محسن البدهي - رئيس لجنة التخطيط في محلي الضالع لـ«النداء»: ضرب النضال السلمي بعشر نوافذ خسرها المؤتمر وقوى الأمن الوافدة صعَّدت ضد المواطنين بتوجيهات مركزية

* لا يشرفني الحديث عن شارع شمالي وآخر جنوبي والجميع مع الوحدة
* فرص التجنيد في القوات المسلحة تحولت الى مصيدة وأعمال الشغب ردة فعل من الشباب العاطلين
 
حوار: فؤاد مسعد
اعتبر محسن البدهي رئيس لجنة التخطيط في المجلس المحلي لمحافظة الضالع أن تحطم 10 نوافذ في مقر المؤتمر الشعبي العام لا يبِّرر الحملة الشاملة التي نفذتها قوات أمنية وعسكرية لضرب النضال السلمي في الجنوب.
وانتقد البدهي، وهو أيضاً عضو في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، الأجهزة الأمنية التي نزلت مؤخراً في الضالع وغيرها، وتتحرك خارج الدستور والقانون، منفذة أوامر عليا من المركز، لكنه أشاد بإدارة أمن الضالع التي تبدي تفهماً ومسؤولية في التعاطي مع الجهات المختلفة.
البدهي، 51 سنة، تحدث لـ«النداء» عن أوضاع المجلس المحلي للضالع، وهو الوحيد الذي تسيطر على الأغلبية فيه أحزاب اللقاء المشترك، موضحاً أسباب الخلافات التي نشبت بين المجلس ورئيسه (المحافظ) كما تطرق لأوضاع الحزب الاشتراكي ومستقبل العمل السلمي في المحافظات الجنوبية في ضد التطورات الأخيرة.
> في البداية كيف تقرأ الوضع الراهن؟
- الأحداث الأخيرة التي حصلت في الضالع وبعض المدن كانت ردة فعل من شباب غاضبين. طلاب كانوا يبحثون عن وظيفة. هي تحرك مطلبي لعدد من الناس الفقراء من خريجي الثانوية العامة والمعاهد وغيرها؛ بهدف الحصول على مكان في القوات المسلحة بناء على عرض من السلطة، مع أننا نشك في مصداقيته. فقد كان ذلك مصيدة تم من خلالها وضع المطبات لهؤلاء الشباب. فهم بعد وصولهم إلى يريم تم اختيار مجموعة بطريقة غير علمية وترك البقية في السوق، مما أثار ردة الفعل العكسية لدى الشباب الذين يعانون من الفقر ومن سوء الأحوال المعيشية المتردية، ولم تكن مظاهرة سلمية، فقد اندس فيها بعض العناصر من مثيري الشغب.
> لكن لوحظ وجود ثقافة كراهية لدى معظمهم؟
- ثقافة الكراهية التي أشرت إليها لم تكن وليدة اللحظة ولا صنيعة اليوم، بل هي ردة فعل لثقافة التكفير التي تروج لها السلطة ضدنا وتتبناها عبر العلماء والخطباء ووسائل إعلامها المختلفة. ومع ذلك نحن نرفض إثارة الكراهية والتحريض ضد الآخرين، وعلى السلطة أن تكف عن تبني مثل هذه الأفكار المدمرة.
> أعمال التدمير طالت المباني والمؤسسات؟
- الخسائر لا تتجاوز عشر نوافذ في مقر المؤتمر الشعبي، لكن السلطة تذرعت بهذه الدعاوى من أجل ضرب النضال السلمي، وقامت بإنزال الجيش إلى الشوارع، وتم استخدام الرصاص الحي، وعاشت الضالع مشاهد تعد دخيلة عليها. كم كنا نتمنى أن تكون السلطة موجودة منذ اللحظة الأولى، أما أن تترك أعمال الشغب تسير على طبيعتها ثم تأتي متأخرة وتقوم باعتقال غير المعنيين بهذه الأعمال وبطريقة شعرنا معها كما لو كان الأمر معداً مسبقاً، وليس لحماية السلم الاجتماعي والحفاظ على الأرواح والممتلكات.
> عفواً، أين كان المجلس المحلي هذه اللحظة؟
- المجلس للأسف تم استبعاده من كافة المداولات المتعلقة بالموضوع.
> ولم تعقدوا أي اجتماع لمناقشة المستجدات؟
- عقدنا اجتماعاً واختلفنا فيه مع المحافظ...
