السلطة رفضت منح 3000 مهمش في محافظة عدن بطاقات شخصية لأن منازلهم غير مرقمة.. غير أنها تزورهم في الانتخابات

السلطة رفضت منح 3000 مهمش في محافظة عدن بطاقات شخصية لأن منازلهم غير مرقمة.. غير أنها تزورهم في الانتخابات

- عدن - مرزوق ياسين
"نمبر ستة" هوالمكان الواقع بين مديريتي الشيخ عثمان ودار سعد بمحافظة عدن، أطلقت عليه هذه السمية ولا يزال منذ التقسيم البريطاني مساحة فارغة تمتد جنوباً من موقع كلية المجتمع بدار سعد مشروع صناعي أقيم هناك في عهد الرئيس "سالمين"، لكن هذا المشروع الذي يحمل اسمه توفي بوفاة الرئيس سالمين في العام 1978، قيل إنه كان لغرض المباني الجاهزة.
ظل المكان مساحة فارغة حتى نشوب أزمة الخليج، فكانت ملاذاً وموطناً للكثير من المغتربين اليمنيين العائدين من دول الخليج. مئات الأسر تجمعت في محوى يشبه مخيم لنازحين من الكوارث والحروب التي تقيمها المنظمات الدولية وجهود الإغاثة الإنسانية.
غير أنه يفتقد لأبسط المقومات. الخشب والكرتون أساس توسع المحوى، إنهما مكونات أكواخهم، التي تفصلها أزقة ضيقة سكانها في الغالب من المهشمين المعروفين بالفئة الأشد فقراً، حسب التوصيف الرسمي. إنها منطقة مرشحة لوقوع الكوارث الإنسانية؛ فأصغر شرارة ستودي إلى حريق ربما سيجعل المحوى في خبر كان.
حرارة الطقس وانعدام الماء وخدمات الكهرباء، تندرج ضمن مميزات المحوى! فبعد ست عشر عاماً، ما تزال ثلاثمائة أسرة تقريباً تنتظر مصيرها المجهول وتنظرعملية التخطيط للمنطقة يحفظ لهم آدميتهم.
عدا ذلك لا يحمل قاطنو المحو بطاقات هوية، فمنزلهم عشوائية، وهو مبرر يتكى علية موظف الأحوال الشخصية حين يرفضون منحهم تلك البطاقات.
لكنهم يحملون بطائق إنتخابية. هم ناخبون فقط! وأفاد المتعبين المعزولن في المحوى، أن الانتخابات الرئاسية جادت عليهم بعداد واحد للمياه، لكل سكان المحوى بإشتراك شهري يتوزع فيما بينهم، حينئذ شاهدوا لأول مرة مهندسين زاروا أكواخهم حل للمجاري، عقب الانتخابات أختفى المهندسون، ولا مجال لرؤيتهم إلا في الانتخابات القادمة.
يحوي المنزل الواحد من أسرة إلى 4 اسر. ويبدو أن الجهات الرسمية قررت أن تكون المنطقة مصدراً لتوليد الأمراض، أكوام من القمامة، غياب المجاري وخدمات الصرف الصحي. أمام مشهد إنساني مؤلم بين المساكن التي لا يتعدى حجم الواحد منها مساحة حجرة صغيرة.
وفي ممر ضيق لاتسع لمرور شخصين وحجرة كقبو، جلست عجوز سألتها عن حالها وظروف أسرتها فأجابت فور علمها أنني صحفي أنها تعيش على باب الله من التسول. لديها اثنين من أبنائها محمد وعلي للأول ولدان وللثاني 4، ويعملان في الحمالة في السايلة (حيث محلات الجملة).
هنا في المحوى حياة بدائية، الفانوس عنوانها. مدت العجوز يدها إلى حضنها وأخرجت 70 ريالاً، هي حصيلة ما جمعته في ذالك اليوم. أما الطعام يتم اجتلابه من بقايا المطاعم في الغالب حد قولها.
دخول المحوى مغامرة بالنسبة للصحفي وخاصة إن كان يجهل أن لديهم: الرجال والنساء والأطفال حساسية من الكامرا، إذ قام الأطفال بقذف الحجارة على هذا الصحفي الغريب حين كان يخرج كامرته. لكن أسامة احمد سعيد، وهو حرفي ويستخدم حوش منزله كورشة متواضعة، لم يمانع من استخدام سطح منزله لإلتقاط بعض الصور العامة للمحوى.
