عمدة مقديشو: الذين يقومون بالتفجيرات معظمهم أطفال.. نعمل على إعادة تأهيلهم

شيخ شريف رجل لديه شهوة جامحة للسلطة وعبدالقاسم صلاد وحسن طاهر أويس يقفان وراء أعمال التفجير
- لقاء: جلال الشرعبي
قامة طويلة وجثة ممتلئة يبدو الشكل الظاهر لعمدة مقديشو محمد طيري.
برز إسم طيري عقب سقوط نظام محمد سياد بري مطلع تسعينيات القرن العشرين، وهو الذي كان استقال من الجيش عام 1983م بعد عشر سنوات من الخدمة العسكرية ليتجه الى التجارة، لكنه مالبث أن عاد مجدداً الى حلبة السياسة والصراع بعد إنهيار الدولة الصومالية مطلع يناير 1991م. إنضم محمد طيري الى المؤتمر الصومالي الموحد الذي تشكل عقب الإنهيار. وفي العام 1995 أصبح محافظاً لمدينة «جوهر»، كما شارك في مؤتمر عرتا المنعقد في جيبوتي عام 2000م. واصبح عضوا في البرلمان الذي إنبثق عنه حكومة الرئيس عبدالقاسم صلاد حسن.
لكن «طيري» عضو البرلمان لم يعد إلى مقديشو حيث كان مقر حكومة «صلاد» إذ دب الخلاف وتصاعد بينهما ليترك مقديشو ويعود إلى مدينته «جوهر» شمال مقديشو 190كم ليكون من هناك سبباً للنقمة ضد حكومة عبدالقاسم صلاد والمتشيع الأول لإسقاطها.
محمد عمر «طيري» المولود في العام 1951م في مدينة جوهر، درس القرآن الكريم في مدرسة يشرف عليها الأزهر في المرحلتين الإبتدائية والاساسية ودرس الثانوية في مدينة «مركا» الواقعة بين «مقديشو» و«جوهر».
 واصل مشواره بعد سقوط حكومة عبدالقاسم صلاد ليشارك في مؤتمر «نيروبي» 2002 - 2004م والذي إنبثق عنه الحكومة الصومالية الحالية برئاسة عبدالله يوسف أحمد، ثم عاد إلى مدينته «جوهر» محافظاً لها.. وعقب سيطرة المحاكم الإسلامية على «مقديشو» و«جوهر» اتجه الى منطقة «بلد وغلى» التابعة لولاية بونت لاند لكنه عاد مجدداً بعد هزيمة المحاكم الإسلامية على يد الحكومة الحالية التي طلبت المساعدة الأثيوبية ليكون التدخل الأثيوبي نهاية العام 2006م.
يثير اسم محمد «طيري» المخاوف لدى عديد صوماليين. وربما أن تجربته كحاكم لمدينة «جوهر» وامتلاكه مليشيا واسلحة كان جالباً للمخاوف لكنه الآن في «مقديشو» العاصمة القومية للصومال وما زال للعديد ايضاً مخاوف خصوصاً عشيرة «العير» التي خرج من سلالتها الرئيس عبدالقاسم صلاد ورئيس مجلس شورى المحاكم المطلوب أمريكياً حسن طاهر أويس..
ينتمي محمد طيري الى قبيلة (الهوية) التي ينتمي اليها معظم قادة المحاكم الإسلامية وتحديداً عشيرة (أبقال) التي ينتمي اليها رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم الإسلامية شيخ شريف أحمد.
يتهم عمدة مقديشو الرئيس الصومالي السابق عبدالقاسم صلاد بأنه يقف وراء عمليات التفجير ويقول أن هناك استغلالاً للأطفال واغراءهم مالياً مقابل إلقاء القنابل اليدوية في الاحياء السكنية ووسط الاسواق.
يصف شيخ شريف بأنه رجل يحب السلطة ولديه شهوة جامحة نحوها..
