عن محاولات حضرمة الإرهاب

عن محاولات حضرمة الإرهاب

*حسام عاشور
 في محاولة لإعادة إدخال حضرموت في معمعة الإرهاب والفلتان والزج بها في دائرة الصراعات الدموية التي تعج بها الساحة، قتل خمسة وأصيب آخرون في كمين نصبه مسلحون بمديرية الشحر بمحافظة حضرموت لسيارة تابعة للبريد وطقم عسكري.
الحادث راح ضحيته أربعة جنود والمدير المالي لبريد حضرموت وأصيب فيه 3 آخرون بينهم جندي، أثناء ما كانوا في طريقهم لمديرية الشحر بمنطقة العيص بين مديرتي الشحر والحامي، وبحوزتهم رواتب موظفي 3 مديريات.
وحسب المصادرفإن المسلحين لاذوا بالفرار، بعد قيامهم بالسطو على المال الذي كان بسيارة البريد، والذي لم توجد معلومات أكيدة حتى الان عن حجمه.
ما لفت انتباهي في هذا الحادثة التي تسارعت وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية لتسليط الأضواء عليها، هو ما أعتبره أنا الخبث وسوء النية في الصياغة الإخبارية و محاولة إبراز حضرموت بالصورة الإرهابية المرعبة و إظهارها كبؤرة للصراعات ووكر للإرهاب، و هو تكرار لما حصل في حوادث سابقة كل ما تسابقت عليه بعض الوكالات و المواقع هو إبراز اسم حضرموت ووضع ذلك في العناوين الرئيسية لبعض الأخبار، مع العلم أن حضرموت بعيدة تماما كل البعد عن الإرهاب والعنف والفكر المتطرف، ولم تكن يوماً مرتعاً للإرهاب والمتطرفين، غير أن هناك محاولات سابقة و قديمة لاستهداف حضرموت وتغيير الصورة الحقيقية لها في إطار حملة ممنهجة لتشويه هذه المدرسة العالمية التي عرفت بوسطيتها واعتدالها وحبها للسلام، واستطاعت من خلاله التأثير في الكثير من أصقاع العالم ووضع بصمتها عليها من خلال السلوك السليم الذي جسده أبناؤها في تعاملاتهم أينما ذهبوا وحلوا، وبه استطاعوا أن ينشروا الإسلام بصورته الحقيقية من خلال العلم والعمل..
الكل يعلم أن الإرهاب ليس منتجا حضرميا ولا يمنيا، ومعروف تماما للجميع من أين أتى هذا الفكر وما هي الدولة المصدرة له، وإن كان قد انتقل إلى اليمن واستغل من قبل جهات حرصت على استثماره وتوجيهيه حسبما تريد، وأصبح يعمل بالريموت كنترول بيدها تحركه أينما تريد لاستغلاله لمصلحتها والعمل منه بعبع رعب، وهذا واضح كوضوح الشمس.
لا ننكر هنا أنه وفي إطار الإصرار على لصق الارهاب بحضرموت سعت تلك الدولة المصدرة له لوضع قيادات لهذا التنظيم ومنفذين لبعض العمليات من المهاجرين الحضارم والذين ينتمون إلى حضرموت اسميا فقط،بينما هم كما يعلم الجميع لا ينتمون إلى منهج المدرسة الحضرمية كما سبق، بل إن أغلبهم ليس من مواليد حضرموت، وقد تم اختيارهم وتجنيدهم من قبلها بعناية لتغذيتهم على الفكر المتطرف الذي ترعاه وتموله جاهدة لتؤكد أن حضرموت لم تعد مصدراً للعلم والحب والسلام والاعتدال، بل هي مصدر للإرهاب والفكر المتطرف، وللأسف أن كل ذلك يتم بمشاركة ومباركة جهات داخلية في بلادنا.
بالعودة إلى ما تم نشره حول الحادثة والزج بحضرموت وجنوب اليمن في دائرة الإرهاب من خلال الصياغة الإخبارية، لا أدري هل المحررون والمراسلون لهذه الوسائل يتعمدون ذلك! أم أنه تم من قبل المحررين هناك في المركز الرئيس لهذه الوسائل؟!.
