الملف المفتوح

الإقرار بأن الحمدي لم يكسب الرهان وتم اغتياله على مائدة اللئام الذين انقضوا على السلطة من بعده واعادوا الاعتبار لنفوذ العائلات المشيخية، لا يلغي حقيقة أن الرجل كسب الناس وأنصفه الشعب والتاريخ، فبعد مرور ثلاثة عقود على حادثة الغدر وجد الحكم نفسه عاجزاً عن ارضاء النخبة المتنفذة كما فشل في كسب ثقة الناس وظهر ان كل ما راكمته الحركة السياسية بمشاربها المتعددة قد دمر في لحظة الانغماس بترتيب اوضاع ما بعد الان.. صحيح ان ملف اغتيال الرئيس لم يغلق من الناحية القانونية اذ أن اللجنة التي شكلت للتحقيق في القضية لم تقدم تقريرها، ولم تكشف اسماء المتورطين في العملية لكن الجميع يشيرون بأيدهم الى القتلة غير ان ما يهم في هذه القضية ليس الجانب الجنائي للجريمة بل في ابعادها السياسية والاجتماعية.
حين تغيب سيادة القانون تحضر في الذهن الشعبي تجربة الحمدي، وعندما يأتي الحديث عن المواطنة تحل التجربة كشاهد اثبات على شيوع قيم العدل والمساواة والانتصار للضعفاء.
ما زال ابناء ذمار يتذكرون باعتزاز الموقف النادر لقائد لواء العمالقة عبدالله الحمدي الذي ارغم احد النافذين على تسليم قاتل للاقتصاص منه، وإلاَّ كان هو البديل، يتذكر المواطنون في ريمة تلك الزيارة التاريخية لرجل استظل بشجرة واخذ يشرب حليب الغنم والمواطنون يلتفون من حوله يسأل عن احتياجاتهم وينتصر للضعفاء منهم.
الملف لن يغلق ما دام والحكم عاجزاً عن ارساء قواعد للعدالة وسيادة القانون، كما ان لعنة الغدر ستلاحق القتلة في كل وقت.. ستحاصرهم في كل خطوة من خطواتهم.