اقراء في برلمان النداء:

اقراء في برلمان النداء:

البرلمان يناقش قوانين اقتصادية هامة بتصحيح الأخطاء الإملائية وإعادة صياغة الجمل
* هلال الجمرة
يناقش مجلس النواب، هذه الأيام، مشاريع قوانين اقتصادية واستثمارية وتجارية هامة، ب5 - 10 نواب من أعضائه، ويصوت عليها بما لا يزيد عن 30 صوتاً. ويدور النقاش حول تصحيح الأخطاء اللغوية أو تهذيب المواد أو حذفها لمبررات مبهمة وغير مقنعة، أحياناً، حتى لمقدمها. ويتم بواسطة نواب يتصدرون النقاش في كافة مشاريع القوانين استناداً على معرفتهم بقواعد النحو وفهمهم السطحي في مجال النقاش.
وقع البرلمان في مواقف إحراج عديدة أمام الحكومة، وبدا في موقف الضعيف -حتى لو صحت ادعاءاته- بسبب افتقاره إلى متخصصين. فالبرلمان الذي يبلغ قوامه 301 عضو، يفتقر إلى الكوادر المتخصصة في معظم المجالات الهامة، لا سيما الاقتصادية، ويمتلئ بمتخصصي المناكفات والمتحدثين لمجرد الحديث. حتى إن وجدت كوادر جيدة، وهي شحيحة جداً، خاصة في مجال هام مثل الاقتصاد، فإنها تتحدث بتحيز لخدمة مصالح وأهداف غير معلومة، أو تلتزم الحياد، وفي أفضل أوقاتها تلتزم الصمت. فمن واقع المؤهلات العلمية التي يحملها أعضاء المجلس، تبين أن عدد حاملي تخصص "تجارة واقتصاد أو اقتصاد فقط" 22 نائباً، غالبيتهم رجال أعمال.
إذن، كيف يناقش البرلمان هذه القوانين؟
لا يهم مجلس النواب مضمون القوانين ومصالح المواطن فيها قدر ما يهمه التصويت على القوانين وإرضاء الحكومة في إنجازها سريعاً.
منذ أسبوع، يناقش النواب تعديلات في 3 قوانين اقتصادية هامة، دون وجود أي كادر متخصص. التعديلات تتعلق بقوانين الاستثمار، الجمارك، وضريبة الدخل. ولفتت الحكومة في مذكرة إيضاحية للمجلس، إلى أنها تقدمت بالتعديلات، الخاصة بقانوني الاستثمار وضريبة الدخل، تنفيذاً لطلب "المانحين تعديلها في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها اليمن منذ العام 1995".
وصوّت المجلس التصويت النهائي على قانون الاستثمار بعد 4 أيام من مناقشته، وبعد طرد رئيس الهيئة العامة للاستثمار، صلاح العطار، من قاعة المجلس، بسبب خلافه مع النائب علي المعمري، واتهامه المجلس بأنهم "لن يستطيعوا أن يعملوا شيئاً"، وتحديه إياهم.
كان الصمت هو خيار الأعضاء الحاضرين. أمّا المتحدثون وهم لا يتجاوزون 6 نواب، فقد اختلفت اهتماماتهم وتفكيرهم معاً. النواب الذين تركز اهتمامهم في المصلحة العامة والمواطن، بدوا كأنهم لا يفقهون كثيراً في مخابئ الأمور، فتركز نقاشهم على كيفية صياغة المواد وإصلاح الأخطاء اللغوية. وآخرون، وهم فئة التجار، كانوا مهتمين في مصالحهم وكيف ينشطون بالاستثمار، تركزت مناقشتهم حول هذا الأمر، فيما فضّل بعضهم الاحتجاب أو الصمت. ونواب كل همهم هو متى سترفع الجلسة، فأيديهم كلّت من التصويت.
