مشروع من انتاج مختبرات جامعة الإيمان ويهدف لحماية اليمني من نزواته ومن نفسه الضعيفة.. في الحاجة لتنمية الفضيلة ومحاربة الرذيلة

مشروع من انتاج مختبرات جامعة الإيمان ويهدف لحماية اليمني من نزواته ومن نفسه الضعيفة .. في الحاجة لتنمية الفضيلة ومحاربة الرذيلة - جمال جبران

(1)
ينبغي أولاً بيان الخبر. تقديمه كما جاء إلينا وكان. جعله في الواجهة حتى يكون واضحاً ومرئياً كما ينبغي.
في لقاء خاص مع الرئيس علي عبد الله صالح، مفتتح الشهر الحالي، طالب عدد من رجال دين يمنيين بضرورة تشكيل أو إنشاء هيئة وطنية لتنمية الفضيلة ومحاربة الرذيلة. أو ماسمي في رواية أخرى " هيئة وطنية لحماية الفضيلة والتصدي للمنكرات ". وهي فكرة مقدمة ومصنوعة في مختبرات " مركز الإيمان " الملحق بكيان " جامعة الإيمان ".
وجاء في موقع " ناس برس " (5/5/2008) أن هذه الدعوة، بحسب مقدميها هي " خطوة لابد من القيام بها لتلافي خطر الفساد الأخلاقي والقيمي المحدق بالوطن والعارم الذي يتهدد ويعصف بالمجتمع ويقضي على أواصره وروابطه ". وأوضح محمد الحزمي، وهو أحد الذين حضروا اللقاء مع عبد المجيد الزنداني ومراد القدسي وحمود الذارحي وعبد الملك التاج وغيرهم. أوضح في تصريح لذات الموقع،انه قد تم في لقاء الرئيس مناقشة " جملة من المواضيع وكثير من الأمور المتعلقة بالأوضاع الحالية السياسية منها والاقتصادية ويأتي بالدرجة الأولى منها، ماوصفه الحزمي بـ"تسونامي الفساد الأخلاقي ". مؤكداً على أن هذا " الفساد الأخلاقي " هو أصل البلاء وسبب رئيسي لبقية أنواع الفساد جميعها. مضيفا أنهم قد اتفقوا في لقائهم بالرئيس على حزمة إشكاليات ومنها " إنشاء هيئة وطنية تضم جميع الخيرين بهدف تنمية الفضيلة ومحاربة الرذيلة ". قائلا أن الرئيس وعدهم بإخراج هذا إلى حيز الوجود. ومن طرفه قال عبد الملك التاج أن لقاء الرئيس كان بهدف براءة ذممهم كما ومناصحة الحاكم ولي أمر المسلمين والأخذ على يديه في إقامة الحق وإرساء العدل ومحاربة الباطل وكذلك المشاركة والمساهمة في إصلاح الأوضاع الحالية.
إلى ذلك (ودائماً مع ذات المصدر) قال حمود هاشم الذارحي بضرورة اجتماع العلماء بولي الأمر لمافيه تحقيق الكثير من الخير. وقد كان لهذا اللقاء أن ينتج بالتالي مؤشر خير " ولما علم الله الخير في هذا اللقاء، وصدق وتناغم النوايا لدى العلماء والرئيس. لم يأتي ليل ذلك اليوم، إلا وقد نزل المطر " بحسب الذارحي. (ناس برس 12/5/2008).
صحيفة "الشارع" الأهلية من جهتها نشرت خبراً عن لقاء " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (عدد10/5/2008) جاء فيه أن لقاء جمع رئيس الجمهورية ب13 شخصاً في مقدمتهم عبد المجيد الزنداني وحمود الذارحي ومرعي العجيلي وقد عبّر هؤلاء للرئيس، بحسب مصادر مطلعة للصحيفة " عن امتعاضهم من المهرجان الذي أحيته الفنانة أصالة نصري في مدينة عدن، في فبراير الماضي، مدللين به على ماتشهده البلاد من مظاهر " الفجور والفسق "... وعطفوا على شكواهم هذه مطالبة الجهات المختصة بالسماح بإنشاء لجان تكون مهمتها " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ". كما طالبوا بمنع إقامة حفلات الغناء بشكل نهائي ".