نقلت العديد من التساؤلات للوضع الإنساني إلى عاقل المنطقة محمد ناصر، الذي يحمل رتبة عسكرية، لكنه امتنع الإدلاء بأي معلومات إثر ذالك فقط أكد أن غالبية سكان المحوى من عادوا الخليج والبعض متواجدون من عقود سابقة.
في الجهة المقابلة للشارع العام ثمة هناجر بدأت تزحف باتجاه المخيم قيل انها لأحد المستثمرين على حساب السكان وبحسب إفادة، الذين لا يمتلكون صفات المواطنة: في 98/99، تمت عملية طرد جماعي للعديد من الأسر القاطنة في موقع الهناجر تحت الحراسة الأمنية والجارفات مصير هذة الأسر مجهول ولم يتم تعويضهم بأ مكان بديلة من السلطة المحلية البعض تم منحه 5000 ريال والآخر أخرج بالقوة ويتردد أنهم من مناطق تهامة وزبيد، عادو الى مناطق آبائهم والبعض لايعلم مصيرهم. الوضع الذي يجعل أكف الناس على قلوبهم إثر ذالك.
 طلال محمد ناصر 41عاما يمتلك منزلا مقابلا للمحوى من قبل عام 90، تم توقيف معاملته في الحصول على ماء وكهرباء بعد أن أتم الإجراءات المطلوبة منه، وقال: أخذت قرضا للبناء من الصندوق الاجتماعي ثم حصلت بموجبه على اسمنت. بعت الاسمنت بنصف قيمته آنذاك، ولم أستطع الحصول على الكهرباء في وقت تم إدخال الكهرباء بطريقة عشوائية للهناجر المقابلة عبر تمديدات مباشرة من الكابل الأرضي.
الشباب المحوى لم يستطيعوا الحصول على بطاقات شخصية بمبرر أنهم لايمتلكون أرقام منازل ويلجأون الى التحايل من خلال عقال الحارات الذين يرفعون أرقام منازل بعيدة عن المحوى هذا ما افاد به الكثيرون، لاسيما عقال المنطقة الذين أبدوا مخاوف من كلمة صحافة. شوقي محمد، العائد من السعودية هو وأسرته 25 عاما (يعمل حمالا في سوق السيلة) لم يتمكن من الحصول على بطاقة تثبت أنه يمني، قال حاولت عدة مرات وترددت على مكتب الأحوال المدنية من أجل الحصول على بطاقة يبدو مفاخراً أنه درس حتى الصف الثاني فقط، مقارنة بالتعليم هناك وأضاف: "بعد عودتي من القصيم (في المملكة العربية السعودية)سكنا أنا وأبي وأمي وأخوتي هنا في المحوى لم أتمكن من إخراج بطاقة شخصية لأن الدولة لم تعترف بنا، يقولون لنا:"انتم مبانيكم غير مرخصة" نحن لا ماء لدينا ولاكهرباء. وحالنا يعلم به الله، يسترنا الكرتون ولطف الله".
ظروف إنسانية صعبة وغياب تام لدور المنظمات الإنسانية ففي العام الماضي شهد المحوى حالات هروب لفتيات، في إحصاء سريع وإفادة من السكان، وسط حالة من التكتم الشديد بين الناس انتشار البعوض جراء غياب الصرف الصحي كارثة صحية تتهدد السكان الذين قدرت أعدادهم 3000 شخص تقريبا معظمهم لا يعون الجانب الصحي الأطفال
80% منهم لم يلتحقوا با لمدارس ويمارسون ألعابهم وسط القمامات المنتشرة في كل مكان حول المحوى المجاري تتم عبر آبار راشحة الكثير منها أصبحت مصدر تلوث صحي. غياب تام للوعي الصحي ومثله للخدمات الصحية حاولت التقاط صورة لطفلة تلعب مع أخوها بيد أنها أخذت حجر من الأرض سترميني بها حال الشروع في التصوير.