غاب المتخصصون المستقلون عن البرلمان. وبالرغم من الحاجة الماسة للمتخصصين، وبرغم مطالبات كثيرة من النواب بالاستعانة بالمتخصصين في المجالات العلمية والاقتصادية، آخرها تقرير لجنة خاصة من رؤساء اللجان والكتل برئاسة أحد نواب رئيس المجلس، أوصت بضرورة الاستعانة بمختصين من خارج المجلس، ما يزال البرلمان يعاني من عدم وجود متخصصين، بما في ذلك الموظفون في اللجان الدائمة المتخصصة للمجلس، إذ يتم تعيينهم وتوظيفهم وفقاً للوساطات، ويتم التغاضي عن مؤهلاتهم حتى لو كانت صغيرة وبعيدة عن اختصاصات اللجان.
أولى المجلس اهتماماً واسعاً بمناقشة مشاريع القوانين والمصادقة على الاتفاقيات والقروض الأسبوع الماضي. وعندما شارفت الفترة القانونية لانعقاده على الانتهاء قبل إكمال مناقشة الكثير من مشاريع القوانين البديلة ومشاريع التعديلات -وهذه المشاريع مكدسة في البرلمان منذ زمن- قرر المجلس تمديد جلساته لأسبوع لإنجاز مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة قبل فترة.
وفي جلسة الأربعاء الماضي، وقبل أن ينتهي المجلس من مناقشة المشاريع التي بدأ فيها، جاءت الحكومة بحزمة من القوانين، وصوت المجلس على إحالة 12 مشروع قانون جديداً إلى اللجان المختصة لدراستها تمهيداً لإقرارها كما طلبت الحكومة.
مشاريع القوانين الجديدة، التي فسرت الحكومة تقديمها بأنه ضرورة "مطلوبة لوفاء اليمن بمتطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية"، تضمنت سلسلة من التعديلات في قوانين السجل العقاري النافذ، حماية الأحياء المائية والثروة الحيوانية، تداول المبيدات الحشرية، العمل، وقانون حمل وحيازة الأسلحة النارية. فضلاً عن مشاريع قوانين بديلة لـ"براءة الاختراع، الحجر النباتي، العلامات التجارية، والتعرفة الجمركية".
----------
لماذا يصمت محمد عبده سعيد أنعم ويتحدث جيرانه؟

يعتمد النائب محمد عبده سعيد أنعم سياسة الصمت عند نقاش أي مواضيع تجارية أو اقتصادية داخل قاعة البرلمان. ومقابل صمته ترتفع أصوات برلمانية أخرى من حوله وتطرح ما يريده. ومثله النائب عبدالواسع هائل سعيد أنعم.
لا يتحدث محمد عبده سعيد إلا نادراً جداً، وفي قضايا عامة ولا تثير سخط أحد.
الأسبوع الماضي، ناقش مجلس النواب قوانين اقتصادية واستثمارية هامة بحضور محمد عبده سعيد. كان الأخير شديد الانتباه والتركيز والصمت معاً. يأتي في وقت مبكر، وينتظر البدء في مناقشة قانون الاستثمار، ويستمر حتى ترفع الجلسات. يتابع قراءة المواد والتعديلات ويتحدث إلى النواب المجاورين له.
محمد عبده سعيد، وهو رجل الأعمال المعروف ورئيس اتحاد الغرف التجارية في اليمن، إضافة إلى كونه برلمانياً قديماً، بدا مهتماً بالنقاش في الجلسات التي نوقش خلالها قانون الاستثمار، لكن وبرغم أنه أكثر النواب إلماماً وفهماً للجانب الاستثماري والتجاري والاقتصادي، إلا أنه جلس صامتاً، ومن جواره كان يتحدث النائب علي المعمري.
تابع المعمري باهتمام بالغ نقاش القانون، وبين المادة والأخرى كان يتناقش هو ومحمد عبده سعيد، ثم يسجل في قصاصة ورقة ويصعد إلى المنصة لتقديم المقترحات لتعديل مادة ما.
تابعت من شرفة الصحفيين باهتمام رجل الأعمال الحاذق، وكنت أنتظر ما سيقوله في مشروع كهذا. لم أسمع منه أي تعليق على القانون، لكني سمعت علي المعمري يصيح من جواره ويقول منتقداً القانون: "هذا قانون مسخ ولم نشارك (هو عضو في لجنة التنمية والنفط) فيه".
كان محمد عبده سعيد يضحك حينما كان المعمري ينتقد القانون. لكن الراعي خاطب الأول قائلاً: من قال لك تنغبشه؟ ثم قال: ما عند البرق حجة الرعد ذي طابزه.