هذا وقد كان تفاعل الرئيس من هذه الدعوة " تفاعل طيب وممتاز " إذ قام، بحسب الذارحي، بتوصية شفوية لمعاونيه أن يقوموا " بمتابعة رئيس الحكومة بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإغلاق الفنادق والأماكن المشبوهة التي تحتوي على مفاسد أخلاقية ". وقال الذارحي (ناس برس 12/5/2008) أن قوام الهيئة سيضم 25 عضواً " كلهم من علماء الأمة وفقهائها ومعهم... وزراء الثقافة والسياحة والإعلام وغيرهم ". مؤكداً في الوقت ذاته أن هذه الهيئة لن تكون نسخة من نظيرتها السعودية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). مبيناً أن " دور هذه الهيئة التي سيكون لها فروعها في كافة محافظات الجمهورية ستقتصر على ضبط المخالفات الأخلاقية ومصادرها، وستقوم برفع الحالات إلى المعنيين التنفيذيين لاتخاذ الإجراءات اللازمة قانونياً ".
(2)
هكذا جاء الخبر وقد عمدت إلى إطالته حتى يتبين الأمر تماماً فلا يبدو أمره لدى القارئ ملتبساً
أو به مسحة من غموض. خصوصاً أن كتابتنا هنا تسير متاخمة لذوي " لحوم مسمومة ".
ورثة الأنبياء، الذين إن صعدوا إلى منابرهم، قبيل كل صلاة جمعة، كان صمتنا واجباً إذ والكلام محرم حال الخطبتين. هم " العلماء" الذين ما أن قالوا لنا: إلى اليمين دور، فإلى اليمين دور، والعكس. الذين إن أمروا أطعنا وإن تحدثوا سكتنا. هم المرشد والدليل. بوصلة حياتنا ومقودها. الذين إذا تجهموا اسودت أيامنا. وان ابتسموا، مبتهجين ابتهجنا. ممتكلو الإجابات النهائية القاطعة والخاصة بكل مايقلق راحة بالنا. هم الناقوس،أول التحذير من قرب خطر داهم كما و أول المبشرين بقدوم خير السماء إلينا. صفارة الإنذار هم. حكام الملعب وقيادته الحكيمة. من " لحاهم " المحناة جيداً يمتد حبل نجاتنا، ومن "مساوكهم " نتخذ عكازات لها أمر إعانتنا على اجتياز الطريق.
هم هكذا، وبحسب المعتقد الشعبي السائد عنهم . ونحن نريد أن نصدق هذا. نريد وضع أقدامنا على يقين ما بعيداً عن شبهة الوقوع في وصفة " ردة ". نريد أن نصدق أنهم ورثة أنبياء. وأنهم يقولون مايفعلون. يحسبون الدنيا دار ممر لا دار مقر. وقبل كل هذا نريد تصديقنا أنهم هنا، بيننا. يسكنون الأرض وينظرون، بعين مهتمة، إلى مايصير فيها ويكون لنا .
 لكنهم على غير هذا كما يبدو جيداً. هم في المقلب الأخر من الحياة، حياتنا. يرقبوننا من بعيد بعين لاتنظر سوى من خلف نظارة جاهلية يعتقدون أننا نعيشها. وعليه فلابد من تدخل عاجل من قبلهم هكذا يعتقدون، وهذا كيما تستقيم الأمور وتعود لحالها ومساقها الطبيعي والقويم وفي ذلك نجاتنا من عقاب الهي أكيد يقف بانتظارنا على خط الحياة النهائي عندما تُعلن صفارة الموت انطلاقتها.
(3)
وعليه كان نزولهم إلينا مؤخراً بحراستهم الشخصية المدرعة. ظهروا بصحة وافرة وأبدان صحيحة غير معلولة ولا تعِبة.هبطوا إلينا تاركين " كهوفهم " واطئين حياتنا الخائبة وقائلين بحاجتها لاستقامة وتقويم بما يعمل على نجاتنا من عقاب شيطان اقرع " وحزقة " قبر إلى أن تختلف الاضلاع وتتداخل.
