عن رجل واحم

< ليس من واجب الفن أن يصور الواقع كما هو بكل تفاصيله.
إنه بذلك لا يَُصبح فناً، بل آلة ناسخة شديدة الرتابة. كما وأن النظرة الضيقة للفن، لا تقدم فناً على الإطلاق.
< مطلع الاسبوع الثاني من شهر رمضان، أوقف الاستاذ حسن اللوزي- وزير الاعلام - بث السلسلة المحلية «شاهد عيان» بسبب أن هذهِ الأخيرة أظهرت جُملة من الرجال (الممثلين) ببطون منتفخة يعانون من حالة «وِحام».
< المنطق، وكذا مشاعر الفحولة الضاربة رؤوسنا، أن الرجال لا يحبلون. هذا صحيح.
لكن حينما يكون الأمر متعلقاً بالفن، بالخيال الفني، فإن مساحة من المغُايرة ينبغي لها أن تتوافر.
خيال المؤلف والفنان القدير/ يحيى السنحاني أراد للرجال أن يحبلوا فما العيب في ذلك: ليلة عرض تلك الحلقة إتصل بي زميل عزيز مُغتاظاً، وبشدة: «هيا شُفت حقنا الدراما كيف هي، قد الرجال يحبلوا ويولدوا!! هذا قدهو جنس ثالث!!». وأنهى مهاتفته لي حَنِقاً كما لو أنهُ كان يتعين عليَّ أن أصرف لممثلي الحلقة روشتة تنصح باستخدام حبوب منع الحمل قبل عرض الحلقة إياها على مشاهدين مشحوطين ولا يقبلون العيش إلا كـ«فحول»!!
< لا أحد يحاكم الخيال غير سُلطة الكنيسة، ولا أعتقد أن محاكم التفتيش عادت لتظهر مجدداً في اليمن.
ثم أن المودفِ- عفواً المؤلف- أنهى حلقته تلك بمشهدٍ يستفيق فيه الرجل من حلمه المزعج (رجل واحِم ) على زوجته الحبلى إذ كانت تتألم من اعباء الحمل.
< الرجال لا يعيشون آلام النساء «الواحمات» ليشعروا كم ذلك موجع.
عند ذاك كان تدخل خيال المؤلف وقدم في الحلم رجلاً واحماً عاش آلام ال9 شهور في غمضة عين ولما استيقظ انعكس ذلك الحمل في الواقع إلى معاملة حسنة، والى إحساس عال حوط به زوجته تباعاً.
فين الخطأ إذن؟
إن الدراما التي تنمو تحت الأظافر- عموماً- يُصبح خدشها سهلاً جداً، ولا تنقصنا المبررات لبطحها أرضاً، أقلها تحت ذريعة المساس بالذوق العام! أو.. بالفحولة العامة التي نحاول- بوعي ومن دونه- أن نُصدرها حتى للإطفال.. إذ لا يكف الآباء المشحوطون عن تشجيع ابنائهم الصغار بعبارة «رجّال».
< إيقاف «شاهد عيان» لسبب كذاك، أرضى مشاعر الفحولة بامتياز. يا ساتر كم في هذا البلد المهُترئ رجاااااااال!
< مسلسل «دحباش» تحول بعد عرضه- مطلع التسعينيات- من دراما تلقائية إلى سياسة، وانتهى للأبد!!
مسلسل «طاهش وناهش» لنفس الممثل الكوميدي «آدم سيف» تم إنتاجه وبدأ الاستعداد للبث، وقبل أن يعُرض تم إيقافه والسبب هذه المرة أن اسم «ناهش» يرمز إلى لقب إحدى القبائل في اليمن.
أيهما كان أجدر، أن تتوقف أفكار القبيلة أم يتوقف المسلسل؟! يا ساتر كم في هذا البلد أعفااااااااط؟!
خيرة الله
ثمة أشياء ينبغي أن تكون ذرائع مهمة لإيقاف أكثر من مسلسل تبثه الفضائية اليمنية، هذا لو أن هناك حمران عيون صحيح.
الافكار تكاد تكون قريبة ومتشابهة، تغليب لهجة محلية واحدة على بقية اللهجات؟! يتعين أن توجد لهجة وسط تأخذ المفهوم من الجميع.ورغم هذا، أنا لست مع إيقاف أي عمل.
< لست معنياً الآن بمناقشة الجيد وغير الجيد.. أنا فقط أسجل تعاضدي مع جميع طاقم المسلسل.
fekry