الزعيم الذي جاء في زمن غير الزمن!

قال بلال الحسن رئيس تحرير مجلة "اليوم السابع"، إحدى أرقى المجلات العربية التي بدت ككل شيء جميل اختفى من الحياة العربية. وقال في افتتاحية المجلة التي كانت تظهر على صفحتين من القطع الكبير هو حجم تلك المجلة المتميزة. وفي المقالة الافتتاحية عن القذافي في شرح الظاهرة هي شخصيته:

ربما أن الرجل جاء في زمن غير زمنه!!

برغم مزاج الرجل المتقلب والذي تكلم عنه بتفاصيل محمود السعدني في كتابه "الولد الشقي في المنفى"، إلا أنك حين تسمعه الآن متنبئًا عما يحصل الآن يتملكك الاستغراب!!

قيل لنا كلجنة إعلامية مرافقة:

السابعة صباحًا لابد أن تكونوا في المطار

كان اليوم يصادف 7 يوليو 1979

ستهبط طائرة العقيد عند الثامنة صباحًا..

لم نتأخر، وكذلك الوزراء وكبار المستقبلين

وصل موكب الرئيس واصطف المستقبلين أمام السجادة الحمراء

 

واتجه رئيس الجمهورية إلى حيث يفترض أن تقف طائرة الضيف الكبير

هبطت طائرة C130 من مظهرها بدت عسكرية ...

استعد الجميع، وبالذات موسيقى الحرس الجمهوري

جاء من يهمس في أذن الرئيس، ليتحرك الجميع ...

قيل أن الطائرة تقل الطباخين ومستلزمات أخرى

عند العاشرة صباحًا تكرر المشهد..

قيل:

هذه طائرة تحمل الحراسة.

كان الوقت يوليو الشهر الممهد لغزر أمطار أغسطس.

السماء تنذر بالغيث، وهو ما حصل بعد الظهر..

طلبة الكشافة في الشوارع ظلوا تحت المطر ظهور موكب القذافي بدون جدوى..

قيل لنا فيما بعد أن الطلبة الصغار وبعض ممن بقي في الشارع الممتد بين المطار القصر الجمهوري كانوا في السماء ترسل رذاذها يصفقون لأي سيارة تمر جراء الإرهاق بسبب طول الانتظار!!!

عند الثامنة ليلاً هبطت طائرة العقيد قادمة من جدة، ومن سلم الطائرة إلى سيارة الرئيس وبدون مراسيم!!! وإلى دار الضيافة في مجمع القصر الجمهوري..

صباحًا ذهبنا إلى القصر وإلى قاعة دار الضيافة الواسعة..

وجدنا طاقم التلفزيون يعد القاعة مؤتمر صحفي للعقيد ...

تجمعنا إضافة لمراسلي وكالات الأنباء ...

فجأة جاء من يخبر حسن اللوزي رئيس اللجنة الإعلامية أن العقيد سيعقد مؤتمره في الطابق الذي هو فيه ضمن طوابق القصر، هرعنا إلى حيث حددوا لنا، بمجرد أن وصلنا، قالوا: لا.. تحت

هبطنا مسرعين، بمجرد أن وصلنا إلى القاعة، قالوا:

لا.. قرر العقيد أن يعقده فوق!!!

تعبنا من الصعود والهبوط. وفي الأخير حشرنا داخل ردهة صغيرة لم تستوعب العدد، ظل معظمنا في الدرج!!

حاول حامل الإضاءة أن ينقل التيار إلى الحامل..

يومها كان ثمة حارس أسود طويل..

كلما مد حامل الإضاءة يده، ركضه الحرس برجله، لأن " كبس " التيار صادف وجوده وراء كرسي العقيد ...يقوم بشرح الأمر للحارس همسًا ويظن أنه سمع وفهم، يمد يده، يركضها الحارس، يئس وجرى التصوير بدون إضاءة فظهرت الصورة معتمة ما أدى إلى احتجاج البعثة الليبية في صنعاء!!

 

يومها فوجئ الجميع بما قاله الأخ العقيد:

اكتشفت أن في اليمن مثقفين!!!

انتهى المؤتمر كما بدأ.. لنواجه مشكلة، فقد قبض على زميلنا محمد علي الشامي، وقال الأمن الوطني يومها أنه ركب مع أحد الليبيين، فدعينا من كنا موجودين للشهادة، قلنا إنه ركب مع علي العلفي صاحب دار الرأي العام ...

لأن العلفي أسمر ويشبه الليبيين، فقد ظن مخبرهم أنه أحد أفراد البعثة الليبية!!!

أفرج عنه.. صباحًا اليوم الثالث وفي ساحة القصر وجدنا الليبيين يفكون صناديقًا طويلة، قيل إنها لمدافع مضادة للطائرات!!!،

كان العقيد سيذهب إلى عدن عن طريق البر، رافقه القاضي عبد الكريم العرشي، قيل إنه طلب والموكب الكبير في ضواحي صنعاء طلب أن يقود السيارة، وكان ما كان.

في الشريجة وحيث البراميل كانت تفصل بين الشطرين، منعوا دخول السلاح، وكان لهم ما أرادوا.

النداء

5 يناير 2024

عبد الرحمن بجاش