وكل ما من شأنه كشف الحقيقة. وننبهم إلى أن أبناء حضرموت جميعاً يعقدون على هذا الاجتماع الكثير من الآمال، ويجب ألا تخيبوا ظنهم، لأنه وفي حال عدم الخروج بأشياء ذات جدوى فإن القادم سيكون أسوأ وأبشع مما يمكن تخليه وتصوره، وسيعم الجميع دون استثناء، وعلى الدنيا السلام..!
وهنا نقول لكل الحاقدين الرامين إلى بث الرعب في نفوس الوطنيين والمخلصين الشرفاء لأجل عدم تقدمهم لشغل المناصب العليا والقيادية سواء الأمنية أو غيرها، نقول لهم بأن ذلك لن يزيدنا إلا إصراراً على المضي قدماً لخدمة الوطن والمواطن، وإن كان علي سالم العامري وأحمد أبو بكر باوزير وقافلة الشهداء قد قدموا أرواحهم فداءً في سبيل الارتقاء بالوطن والمواطن، فإن هناك الكثير من أمثالهم ينتظرون فرصتهم، ومستعدون لتقديم أرواحهم ثمناً رخيصاً لفداء الوطن والانتصار لقضايا المواطنين وتعرية الفساد والفاسدين. وإننا لن نسمح لأي شخص مهما كان أن يعبث بحضرموت ويفسد فيها ويسفك الدماء.. وإنا قادرون على حمايتها والحفاظ عليها، ولسنا جبناء كما يخيل للبعض، والأيام كفيلة بأن تثبت ذلك لكل الجاهلين والمغفلين.
bbinradeMail