لقاء مثير في الضالع يؤشر على مستقبل الحوار الوطني

لقاء مثير في الضالع يؤشر على مستقبل الحوار الوطني

المشترك يرفض انتخابات السلطة وقادة الحراك يرفضون تشاور المشترك
*الضالع - فؤاد مسعد
القضية الجنوبية، بما تشير إليه من دلالات تبدو متباينة، كانت حاضرة بقوة في أجندة اللقاء التشاوري الذي نظمته أحزاب المشترك بحافظة الضالع يوم الخميس الفائت. وفي الوقت الذي أبدى فيه بعض الحاضرين خشيتهم من احتواء القضية الجنوبية ضمن مفاوضات ثنائية قابلة للمساومة بين طرفي اللعبة السياسية (السلطة من جهة وأحزاب اللقاء المشترك من جهة ثانية) بعيدا عن الشارع الجنوبي، تجلت أمارات القلق على رفاقهم في القاعة من أبناء المديريات الشمالية خشية أن تتسرب القضية ذاتها بعيدا عن سياقها الوطني، وبالتالي استخدامها من قبل قوى وأطراف غير معنية بالوطن ووحدته، وهو ما يفتح ثغرة واسعة في جدار الوطن كفيلة –كما يرون– بتمزيق نسيجه الاجتماعي وتهديد أمنه واستقراره.
وإزاء مخاوف الفريقين بدا القياديان الاشتراكيان محمد غالب احمد عضو المكتب السياسي للحزب، وعيدروس النقيب رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكي، في إزالة تلك المخاوف.
حيث أكد محمد غالب أن أبناء الجوف ومأرب (أقصى شمال اليمن) وغيرهم صاروا يطرحون القضية الجنوبية بكل قوة ويعلنون أكثر من مرة وقوفهم إلى جانب إخوانهم في الضالع ولحج وأبين في مطالبهم المشروعة.
وبدوره قال عيدروس النقيب إن القضية الجنوبية ليست صراعا بين الشمال والجنوب، ومن يطرحها بهذا الشكل إنما يخدم أعداء  المشترك
الوحدة والمشروع الوطني الحديث.
محمد غالب قال إن الضالع بمديرياتها الشمالية والجنوبية كانت موحدة من قبل إعلان الوحدة لأن المناطق الحدودية الجنوبية كانت ملاذا للهاربين من الشمال ومثلها كانت المناطق الشمالية، مضيفا أن الضالع اليوم صارت تمثل أبرز رموز التوحد من خلال اندماج أكبر ثلاث جبهات كانت موجودة في اليمن شماله وجنوبه وهي الجبهة القومية والجبهة الوطنية والجبهة الإسلامية وجميعها كانت تتواجد في هذه المحافظة لكنها اليوم غدت تكتلا واحدا...
القيادي الإصلاحي سعد الربية، رئيس فرع الإصلاح بالضالع، رحب بالجميع، مؤكدا أهمية التشاور الذي قال إنه يأتي بعد سلسلة إخفاقات السلطة في إدارة البلد وآخرها الانقلاب على الديمقراطية الذي أقدمت عليه السلطة وحزبها في الثامن عشر من أغسطس 2008.
كما جدد القيادي الاشتراكي محمد غالب الذي يشغل رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الحزب رفض أحزاب المشترك للانتخابات القادمة، واصفا إياها بأنها انتخابات داخلية حزبية تخص الحزب الحاكم ويتعين أن تراقبها دائرة الرقابة التنظيمية لديهم .وقال: "لن نشارك في هذه المهزلة، ولن نبخر في المكان الذي وضعت فيه السلطة أوساخها" حسب تعبيره.
وأكد عيدروس النقيب، نائب رئيس لجنة التشاور الوطني، أهمية التشاور، كونه يأتي بعد فشل السلطة في إدارة البلد وأن السكوت على هذه الأوضاع يعني مشاركة السلطة في هذا الإخفاق. وقال: "السلطة لا تجيد سوى الفشل وصناعة الأزمات وأن الشعب يكتوي بنار الإخفاق والفشل المتواصل بينما نسمع الإعلام الرسمي يتحدث عن تنمية وازدهار وهو ما لا نراه إلا في قصور المتخمين".
وأكد النقيب أن القضية الجنوبية التي تغضب الإخوة في السلطة هي أعمق من أن يصوروها بأن ثمة طرفين، واحد مهزوم وآخر منتصر، فالجنوب تاريخ مضيع وهوية تطمس وثقافة يجري تدميرها وشراكة وطنية ملغية، ولو أن القضية هي هزيمة الحزب الاشتراكي وما يسمونه ببقايا الانفصال بنظرهم، ولو أنهم استغلوا ظروف الحرب في التنمية وبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات، لهان علينا ذلك لكنه جرى العكس حيث صار الجنوب عرضة للنهب والفيد.
وأضاف أن البلد صار بيد حفنة من الناهبين والغاصبين وما نهب الأراضي وتدهور الأحوال المعيشية إلا دليل على ذلك. وقال النقيب إن حروب صعدة الخمس تكثيف لإدارة البلد بالحروب والأزمات ولو لم تقم الحرب في صعدة لقامت في مكان آخر لأن الحرب تمثل لهؤلاء مشروعا استثماريا يدر الأرباح عليهم بالمليارات، ومثلها مواجهة الفعاليات السلمية التي يستدعي قمعها ملايين الريالات لصالح من أسماهم قادة الحروب والأزمات التي يحتاجون إليها بشكل مستمر.