ومحمد طيري الذي لمع اسمه كرجل ذي شأن وسلطة عرف ايضاً صرامة وحزماً.. إذ ترتبط الصرامة بجانبه العسكري ونياشينه التي علقها في كتفه في عنفوان الشباب، والحزم برجل الأعمال الذي أصبح ذا شأن في مجتمع يعاني من الفاقة.
في فندق «الشيراتون» بالعاصمة صنعاء كان هذا اللقاء مع محمد طيري، محافظ وعمدة مقديشو، حول عديد قضايا ذات علاقة «بالأمن» والمصالحة الصومالية والتواجد الأثيوبي في الصومال وأخرى ذات أهمية.
> ماذا عن الأوضاع الأمنية في مقديشو الآن؟
- تتكون مقديشو من 16 مديرية وهناك 13 منها تعيش حالة مستقرة وآمنة، فيما هناك 3 مديريات: «هدن» «هروا» «هلدج» تحدث فيها بعض المشاكل. والحقيقة ان الحكومة باعتبارها حكومة مصالحة وطنية فإنها لا تريد حسم هذه المشاكل بالقوة والسلاح رغم أنها لو ارادت ذلك لتمكنت خلال ساعات.
> من يقوم بأعمال العنف في هذه المديريات؟
- إنهم جماعات يتبعون عبدالقاسم صلاد وهم من عشيرته «العير».. ونحن لا نريد استخدام القوة لأننا حكومة مصالحة كما قلت لك. وأملي ان تنتهي هذه الأعمال بعد مؤتمر المصالحة الصومالية، خصوصاً مع عودة نجل رجل الاعمال ابوبكر عمر عدني إلى مقديشو.
> كيف تقيم تجربة المحاكم الإسلامية؟
- لم تكن المحاكم الإسلامية تنظيماً متجانساً وقوياً بل كان هناك بعض الشخصيات تدعمهم منها عبدالقاسم صلاد كونهم ينتمون الى عشيرته (العير). وهذا التنظيم كان بالاساس قائماً على أساس قبلي ولذلك لم ينجح.
> التفجيرات في العاصمة مقديشو الا تدل على انه لا زالت المحاكم الإسلامية موجودة؟
- ليس هناك حرب مواجهة بين الحكومة وما يسمى المحاكم الإسلامية وكل ما في الأمر أن هناك أطفالاً يتم استغلال حاجتهم ومعاناتهم وتدفع لهم أموال ما بين 10 - 15 دولاراً ليقوموا بالقاء القنابل اليدوية في الاماكن المكتظة بالسكان، والغرض من ذلك هو جعل الرأي العام يعتقدون انهم لا زالوا موجودين. إن الحكومة تبذل جهوداً لاحتواء هؤلاء الأطفال وإعادة تأهيلهم ليكفوا عن هذه الأفعال المدفوعة بالمال. وانا اؤكد ان مقديشو تعيش حالة استقرار أفضل الآن.
> خلال فترة توليك مهام محافظ لمدينة «جوهر» عمل معك شيخ شريف شيخ احمد المسؤول التنفيذي في المحاكم كمسؤول عن القضاء في المدينة.. ما هي ابرز ملاحظاتك عنه؟
- شيخ شريف ينتمي الى نفس العشيرة التي أنتمي اليها واعرفه جيداً وقد عمل فعلاً كمسؤول عن القضاء في المدينة قبل ان ينتقل الى مقديشو بعد ان طلب مني ابو بكر عمر عدني نقله للعمل في العاصمة وقد وافقت.. وانا اعرفه سواء عندما كان طالباً في السودان أو ليبيا أو خلال عودته الى «جوهر». واعتقد انه ليس لديه مشكلة مثل آخرين فهو معتدل لكنه يحب السلطة ولديه رغبة جامحة نحوها.. كما اعتقد انه عندما يتحدث بتطرف يكون مدفوعاً من قبل حسن طاهر أويس.
> تتحدث عن أمن واستقرار مقديشو فيما تنقل الفضائيات أعمال عنف يومية.. كيف نفهم ما تقوله؟
- سأشرح لك.. كثيراً ما سمعنا أنه لن يقام مؤتمر مصالحة في العاصمة مقديشو مع هذا عقد المؤتمر واستمر خلال 45 يوماً وشارك فيه 3500 عضو. ولم تكن هناك أي مشاكل.