وبعد وهلة، قام رئيس الهيئة العامة للاستثمار صلاح العطار إلى البوفيه الملحقة بالمجلس، ومرّ من جوار محمد عبده سعيد وعلي المعمري، فأشار للمعمري بأنه لا يناقش إلا لأجل محمد عبده سعيد.
ويلاحظ أن صلاح العطار اختلف مع علي المعمري في اليوم التالي، وقال المعمري إن العطار شكك في قدرات المجلس، وتحداهم على عمل شيء في قانون الاستثمار. وهذا ما جعل المجلس يقرر طرده في تلك الجلسة، بعد أن رفض العطار الاعتذار عن كلامه.
---------
هموم مشتركة

رجلا الأعمال والنائبان عبدالجليل ردمان وعبدالجليل ثابت أخذا مقعدين متجاورين في قلب القاعة عند مناقشة القوانين الاقتصادية ال3: الاستثمار والجمارك وضرائب الدخل. وكانا يناقشان مواد هذه القوانين معاً، ويقف ثابت لتقديم المقترحات.
بدت هموم رجلي الأعمال مشتركة، كذلك بدت مقترحاتهما. فعند تقديم مقترح كانا يتشاوران ويقوم عبدالجليل ثابت لتقديم المقترح. بعض تلك المقترحات أثارت ضجة داخل القاعة، فيما مرت أخرى بسلام.
يعاني البرلمان من أزمة متخصصين مستقلين في المجلس. فغالبية النواب لا يفقهون ما الذي تعنيه تلك المقترحات. لكن المؤكد أن تلك القوانين حملت ما ليس في صالح التجار، مع أنه تم تشذيبها في اللجان قبل إنزالها إلى المجلس.
وترجح مصادر برلمانية أن الهدف وراء احتجاز مشاريع القوانين تلك منذ فترة في لجان المجلس، هو الاتفاق بين الحكومة واللجنة المالية ورجال الأعمال، على صيغة للمشروع حتى لا تسبب أي ضرر لأية جهة.
****
تصويت نهائي على صيغة غير معلومة
غالباً ما يتعامل النواب مع التصويت على مشاريع القوانين باستخفاف. السبت الفائت، طلب نائب رئيس المجلس حمير الأحمر من النواب التصويت على مشروع قانون الجمارك التصويت النهائي، خلافاً لنصوص اللائحة التي يتغنّى بتطبيقها. لقد طلب منهم التصويت قبل توزيع المشروع بصيغته النهائية وبعد النقاش والتعديلات التي صوت عليها المجلس مادة مادة. فالمادة 127 من اللائحة الداخلية للمجلس في الفقرة (أ) تنص على أنه: "قبل إجراء التصويت النهائي على أي مشروع قانون يجب أن يوزع على الأعضاء بصيغته النهائية قبل 48 ساعة على الأقل من بداية الجلسة المخصصة لإجراء عملية التصويت النهائي على المشروع إجمالاً، وفي هذه الحالة لا يسمح بالكلام أو النقاش حول أي مادة من مواد المشروع إلا إذا تبين من خلال المحاضر أنها قد صيغت خلافاً لما أقره المجلس، ثم يشرع المجلس بإجراء عملية التصويت النهائي على مشروع القانون إجمالاً...". لكن الأحمر طلب من القاعة التصويت عليها، حتى قبل أن يوزع المشروع على النواب بصيغته النهائية، وطلب منهم التصويت مباشرة دون وضع اعتبار ل48 ساعة.
لم يعترض على ذلك أحد سوى النائب صادق البعداني. حينها طلب حمير من السكرتارية تصوير المشروع بصيغته النهائية وتوزيعه على الأعضاء. وطلب من النواب التصويت عليه، وكان سلطان البركاني وهو الجالس نهاية القاعة، يصيح لحمير: "نصوت عليه الآن، ولا داعي للانتظار 48 ساعة". وكأن مخالفة القانون واللائحة ليس مهماً. وصوتت القاعة بما فيها نواب من المعارضة وصادق البعداني الذي اعترض على التصويت في البداية، وبعد أن قال له حمير: خلاص عنخليهم يوزعوا النسخ الآن. صوّت مع الآخرين.