وفيما يتعلق بالقضية الجنوبية قال النقيب إنها قضية تاريخ يزور وثروة تنهب وشراكة وطنية ملغية. وأكد أن طرحها بهذا المفهوم يهيج السلطة ويصيبها بالسعار، ولا تقتصر القضية الجنوبية على مجرد حرب خسر فيها طرف وانتصر آخر. وقال إن عصابة الحكم اغتصبت السلطة في الشمال أواخر السبعينيات واغتصبت السلطة في الجنوب من خلال حرب 94م. وأضاف أن الحراك السلمي في الجنوب رديف للمشترك وأن "السلطة تريد أن تدفعنا لرفع شعارات نزقة كي تؤلب علينا من خلال البحث عن إلصاق العيوب بنا بينما السلطة لديها من العيوب أكثر مما لدى إبليس"، حسب تعبيره . واختتم أنه أمام كل هذا صار على الخيرين أن يبادروا لإنقاذ البلد وهذا ما يهدف له المشترك من خلال الدعوة للتشاور الوطني لأننا نشعر أن الوطن يسير نحو الهاوية.
وعندما فتح باب النقاش والتشاور استهل أحد الحاضرين التأكيد على تخوف قواعد المشترك من أن تكون لقاءات التشاور مجرد وسيلة يقوم بها المشترك لابتزاز السلطة وسيتخلى عن التشاور والمؤتمر الوطني في حال حصوله على ما يريد من مكاسب وامتيازات، وهو ما نفاه النقيب، مؤكدا أن التشاور الوطني ضرورة أملتها الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن  ولن يكون بأي حال من الأحوال وسيلة ابتزاز، لأن المكاسب والامتيازات قد عرضت علينا سلفا. وقال: "عرضت علينا حقائب وزارية ومقاعد برلمانية لكنا رفضناها لإدراكنا أن البلد بحاجة لإصلاح حقيقي وإنقاذ عاجل. واستدرك أن التشاور يهدف لإنقاذ البلد وليس لإنقاذ السلطة كما يتصور البعض.
أحد الحاضرين خاطب مسؤولي التشاور قائلا: "عليكم أن تدركوا أنه في حال إخفاق التشاور الوطني في إسقاط نظام الحكم فإن المشروع الانفصالي سيطرح نفسه بقوة لأنه أشرف بكل المقاييس من مشروع الحكم الحالي الذي وصفه بالعائلي".
وحضرت التساؤلات بشان علاقة المشترك بالحراك حيث قال القيادي محمد غالب إن المشترك يمثل رافعة أساسية للحراك ولا يمكن التخلي عنه.
كما أكد الحاضرون ضرورة التعامل بشفافية من قبل قيادة المشترك فيما يتعلق بحواراته مع السلطة، معبرين عن مخاوفهم مما أسموها "الصفقات" والمفاوضات التي تتم بسرية تامة وبمعزل عن قواعد المشترك وأنصاره، بينما تساءل احمد حرمل (قيادي في مشترك الضالع) عن سبب تعارض الخطاب السياسي لقيادة المشترك خصوصا في مسألة (المدخل الوحيد للإصلاح الشامل) فقال: "أحيانا نسمع المشترك يقول إن القضية الجنوبية هي المدخل الوحيد للإصلاح، وأحيانا نسمع أن الإصلاح السياسي هو المدخل للإصلاح المطلوب، وأحيانا الانتخابات، وإزاء هذا التناقض لماذا لا يستقر خطاب المشترك على مدخل واحد للإصلاح؟".
وقد أدى التباطؤ في الاستعداد لتدشين اللقاء التشاوري والتأخر في مخاطبة الفئات المستهدفة  بالتشاور إلى تخلف بعض الفعاليات والشخصيات البارزة، إضافة إلى أن الموقف المعلن من قبل قيادات الحراك الرافض للمشاركة في التشاور جعل اللقاء يبدو خاليا من عناصر الصف القيادي الأول في الحراك بهيئاته المختلفة، وإن كان بعضهم يحتل مناصب قيادية في مشترك المحافظة، لاسيما الحزب الاشتراكي، مع أن القاعة اكتظت بالحاضرين من مختلف مديريات المحافظة وفي مقدمتهم كتل المشترك في المجالس المحلية بالمحافظة والمديريات.
حضر اللقاء التشاوري الذي أقيم في مقر اللقاء المشترك بمدينة الضالع كل من:
د. عيدروس النقيب نائب، رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني
محمد غالب احمد، عضو المكتب السياسي – مشرف التشاور في محافظة الضالع.
سعد الربية عضو مجلس شورى الإصلاح رئيس فرع الإصلاح في محافظة الضالع.
قاسم الذرحاني عضو اللجنة المركزية سكرتير منظمة الحزب الاشتراكي بالضالع.
محمد الزعلي أمين سر المكتب التنفيذي للتنظيم الوحدوي الناصري بالضالع.
علي شايف احمد رئيس مجلس شورى اتحاد القوى الشعبية  رئيس فرع اتحاد القوى بالضالع.
فضل الجعدي عضو اللجنة المركزية للاشتراكي، المسؤول السياسي للقاء المشترك بالضالع.