لقد كانوا يهددون بالتفجير وافشال المؤتمر لكن ماذا حدث؟.. لا شيء.
جانب آخر: وسائل الإعلام في الغالب تقوم بنقل الأشياء السلبية فقط ولا تشير للشيء الإيجابي، وهذا يقدم صورة مشوهة عن حقيقة الوضع في مقديشو.
> قضية إخلاء المقرات الحكومية من المواطنين الذين قاموا بالسكن فيها عقب إنهيار الدولة الصومالية أخذت الآن اهتماماً واثارت جدلاً في مقديشو.. ماذا قدمتم من معالجات لهذا الأمر خصوصاً وانهم يقولون انهم يلقى بهم في الشارع بدون بديل مع العلم ان هناك قرابة 16 الف أسره تسكن في هذه المقرات؟
- في الحقيقة هذه مشكلة كبيرة ومن ابرز ما نواجهه في مقديشو لكنني أؤكد اننا نقوم باعادة تنظيم هؤلاء السكان ودفع تعويضات لهم.
واحب ان اوضح ان القضية ليست كما يشاع بأننا سنرمي بهم في الشارع. وقد شكلت لجنة خاصة لحل هذه المشاكل وايجاد الحول المناسبة التي تضمن انتقالاً آمناً للسكان من المقرات الحكومية الى منازل سكنية. وهناك تواصل وتعاون مع جهات دولية بهذا الخصوص.
> ما الذي حققه مؤتمر المصالحة من نتائج؟
- لقد كان مؤتمراً ناجحاً ولأول مرة يتم عقد مؤتمر مصالحة بهذا الحجم في العاصمة مقديشو منذُ16 سنة.. وقدحققت نتائج مهمة لعل ابرزها أن المجتمع الصومالي بجميع تشكيلاته القبلية اجتمع واعلن العفو عما حدث من مشاكل في ما بينه في السابق ليفتح صفحة جديدة في حياته. وثانياً فقد قرر المؤتمر إعادة كل الممتلكات المغتصبة من قبل بعض القبائل والصوماليين الى اصحابها وملاكها الحقيقيين وقد تم العفو واطلاق سراح المعتقلين.
ثالثاً: أيد المؤتمر الحكومة الصومالية الحالية و ان تكمل فترتها المتبقية بسلام.
رابعاً: تم الاتفاق على قضية السلاح وتسليمه الى الحكومة التي يجب ان تكون هي فقط من تملكه. وجميع هذه النقاط مهمة.
> هل هناك خطة للاستغناء عن التواجد العسكري الأثيوبي؟
- اولاً لقد جاء التدخل الأثيوبي بطلب من الحكومة والبرلمان الصوماليين. وثانياً فإن إحلال قوات صومالية بدلاً عن الأثيوبية امر لا بد منه ولدينا خطة خلال ستة أشهر. والحقيقة انه حالما يكون هناك جيش صومالي ويعمم السلام والأمن سيكون من الطبيعي عودة القوات الأثيوبية.
> وماذا عن القوات الأفريقية؟
- الأمر كذلك بالنسبة للقوات الأفريقية.. وللعلم فإن هذه القوات تتواجد لحراسة المنشآت الحيوية كالمطارات والموانئ وغيرها ولا يحتكون بالمواطنين نهائياً.
> كيف تنظر للدور العربي عموماً واليمني تحديداً في الصومال؟
- هناك غياب عربي في الصومال ونحن نعتقد اننا بلد عضو في الجامعة العربية ومسلمون ولانستحق هذا التجاهل.
وعن الدور اليمني فإننا مرتاحون من الرئيس علي عبدالله صالح الذي ظل يرعى المصالحة ويدعم الحكومة بقوة وباستمرار وقد كان حاضراً في جميع المراحل وفي الجوانب المختلفة السياسية والاقتصادية والأمنية.