********
 
عن أداء مجلس النواب خلال خمسة أشهر
* عدم تقيد البرلمان بالنصاب لعقد جلساته قد يحدث أزمة برلمانية كبيرة
* غياب الدور الرقابي للجنتي الشؤون الخارجية والحقوق والحريات هو نتيجة لاختيار رئيس ومقرر وأعضاء هذه اللجان بناء على الانتماء الحزبي والقبلي 
*  امتلاك حزب واحد لغالبية برلمانية لا يسمح للمجلس بالتفاعل والتجاوب تجاه القضايا التي تهم وتقلق المواطنين
* لسوء الحظ مجلس النواب ظل بعيداً عن عملية الحوار السياسي
*  حمدي الحسامي
رافق عمل مجلس النواب خلال الفترة الماضية، قصور وعدم الالتزام باللائحة الداخلية للمجلس، الأمر الذي انعكس سلباً على عمل وأداء البرلمان.
وربط تقرير عن أداء البرلمان خلال ديسمبر 2009 -أبريل 2010، بين القصور في أداء المجلس، وعدم الالتزام باللائحة الداخلية له بشرط اكتمال النصاب لعقد جلسة عامة صحيحة بسبب عدم حضور العدد المطلوب من الأعضاء في الجلسات.
وقال إنه وعلى الرغم من عدم إثبات اتخاذ البرلمان أي قرار هام خلال الفترة ذاتها ما قد يطرح تساؤلات بعدم شرعيته لعدم احترام المجلس لشرط اكتمال النصاب، لكن قد يحدث مستقبلاً ما يؤدي إلى حدوث أزمة برلمانية كبيرة.
المرصد البرلماني اليمني في تقريره عن تقييمه لأداء البرلمان، قال إن أعضاء المجلس انقسموا في تقييمهم لفعالية وتجاوب المجلس تجاه القضايا التي تهم المواطنين، وكان هذا غالباً مبنياً على افتراض أن امتلاك حزب واحد لغالبية برلمانية كبيرة، إضافة إلى هيكل توجيهي قوي من هيئة رئاسة المجلس لا يسمح دائماً للمجلس بالتفاعل والتجاوب بكفاءة وفعالية تجاه بعض القضايا التي تهم وتقلق المواطنين، وأنه وعند طرح القضايا في المجلس ومناقشتها فإنه نادراً ما يتم متابعتها بنتائج ملموسة من خلال تشريع أو الاستعانة بالسلطة التنفيذية.
التقييم السلبي لفعالية وتجاوب المجلس تجاه قضايا المواطنين لم ينسِ عدداً من النواب الإشارة إلى تقارير جيدة ناقشها المجلس؛ كتقرير اللجنة الخاصة بتقصي الحقائق حول الأحداث الأمنية في أبين، وتقرير تقصي الحقائق حول مشكلة الأراضي في الحديدة.
وعد المرصد البرلماني في تقييمه عن أداء المجلس تقرير مشكلة أراضي الحديدة من التقارير الرقابية الجادة في كشف الممارسات والأخطاء التي ترتكب بحق المواطنين والاستيلاء على أراضيهم، إلى جانب كشفه حجم الممارسات المؤثرة في الاستقرار الاجتماعي ومبدأ المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان، التي تمارس أمام ومرأى الأجهزة القضائية والتنفيذية.
كما رأى في تقرير اللجنة الخاصة بالأحداث الأمنية في محافظة أبين ولحج أنه اتسم بالشفافية والصدق والوقوف بموضوعية على الأوضاع الأمنية في المحافظتين ومعالجة الاختلالات الأمنية التي ذهب ضحيتها العديد من المواطنين، فضلاً عن أنه عكس جدية ومسؤولية المجلس في ممارسة دوره الرقابي وتلمس مجمل الأوضاع العامة للسكان وإيجاد الحلول للحد منها.