> بسبب رفضكم إدانة أعمال الشغب؟
- لا لا. الخلاف لم يكن بسبب الإدانة، فهذا الأمر مدان من قبلنا، فنحن في قراراتنا السابقة أدنّا قطع الطريق. ولكن بالمقابل: من يقطع الطريق الآن؟ من مارس الحصار ضد أبناء الضالع في جحاف والشعيب والأزارق؟ من منع الإمداد عنهم وجعلنا في حالة حرب؟ لماذا لا ندين كل السلوكيات الخاطئة؟ طالبنا بتشكيل لجنة واقترحنا أن تكون من إخواننا في المؤتمر، لكن المحافظ تهرب وانسحب مع أحد أعضاء كتلة المؤتمر.
> هل تواصلتم مع أجهزة الأمن؟
- نعم. تواصلنا مع الأخ مدير الأمن، وله جهود طيبة ومشكورة، ولكن هناك أوامر عليا مفروضة عليه وعلى غيره. الحقيقة أن الأجهزة الأمنية المتواجدة في الضالع بدت متفهمة للموضوع، ولم تعمل على التصعيد كما فعلت القوى التي جاءت من خارج الضالع ولديها أوامر مركزية.
> لماذا لم تناقشوا الموضوع مع المحافظ باعتباره رئيس اللجنة الأمنية؟
- ناقشناه، لكننا ندرك أن هناك لجنة أخرى مشتركة يرأسها قطن (قائد عسكري)، وهي تعمل بشكل سري. كما أننا ندرك أن القيادة من خارج الضالع، وقد أعلنّا رفضنا لمواجهة المتظاهرين بالقوة واستخدام الرصاص الحي واعتقال المواطنين. وأنا هنا لا أحمل الأجهزة الأمنية الموجودة في الضالع أية مسؤولية بقدر ما أحمل الوافدين من أجهزة الأمن التي مارست التصعيد في أكثر من موقف، ولاحظنا أنها تباشر الاعتقال في أي مكان ولأي شخص.
> هل زرتم المعتقلين؟
- نعم زرناهم وأخرجنا البعض منهم بعد التواصل مع المحافظ ومدير الأمن، وبعد أن تأكد لهما أن لاعلاقة لهؤلاء بأحداث الشغب، بل تم اعتقالهم في الشارع، مع أنه لم تكن هناك أعمال شغب بالحجم الذي حاولت السلطة أن تصوره لتجعل منه ذريعة لضرب الحراك السلمي وما تبقى من الهامش الديمقراطي، وإلا ما معنى أن تقوم بإغلاق مقر جمعية المتقاعدين وجمعية المناضلين وتنهب مقراتهم وتكمم أفواههم. أعتقد أن هذا يتنافى مع الدستور والقانون.
> والتحريض ضد الشماليين؟
- لا يشرفني أن أتحدث عن شارع شمالي وشارع جنوبي، ولكن أقول الشارع اليمني مع الوحدة. والضالع كانت السباقة عندما فتحت بيوتها لإخواننا النازحين من الشمال. ثقافة التحريض دخيلة عليها بفعل ممارسات السلطة التي ترتكب منذ حرب 1994، كيف تحاسبني السلطة على ثقافة الكراهية ولا تحاسب نفسها على ثقافة التكفير التي مازالت مصرة عليها؟
> لكن السلطة تحملكم مسؤولية التحريض والكراهية؟
- المشترك ناضل ويناضل بطريقة سلمية ديمقراطية وفقاً لبرامجه السياسية، لكن السلطة بإصرارها على الممارسات الخاطئة وعدم معالجتها هي المسؤولة عن كل ما يحصل. ماذا فعلت من أجل قضية المتقاعدين؟ لم تتجاوز المعالجة 15% وقالوا 96%. ماذا فعلت لأجل تقرير صالح باصرة الذي خير الرئيس بين الشعب كله او خمسة عشر فاسداً؟ هل طبعت الحياة السياسية؟ هل عادت لاتفاقيات الوحدة الموقع عليها عام 90 والتي ضربتها في حرب 94.
> بخصوص المتقاعدين ماذا فعلتم في المجلس؟
- نحن طرحنا مطالبهم، ولا زلنا نتابع هذه المطالب، لكن السلطة لم تستجب.
