محمد الهادي.. مُعتقل منذ خمسة أشهر لمجرد تحفظ أمني!

محمد الهادي.. مُعتقل منذ خمسة أشهر لمجرد تحفظ أمني!

> «النداء»
يبلغ محمد عبدالكريم إسماعيل محمد الهادي من العمر 20 سنة. وعلاوة على دراسته العلوم التطبيقية في كلية حجة، فهو يتلقى دروسا دينية في "جامع النهرين" و"مركز بدر"، ولم يُعرف عنه أي نشاط آخر. لم يكن هناك شيء استثنائي في حياته، غير تلك الحرب التي "اشتعلت" في صعدة وألقت بظلالها على كافة "الهاشميين" وحولتهم إلى مجرد "مشبهوين" بالضرورة.
عُرف "محمد" بكونه شابا هادئا ودؤوبا في دراسته فقط. ودون مقدمات اختفى فجأة. حدث ذلك يوم الجمعة 20/ 5/ 2008 في حجة، حيث يدرس في الكلية هناك. تقول أخته، أمل الهادي، إنها ذهبت لرؤيته قبل يوم من اختفائه؛ كانت مشتاقة لرؤيته، فهو تغيب عنهم طويلاً في حجة، بسبب انهماكه في الدراسة. توجهت من صنعاء مع عمها، الذي يسكن في حجة ويعمل عميداً لكليتها. أثناء سفرهم تلقوا اتصالا من أحد أصدقاء محمد يسأل عنه ويبلغهم أن جماعة من الرجال يبحثون عنه. قلقت لذلك وحين وصلت إلى منزل عمها رأت أخاها نائما. تقول: "لم أكن أعلم أنه آخر يوم سأرى فيه أخي من دون حاجز".
قلق عمها من هذا الاستفسار عن محمد، فاتصل ليعرف ما الأمر. أجابوه بأنه مجرد اشتباه وأنه من الضروري أن يأتي إليهم ليأخذوا منه بعض المعلومات. لم يكن يتبقى على بدء امتحانات محمد سوى يوم واحد، ورغم مخاوف "أملـ" ورفضها ذهاب محمد، فقد أصر العم على الذهاب به إلى الأمن في حجة باعتبار الأمر مجرد اشتباه. انتظرت "أملـ" طوال تلك الليلة، ولم يأت محمد. ذهبت إلى الكلية راجية أن يكون قد ذهب إلى الامتحان مباشرة لكي تراه هناك. حينها تلقت اتصالا من عمها يخبرها أن محمد تم ترحيله إلى صنعاء. أخبرت أباها عبدالكريم بذلك، ولم يعد بيدها سوى أن تتعايش مع القلق الذي سوف يكبر كل يوم. منذ ذلك الحين اختفى محمد ولمدة شهر ونصف، منضماً إلى قائمة طويلة من المختفين قسرياً على ذمة حرب صعدة.
استمرت "أملـ" وأفراد عائلتها بالسؤال عنه في الأمن السياسي. لم يتعاونوا معهم بسهولة، ظل مختفياً لشهر ونصف، قبل أن يخبروهم أنه موجود لديهم.
"مجرد تحفظات أمنية". كان هذا الرد البارد من قبل الأمن السياسي على هو عائلة قلقة تتساءل: لماذا لا يطلقون سراح محمد؟ أخبروهم في البداية أنه مجرد تشابه أسماء بينه وبين ابن عمته الذي غادر اليمن وسكن في السعودية حيث توفي هناك إثر حادث وقع قبل أن يأخذوا محمد بشهر. وذكروا لهم أن محمد ذهب إلى صعدة واستقر فيها. تقول "أملـ" إن ذلك غير صحيح، وأنهم أخبروهم أنه لم يذهب إلى صعدة سوى مرة واحدة ولمدة يوم ليحضر جنازة أحد العلماء. أحضرت عائلة محمد شهادة وفاة ابن عمته، وحصلوا على وعد بالتحرك في الأمر، ولم يحدث شيء حتى الآن.
محمد معتقل حتى الآن في الأمن السياسي تعسفياً. هناك يقع الأمر برمته خارج القانون، وتغلب المزاجية على أفراده. "دخل البرد هذه الأيام، ولم يسمحوا لنا أن ندخل له بعض الملابس ولا حتى بطانية، ومتى ما يحبوا يدخلوا الأكل يدخلوه، ومتى ما يحبوا ما يخلوا احد يدخله!". تتساءل "أملـ" أيضاً: "هل مصلحة البلاد أن يظل شبابها في الحبس لمجرد تحفظات أمنية؟! إن هذا يربي الأحقاد، وخصوصاً أن إحساس الكثير منهم أنه يحبس لكونه هاشميا فقط!".
الآن بدأت الدراسة في كلية محمد، الذي أضاع عامه الأول في الجامعة بسبب "تحفظات أمنية". انضمت "أمل الهادي" إلى العشرات من النساء اللاتي يكافحن يومياً من أجل أفراد أسرهن الغائبين في سجون الأمن السياسي والأمن القومي دون توجيه أي تهمة لهم وفق القانون. إنه نضال مر ويملأ "أملـ" بالغضب: "أي حق يجعلهم يعاملوننا هذه المعاملة؟!!".