نستعرض هنا بعضاً مما تناولته بعض الوكالات والمواقع في سياق تغطيتها وتركيزها على حضرموت.
أولاً: ذيلت "ا ف بـ" الفقرة الأخيرة من الخبر بما نصه: وينشط تنظيم القاعدة في جنوب اليمن وفي محافظة حضرموت.
ثانياً: تعاملت "العربية نت" بنفس الأسلوب في تناولها للخبر حيث قالت: ويشهد جنوب اليمن حركة احتجاجية واسعة تعرف بـ"الحراك الجنوبي" وتطالب معظم تياراتها بالانفصال عن الشمال، فيما ينشط تنظيم القاعدة في جنوب اليمن وفي محافظة حضرموت!!!
ثالثا: أشارت "رويترز" إلى أن الإرهاب جنوبي حيث قالت: وتتكرر هجمات المتشددين في الجنوب حيث تحاول السلطات اليمنية القضاء على التنظيم وعلى نزعة انفصالية متنامية.
أما مأرب برس فقد أورد بعض البيانات عن سيارة المهاجمين وقال في معرض استعراضه للخبر: "وتمكن المهاجمون الذين كانوا يستقلون سيارة تويتا نوع (شاص) من الاستيلاء على الأموال التي كانت على متن سيارة البريد والتي تزيد عن 65 مليون ريال حسب تأكيد مصدر عسكري كان متواجدا من الحادث، ولاذوا بالفرار، ويتوقع أن المهاجمين من عناصر القاعدة".
وهنا نتساءل عن هذا المصدر العسكري! وهل كان متواجدا يترقب وقوع الحادثة وكأن لديه علما مسبقا بوقوعها؟ وماذا قدمه هذا المصدر العسكري في تعقب الجناة الذين لاذوا بالفرار في منطقة محصورة وكان بإمكانهم السيطرة على الموقف وإلقاء القبض على الجناة؟! أم أن مصادرنا العسكرية المخترقة فالحة فقط في إطلاق التصريحات التي تدينها بدرجة رئيسية وتظهر مدى شطارتها في السبق بإعطاء التصريحات؟!
ومما يؤسف له أيضا ما قاله محافظ حضرموت رئيس اللجنة الأمنية القابع في جزيرة سقطرى أثناء حديثه لـ"نيوزيمن" والذي أوضح كعادته في هكذا حوادث بأنه غائب تماما وليس لديه أي علم بهذه المجزرة العنيفة التي اهتزت لها حضرموت وقال ما نصه: ليس لدي معلومات حول ذلك، وقال "أنا في جزيرة سقطرى ولم أتلق أي بلاغ بالحادث"، مطالبا المحرر بالتواصل مع وزارة الداخلية.
يبقى القول أخيراً إن حضرموت كلها اهتزت لبشاعة هذه المجزرة الإرهابية التي ارتكبت بحق أبنائها الأبرياء الذين راحوا ضحيتها، وأعادت إلى أذهان الجميع حادثة الحرابة التي تعرضت لها أسرة من قبيلة الكرب، وكيف اقشعرت لها الأبدان ثم اتضح أن الجناة مستوردون، وكذلك الحادثة التي راح ضحيتها القادة العسكريون في العبر، وحادثة استهداف السياح في دوعن، والتفجير الإرهابي في شبام، وأخيراً استهداف بعض القيادات العسكرية في الفترة القريبة الماضية و.. و.. إلخ، فيما يتوقع بعض المهتمين أن الاتهام سيكون كالعادة من نصيب القاعدة، ولا يستبعد أن يجتهد البعض في نسبها للحراك الجنوبي. غير أن الشارع واع ويعلم علم اليقين أن هذه كلها محاولات تسعى لتأكيد حضرمة الإرهاب وجر حضرموت إلى دائرة العنف والصراعات الدموية.