جمال الراجحي، الضابط بشرطة شيخ عثمان، قال: "إن سكان المحوى يتحلون بهدوء نسبي ولاترد قضايا إلى القسم إلا فيما ندر تنحصر مجملها في قضايا الآداب، وهروب بعض الفتيات من المحوى" وأضاف: "مذهبهم نفس" في اشارة الى انهم يحتكمون للأعراف، مصادر أخرى في شرطة الشيخ عثمان أوضحت أن بعض الفتيات تم تزويجهن بعد الهروب من الأشخاص الذين "هربوهن" وعدد منهن أودعن السجن
شعور با لإحباط تولد عند الكثير "غربة الداخل اشد مرارة من غربة الخليج" والتنكر الرسمي لهم بعد 17عاما من العودة إثر أزمة الخليج.
وتقول شهيدة ثابت، أستاذة علم النفس بكلية آداب جامعة عدن, إن جملة الأوضاع الاجتماعية التي يعانيها سكان المحوى ستفرز مشكلات خطيرة، أولها الاحباطات جراء التهميش وهذه كثيرا ماتدفع إلى سلوك عدواني عند الأفراد المهشمين الى جانب انحرافات أخلاقية كانتشار الرذيلة وتفشي الزنى وترك التعليم والسرقات وظهور العديد من الأمراض الخطيرة صحيا ونفسيا واجتماعيا.. (اذا ما استمر الوضع هكذا)...
"تريزا صدقة" رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس المحلي، قالت المنطقة شعبية، ولكنها غير مرقمة وفي الطريق لترقيمها ومدها بالخدمات" وعن البطائق أرجعت السبب إلى إهمال الأهالي في استصدار شهادات ميلاد
أسئلة كثيرة تم طرحها على طاولة مكتبها المتواضع في محلي الشيخ عثمان، لم أجد توضيح بشأنها بما فبها بطائق الانتخابات التي صرفت ولم بتم صرف البطاقات الشخصية للكثيرين استصدار البطاقات للناس سكان المحوى، تم حسب قولها بالاشارة الى المنزل (خشبي) ونفت اخراج الناس من المحوى، لكنها عادت لتؤكد مانفته أنهم أخرجوا بمقابل لم تعطى الرقم
التقريبي مقارنة با الموقع والحاجة الانسانية لسكن هؤلا البسطاء.
في كل مكان يتم اعتبار المحوى على أنه تابع للشيخ عثمان في الشرطة وغيرها من المكاتب لكن ماكشفه الاخ فهيم عوض عباد رئيس لجنة الخدمات، كشف الجانب المظلم في معاناة سكان المحوى.
وبحسب الاخ فهيم: "المنطقة مازالت موضع خلاف بين مديريتي الشيخ والدار ووصلت إلى طاولة المحافط، لكن إلى اللحظة لم يحسم المحافظ في الموضوع". (موقع المكان استراتيجي ويثير اللعاب لدى التجار والمسؤولين -حد وصف العامة). سألته هل هناك طرف ما مستفيد من هذا الخلاف، وبقاء الناس هكذا؟ لكنه اعتذر عن الإجابة.
عن وضع المحوى ولماذا لم يتم توفير الخدمات له قال:رغم عدم حسم الموضوع من قبل المحافظة إلا إننا قدمنا مشروعاً متكاملاً للصرف الصحي في كل من السيلة والمحاريق وال سيسبان بكلفة تقديرية (76) مليون، إلا أن الموافقة عليها لم تتم من قبل المحافظة حيث يتم حاليا إعداد المشاريع مركزيا دون النضرة إلى المشروع بأبعاده الإنسانية.
دخلت الى المحوى احمل هم الماء والكهرباء، وخرجت أحمل غيرها: لماذا غاب دور السلطات في المحافظة في تعويض هؤلاء، بعد مرور 17 عاما من عودتهم من دول الخليج!؟ وقبل ذلك لماذا لم تتم عملية تخطيط المنطقة بشكل منظم؟! وماهو مصير هذه الأسر المنكوبة خارج جغرافيا الاهتمامات الرسمية والصحفية ودور المنظمات الإنسانية.
مصادر مسؤولة لـ"لنداء" لم تستبعد إقدام جهات، لم يتم تسميتها، بإحراق المحوى من أجل البسط عليه. وهل صحيح أن الموقع مملوك لطرف ويسعى بكل الوسائل لعرقلة إجراءات الناس بما في ذالك سكان المنطقة المجاورة للمحوى. نود إجابة شافية لوضع إنساني كارثي لا يمكن السكوت عليه والتغاضي عنه!!