لكأنهم، وعن جد يسكنون بيننا ويعلمون بحالنا!
لكأنهم يقيمون في اليمن ويعلمون علم اليقين مايدور فيه! مع أن واقع الحال يقول بغير هذا أو على الأقل يقول أنهم يقيمون معنا ولكن بنصف عين متلصصة لاترى غير " تسونامي الفساد الأخلاقي " الذي نعيشه ولا يرون لغيره. التسونامي الآخر أو التسوناميات الأخرى والتي أحالت حياة اليمني إقامة في الوحل والمهانة اليومية، هذه لايرونها!
ماعلينا. لقد هبطوا وقالوا بضرورة قيام " هيئة وطنية لحماية الفضيلة والتصدي للمنكرات ". تمام. لكن وحتى يستقيم الأمر وتصير المعادلة عادلة، لتكن هيئات لاهيئة واحدة. هيئة لحماية اليمني من بطش سلطته الحاكمة. هيئة لحماية اليمني من تسونامي الفساد السياسي. هيئة لحماية اليمني من الفساد المالي والإداري المهيمن على كل شيء . هيئة لحماية اليمني من الانتقاص من كرامته.
عليهم أن يفعلوا شيئاً من هذا حتى نصدق أنهم بيننا.
من المخجل حقاً أن يعيش اليمني هذه الحياة التي يعيشها اليوم فيما ورثة الأنبياء منشغلون بالتنديد بحليب أبقار الدانمارك. تعمدهم التضامن مع كل مسلمي الدنيا من غزة إلى بيشاور والشيشان والبوسنة والعراق... الخ. في حين لانسمع منهم ولاحتى صوتاً تضامنياً واحداً بخصوص مايدور هنا على هذا المساحة " الطيبة " من جغرافية الكرة الأرضية. وهذا على أساس أنهم رب الإبل وأن لليمني رب يحميه. لم نسمع لهم صوتاً واحدا أو بياناً مندداً لما يتعرض له اليمني من محارق على حدود " الشقيقة الكبرى "! لم نسمع لهم صوتاً بخصوص انتهاك اليمنيات القاصرات تحت مايسمى الزواج السياحي! لم نسمع لهم صوتاً بشأن التهريب، من تهريب الأطفال إلى تهريب الديزل. لم نسمع لهم صوتاً بخصوص نهب أراضي الناس واغتصابها. لم نسمع خطبة واحدة لهم عن قضايا المعسرين في السجون اليمنية وهذا الكلام ليس من جيبي. هو الواقع ويقول به..
(4)
وبعد كل هذا يدعون أنهم يقيمون بيننا ويدرون بحالنا وأحوالنا وما وصلنا إليه من ردائة! وعليه هبطوا طالبين مقابلة الرئيس لبحث مشاكل «الأمة» قائلين بخشيتهم من «تسونامي» الفساد الأخلاقي! منددين بحفلات أصالة نصري وراغب علامة، بالملاهي وأماكن الفسق والفجور! وكأن غناء أصالة نصري هو سبب البلاء.وكأن قدوم راغب علامة هو السبب في تهريب الأطفال والزواج السياحي (الدعارة المُقنَّعة) وتهريب الديزل ونضوب آبار النفط واستيراد القمح الفاسد!
عليه كان هبوطهم بين يدي الرئيس قائلين بفكرتهم: إنشاء «هيئة حماية الفضيلة والتصدي للمنكرات». على غرار "جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" السعودية ولكن في نسخة يمنية معدلة، لكنها نسخة بائتة وماسخة وقد انتهت صلاحيتها من زمان.
وعلى الرغم من ذلك لا يترددون في قول إن «هيئة حماية الفضيلة» خاصتهم كانت سبباً في نزول الغيث علينا بعد طول انتظار وترقب! إذ لم يمض يوم على لقائهم بالرئيس «إلا وقد نزل المطر» بحسب حمود الذارحي.