> طرحت الموضوع على الرئيس كيف تعامل معه؟
- ماذا فعل؟ شكل لجنة برئاسة (نائب الرئيس) عبد ربه منصور، ماذا تتوقع منها أن تفعل؟
> وما هي أولوياتكم في المجلس؟
- في البداية كنا نتمنى أن نقوم بالتنمية المطلوبة وإيجاد البنى التحتية، إيجاد الطرقات وتوفير الماء، وتوفير فرص عمل للناس، ولكن وجدنا أننا كل يوم إزاء حالة أمنية تستدعي أن نعمل لحلها مما أثر على أدائنا، مع أننا كنا قد وجدنا توجهاً جادا من قبل الأخ عبد القادر هلال وزير الإدارة المحلية، حيث لديه توجه لتقديم شيء للضالع وأبنائها، لكنه حورب.
> من الذي حاربه؟
- جهات فاسدة.
> في السلطة أم خارجها؟
- بل في السلطة، هناك من لا يريد للوزير أن ينجح ولا يريد للضالع أن تستقر.
> كقيادي اشتراكي كيف تقيم وضع حزبكم اليوم؟
- الأفضل أن أترك لك أنت مهمة تقييم هذا الحزب، تاريخه، دوره النضالي، حبه للوحدة وحرصه على الوطن.
> لكنه يمر بمرحلة حرجة؟
- محاولات إخراج الحزب وإقصائه من الحياة السياسية مستمرة ولم تتوقف، ومع ذلك أثبت حزبنا أنه وجد ليبقى وأنه متجذر في أوساط المجتمع ويستحيل إلغاؤه أو تجاوزه.
> هناك أصوات من داخله ومحسوبة عليه تسعى لتهميشه؟
- نحن نسمع كل الآراء داخل الحزب ونناقشها، وهذا حق مكفول للجميع حتى وإن اختلفنا معهم. علينا أن نقبل بالديمقراطية.
> ألا تخشى عليه من التشقق؟
- إطلاقاً. لقد حاولت كثير من المسميات أن تفرض نفسها بدلا عن الحزب لكنه احتفظ بثباته. الحزب منذ الحرب وهو واقع تحت الحصار لكنه لا يزال رقماً صعباً لا يمكن تجاهله.
> كيف تقرأ مستقبل الحراك السلمي؟
- سنواصل نضالنا السلمي لانتزاع حقوقنا. علينا أن نخلص من الأخطاء التي من شأنها تقديم مبررات للسلطة لقمع الحراك. سننزل للشارع وسيكون نضالنا وفقاً للدستور والقانون. طريق الحرب والعسكرة لن يوصلنا الى حلول، والسلطة كشفت عن أوراقها من خلال معالجتها للازمة بأزمة جديدة.
> ألا يعد قرار انتخاب المحافظين إنهاءً لحالة العسكرة التي تتحدث عنها؟
- كيف وهو بالأساس صادر عن مجلس عسكري ليس له أية علاقة بمثل هذه القرارات إلا اذا كنا نعيش حالة طوارئ وحرب. انتخاب المحافظين ليس حلاً لما يعيشه الناس اليوم من أوضاع سيئة وليس لديه خيط سحري لمعاجة المشاكل جميعها.
> لكنكم في المشترك كنتم تطالبون بانتخاب المحافظين؟
- كنا ولا زلنا نطالب ولكن وفق رؤية متكاملة تعزز صلاحيات الحكم المحلي كلها، وليس بهذه الطريقة التي تختصر الحل في انتخاب المحافظين فقط.
> أنتم في مشترك الضالع كيف ستتعاملون مع القرار؟
- أعتقد أنه بالنسبة للمشترك في الضالع لن يزيد هذا القرار من شأننا شيئاً بقدر ما ستتخذه السلطة ذريعة ضدنا وهي تدرك أن مقاليد الأمور كلها بيد الحزب الحاكم، ونحن لا نستطيع التدخل في تعيين عضو في المكتب التنفيذي اذا لم يكن حاصلاً على بطاقة الحزب الحاكم.
> هذا يعني أنكم نعرقلون البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس؟
- لا. بالعكس نحن نطالب الأخ الرئيس وحكومته وحزبه بأن ينفذوا برنامج الرئيس.
> انتخاب المحافظين من برنامج الرئيس؟
- ولكن ليس من البرنامج أن يأتي مجلس عسكري لإقراره.