من الانتخاب إلى التعديل الحكومي.. سباق المركز والمحليات

من الانتخاب إلى التعديل الحكومي.. سباق المركز والمحليات - نبيل الصوفي

منذ قرار العفو على آخر قوائم حرب 1994م (في 2003م)، لم تعد ذكرى 22 مايو تشد المتابعين. أظن الأمر سيختلف قليلا هذا العام، السبب هو الحيوية الميدانية –أيا تكن الأخطاء السياسية أو الإعلامية للمعارضة-، وثانيها ما يتعلق بامتلاك اليمن أول حكومة محلية مكونة من 21 محافظاً، انتخبوا لأول مرة كخطوة أولى بانتظار الأهم.
صحيح أن ثمة تعديل حكومي قد يقلل من الأخيرة، ويؤكد استحكام آليات غير موضوعية لتقييم الاحتياجات والأداءات الشخصية والمؤسسية، ولكن في النهاية هو تعديل هامشي، إلا في القليل من المؤشرات.
 
انتخاب المحافظين.. إعادة رسم المزاج
مع احترامي لحق ورأي المعارضة كأحزاب أو أشخاص بشأن انتخاب المحافظين، فإن مايو 2008 يأتي وقد أنجزت حكومة الدكتور علي مجور إنجازاً نوعيا بتلك الخطوة.
ليس في الأمر إنجازات تاريخية، ولاهي كل ماتحتاجه اليمن ومشكلاته، لكنها خطوة شدت اليمنيين نحو المحافظات، وفي ظل عقم التفكير السياسي للمعارضة تجاه الأمر فقد شهدت لفروع المؤتمر الشعبي العام ما بعد الهيكلة التنظيمية, بالقدرة على فرض الخيار المحلي ضد الخيار المركزي (أسقط مؤتمريو المحافظات مرشحي المركز في محافظات التنافس، لصالح مؤتمريين من بين الناس ويمثل مصالح القاعدة المؤتمرية الأعرض)، وفي النتيجة وسعت خيار الشراكة الوطنية حيث هي المرة الأولى التي تسند إدارة كل محافظة لأحد أبنائها (عدا حجة والمحويت).
ومع المخاوف من أي التفاف عليها من قبل مصالح القوى التي بالضرورة تقف مصلحتها نقيضة لمصلحة القاعدة الأعرض منا,بسطاء هذه البلاد، فإنها إنجاز وطني حقيقي يعيد رسم الخارطة الإدارية لليمن المصادرة من المركز. ويمنح الانتخابات قوة تتجاوز قوة البرلمان بالنظر إلى الدور المباشر للمحافظ في حياة مواطني المحافظات.
 
التغيير الحكومي.. الإجراء المجهول
باستثناء ما أعلن عن "وزراء لديهم ملفات في هيئة مكافحة الفساد"، ومؤشرات أخرى أقل محورية, فإن التغيير الحكومي بدا كأنه تم تحت تأثير سلبي لدوشة انتخاب المحافظين التي عركت المؤتمر الشعبي العام ونحتت مخاوف قياداته كثيرا.
لست في إشارتي لمكافحة الفساد متفقا والخطوة والتي أثارت القلق داخل الحكومة ذاتها إذ أعلنت باسمها أولا، مع أنها لاعلاقة لها، وثانيا حولت هيئة مكافحة الفساد وكأنها إحدى لجان التصحيح الثوري للأحزاب الشمولية التي تستسهل الاتهام بالفساد في أي خلاف من أي أنوع سواء كان إداريا أم سياسيا.
ليس المهم الحديث عن فساد أو لافساد وزير هنا أو هناك، ولكن طالما قد تم تغييره فإن الحديث عن الفساد يصبح مجرد تأكيد لعدم نزاهة الإجراءات كلية.
التغيير، شمل وزراء كانوا ناجحين فعليا، كوزير النفط الذي حرك كثيراَ من مياه وزارته الراكد من حيث التحديث أو من حيث إيصاله أول ملف لهيئة مكافحة الفساد بشأن قضايا فساد في القطاع الذي تديره وزارته. وتغيير بحاح هنا مؤشر قوي بأن مراكز القوى المالكة لهذة البلاد ليس فقط لن تتركك تعمل ولكنها أيضا قادرة على إقصائك كليا. حتى لايقول أحد إن الأمر مرتبط بأزمة الديزل فالأسعار تشتعل منذ أشهر وهناك وزارات أقل حيوية مما يحدث في النفط، كما أن أزمة بحاح تكمن في خوضه معارك صامتة داخل قطاع النفط، فهو رفض تعيين شخص ما ذات مرة، وهو خاض معارك تتعلق بأراضي مصفاة عدن، وهو حدث كثيرا أداء وزارته وله بصمة واضحة في اليمننة والتأهيل. لاشك أن له أخطاء, لكن ليس منها أنه لم يسع لنيل رضا مراكز قوى وهي التي أقالته من وزارته.
ومع مايظهر بشأن نقل وزير الداخلية د.رشاد العليمي، ومحافظ تعز صادق أمين أبوراس لنيابة رئاسة الوزراء، فإن من المهم رؤية إنها مناصب ليس لديها ميزانيات ووظائف الوزارات، لذا فإن تعيين مطهر رشاد المصري في الداخلية ليس أكثر من الانشغال بالحوثيين. واليمن ليست كلها حوثيين.
nbil