 يصلح هذا القول كمقدمة خرافية لها استيضاح ما سوف يكون عليه أمرنا إذ ما تم تفعيل هذه «الهيئة». طالما وهي «هيئة» مسنودة من قبل عناية إلهية. من الطبيعي إذن قولهم بتخويل الهي يعطيهم حق التصرف في شؤون حياتنا. مراقبتنا والتلصص على أدق أدق أمورنا. سنتحول إلى طرائد جاهزة لاصطيادها. سيقتحمون ليلنا. سيدخلون في أحلامنا لمراقبتها، لحذف وقص أي لقطة خارجة ولا تنطبق على ذائقتهم الأخلاقية الخاصة.
سيشربون الرشفة الأولى من فناجين قهوتنا وكؤوس شاينا. سيأكلون اللقمة الأولى والقضمة الأولى كيما يتأكدوا من مطابقتها لمسألة «ذُبح على الطريقة الإسلامية».
سيراقبون بريدنا الالكتروني وأرقام هواتفنا. وهذا على اعتبار التفويض الإلهي الذي يحملون. كيف لا وقد أنزلوا المطر علينا!
(5)
وبعد:
 ماذا يمكن قوله عندما تُفتح أبواب الجحيم؟
عندما يأتينا كلام بلا خارطة طريق! كلام في الماضي والخرافة والتنجيم ويسير إلى الوراء! كلام بحاجة إلى أوكسجين حتى يعيش ويتحرك في زمننا المضارع؛ حتى يستقيم ويكون صالحاً! كلام هاطل وعنيف. كلام يقول شراً ويحمل أذية! كلام يحمل سكيناً وقنبلة!
وكأنه كان ينقصنا هذا المُنكر النكير. وكأنه كان ينقصنا "ورثة أنبياء" مهمتهم تنفيذ تعاليم الدين فينا. نحن جماعة الكفار المرتدين. وهم جماعة "الناجون من النار ". هكذا يمكن حساب المسألة. هم فِرقة ونحن أُخرى وبيننا قرار رئاسي يقضي بتمكينهم من رقابنا، كما من حالنا وأحوالنا! تبدو حكاية " هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " والآن على وجه الخصوص. في هذا الظرف البشع التي تمر به البلاد. تبدو لفرط سذاجتها، فائضة عن حاجتنا .
تبدو عبثية وهزلية لدرجة تفوق قدرات صاموييل بيكت، وكافة كتاب مسرح العبث مجتمعين. تبدو مجانية ككل مايحدث ألان من أفعال وقرارات سلطوية جاهزة تماماً كيما تُسخر لها مقايل " حشوش " رئاسية! قرارات تأتينا، عادة، ودائماً، على حين غفلة، وكأنه لم يتم التفكير فيها، أو تدويرها في عقل واحد من حاضري مجلس الـ"حشوش" ذاك!
لكأنها زخات رصاص، مطلوقة بجنون علينا. لكأنهم يلعبون كرة قدم على ملعب حياتنا! لكأنهم موجودون لبهدلة ساعات صفاءنا! لكأنهم خلقوا، هكذا، لخلق غبار في الجو ورماد على أسطح قلوبنا!
هو الأمر، مقلق وراعب ومثير. مثير في جانبه السلبي جداً. هو دويّ فوق رؤوسنا وعليها. هو جنون بقر وقد حّل على حياتنا، ولابأس من الاستنجاد هنا بفريق من منظمة الصحة العالمية.
هو زهايمر وسارس وانفلونزا طيور. ودودة حلزونية وحمى ضنك. كما وحمى قلاعية!
هو زمن غابر وعابر، بالتأكيد. ولهذا الزمن أًهله القائلين بالمعروف والناهين عن المنكر. لكن هذا لايعني تجاهلهم وجعلهم وراء الظهر. بل ينبغي مواجهتهم ومجابهتهم.
 الوقوف أمامهم كسد منيع غير قابل لهد أو اختراق.
هي حياتنا، بكل بساطتنا وبساطتها وينبغي الدفاع عنها كما والغناء لها.
Hide Mail