صنعاء 19C امطار خفيفة

قراءة في مؤتمر حل الدولتين في نيويورك يوم 22 سبتمبر 1925م

أولًا- إعصار سياسي ودبلوماسي:

إلحاقًا باجتماعات مؤتمر حل الدولتين: فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام، برعاية المملكةالعربية السعودية والجمهورية الفرنسية، شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، يوم 22 سبتمبر الجاري (1925م)، حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا في هذا الشأن، كانت نتيجته مشرفة بتحقيق إنجاز دولي رسمي بغالبية كاسحة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بنحو 150 عضوًا من 193 عضوًا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اعتراف أربع دول عظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية، وهي: جمهورية روسيا الاتحادية، جمهورية الصين الشعبية، المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، والجمهورية الفرنسية، وصوتت الولايات المتحدة الأميركية الدولة الخامسة ضد القرار. ويحق لكل دولة من الدول الخمس استخدام حق النقض أو الاعتراض (Veto) لتعطيل أي قرار.
من الجدير بالذكر، أن بريطانيا تعتبر الدولة المؤسسة لإسرائيل في المنطقة بإطلاق وعد آرثر بلفور، وزير الخارجية، في 2 نوفمبر 1917م، وبانتدابها على فلسطين بموجب معاهدة سايكس بيكو، 1916م، وإقامة هذه الدولة بقرار صادر من مجلس الأمن برقم 181 في 29 نوفمبر 1947م، الذي نص على إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية.
للأسف، لم تتحقق الدولة الفلسطينية كما أريد لها في القرار، وأخذت إسرائيل تقضم مساحات شاسعة من الدولة الفلسطينية، وبخاصة من الضفة الغربية، من خلال الاستيطان، وبتساهل غربي معظمه أنجلوساكسوني. والنتيجة أنه لم يتبقّ من الضفة الغربية حاليًا سوى أقل من 27% من مساحتها. ويهدد رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بنيامين نتنياهو، باحتلالها، وبخاصة بعد أن اعترفت: روسيا الاتحادية، والصين الشعبية، وبريطانيا، وفرنسا، ودول الكومنولث والفرنكفون، إضافة إلى إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، والبرازيل، والمكسيك، واليابان، وجنوب إفريقيا... الخ، بخيار حل الدولتين: فلسطينية وإسرائيلية.. وادعى نتنياهو بأن الاعتراف بدولة فلسطينية مكافأة للإرهاب، ولن يسمح لحركة "حماس" وما وراء "حماس"، بتهديد وجود دولة إسرائيل.

ثانيًا- المواقف الدولية إزاء إصرار نتنياهو على تصفية القضية الفلسطينية:

قوبل هذا الرد بإعصار سياسي ودبلوماسي من قبل رؤساء الدول والحكومات وممثلي الدول في مؤتمر حل الدولتين، برئاسة المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، في مقر الأمم المتحدة، في الفترة 22 سبتمبر 2025م، قبل انعقاد الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة بساعات، مفاده أن إقامة الدولة الفلسطينية ليست هدية، وإنما هي حق مشروع للشعب الفلسطيني. ويعتبر الاعتراف تغييرًا جذريًا في سياسة الحكومة البريطانية، كما يشكل ضغطًا سياسيًا على إسرائيل. وبالمناسبة تم رفع العلم الفلسطيني على بعثتي فلسطين في كل من لندن وباريس، الأمر الذي أغضب نتنياهو، وجعله يفقد رشده بتصريحات غير مناسبة، بقوله: انتظروني حتى أعود إلى إسرائيل.
في واقع الأمر، إن كل الدول طالبت حكومة إسرائيل بالكف عن ممارساتها العدوانية التي تقوض السلام في المنطقة، ويجب أن توقف الحرب فورًا، وأن تسهل أيضًا دخول المساعدات الإنسانية، ورفض الخلط بين التضامن مع القضية الفلسطينية ومعاداة السامية، وحماية الفلسطينيين من القتل الإسرائيلي الممنهج، والتهجير.
ويشار إلى أن الدول العربية والإسلامية أكدت أنه حين تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية، ستعترف بدولة إسرائيل.. كما دعا المؤتمر إلى تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل.

ثالثًا- إصلاح الوضع الفلسطيني:

دعا المؤتمر "حماس" إلى أن تطلق فورًا سراح الرهائن، وتسليم سلاحها، وانسحابها من حكم غزة، وتوحيد الفصائل الفلسطينية، وإزاء التطورات الجارية في الملف الفلسطيني، يجب أن تكون السلطة الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، كما يجب دعم خيار الدولة الوطنية في فلسطين، والالتزام بإقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية، وإقامة دولة ديمقراطية. وأكد الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، "أنه منذ عام 1988م تم الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، ولايزال الاعتراف بها، والاستعداد للعمل مع الرئيس ترامب بهذا الخصوص. كما يوجه كلامه للشعب الإسرائيلي قائلًا: "مستقبلنا ومستقبلكم يقوم على السلام". وقدم شكره للسعودية وفرنسا على مؤتمر حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطين... وفي خضم هذه المستجدات اعترفت دول أخرى بحق الدولة الفلسطينية.

رابعًا- الخلاصة:

نوجزها بالنقاط الآتية:
- اعتراف الغالبية العظمى من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بحل الدولتين، كان صفعة سياسية ودبلوماسية لكل من رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بنيامين نتنياهو، والإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب.
- على الدول العربية الوقوف صفًا واحدًا في وجه الاعتداءات الإسرائيلية.
- استمرار الجهود لإقامة الدولة الفلسطينية.
- التأثير العربي في الموقف الأميركي يعتبر ضرورة في مسار الاعتراف بـ"فلسطين"، وبخاصة عند لقاء الوفد العربي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، على هامش انعقاد الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
- على الدول العربية مراجعة اتفاقيات السلام مع إسرائيل، ويرى مراقبون أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية مهم وحاسم، لكنه لا يكفي، وعلى الفلسطينيين أن يتحولوا من ثورة إلى دولة.
حقيقة الامر، إن إسرائيل دولة توسعية في المنطقة، كما خطط لها من الدوائر الصهيونية العالمية، وتعرقل أي مسعى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ولن تكف عن الاعتداء على أية دولة عربية متى ما تشاء، لا تتقيد باتفاقات أو مواثيق، ولا يكبحها كابح.

الكلمات الدلالية