وعن تقييمه لدور المجلس في حوار سياسي بين الأحزاب ذكر التقرير أنه كان يفترض أن يتم التعامل مع الإطار السياسي في اليمن بشكل عام عبر المجلس كمنتدى طبيعي محايد للتعبير السياسي. وقال إنه ولسوء الحظ يبدو أن المجلس ظل بعيداً عن العملية الحوار السياسي، إذ كان يفترض بشأن موضوع الدعوة إلى إجراء حوار وطني بين الأحزاب نهاية 2009، أن تتم عبر البرلمان.
غياب البرلمان عن هذين الموضوعين حسب عدد من أعضاء المجلس يعود إلى أمرين؛ الأول يكمن في أن قيادة الأحزاب من خارج البرلمان، مما جعل القرار السياسي ضمن هيكل أو آلية أخرى غير المجلس، الأمر الثاني أن أعضاء المجلس ينحازون إلى آراء ووجهات نظر قيادات أحزابهم من دون محاولة مراجعة آرائهم ومواقفهم كأعضاء في البرلمان.
وعن مدى إشراك البرلمان في المؤتمرات والاجتماعات الإقليمية والدولية المتعلقة في اليمن والمنعقدة خلال الفترة 1 ديسمبر 2009 -أبريل 2010، عبر غالبية أعضاء مجلس النواب عن خيبة أملهم لعدم اضطلاع المجلس بدور يذكر في هذا الجانب. ويتعزز هذا الشعور بصورة أكبر من خلال عدم قدرة المجلس الطلب من الحكومة القيام باطلاعه عن نتائج تلك المؤتمرات.
وحول فعالية اللجان البرلمانية في تدقيق أو تعديل مشاريع القوانين المقدمة إلى المجلس، ذكر برلمانيون أنه ورغم أن عمل اللجان خلال فترة الأشهر الخمسة الماضية جيد بشكل عام، إلا أنها تواجه 3 صعوبات شكلت عائقاً أمام القيام بأداء أعمالها ومهامها بصورة أفضل: أولى هذه الصعوبات عدم حدوث تنازلات بين الكتل الحزبية مما يسبب عدم وصول إجماع بين أعضائها كما حصل عند الانتهاء من إعداد تقرير اللجنة حول تقصي الحقائق عن مشاكل أراضي الحديدة بقيام أعضاء المؤتمر الشعبي في اللجنة بتعديل محتوى التقرير قبل تقديمه للمجلس بحذفهم أسماء تضمنها التقرير مشتركة في نهب الأراضي من دون إبلاغ عضو اللجنة عبدالكريم شيبان (إصلاح). وتعلقت الصعوبة الثانية التي تواجه لجان المجلس بنقص الدعم والإمكانيات الفنية والبشرية اللازمة للقيام بأعمالها ومهامها، ويظهر هذا النقص أثناء الإجراءات المتعلقة بدراسة ومراجعة مشروع الموازنة العامة للدولة.
وجود أعضاء غير مؤهلين في العديد من اللجان وتوزيع النواب في اللجان بناء على انتماءاتهم الحزبية وليس على حسب التخصص والمؤهل من وجهة نظر عدد من النواب، شكل الصعوبة الثالثة في أداء عمل اللجان بصورة أفضل.
التباين الكبير الموجود بين اللجان البرلمانية في ما يخص إشراكها للجماعات وأصحاب المصالح في عملها خلال العملية التشريعية ودرجة التشاور مع منظمات مجتمع مدني ورجال أعمال وأكاديميين حسب تقييم النواب تعتمد على شخصية كل من رئيس ومقرر اللجنة وعلى حجم المكانة أن يتمتع بها في قيادة كتلته. فخلال الأشهر الخمسة الماضية يشير التوجه العام إلى حدوث تشاور بين اللجان البرلمانية والجهات المؤسسية المعنية ذات المصالح (الغرفة التجارية، رجال أعمال ممثلين عنهم) سواء بشكل شفهي أو كتابي، فيما نادراً ما قامت بالتشاور والاجتماع مع منظمات المجتمع المدني.
تقرير المرصد البرلماني اليمني التابع للمركز اليمني لقياس الرأي، عن رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية، ذكر أن برلمانيين شكوا من الصعوبات التي يواجهونها في الحصول على المعلومات ومن عدم تجاوب الوزراء لطلب المجلس بالحضور؛ على سبيل المثال استدعاء المجلس لوزيري الخارجية والداخلية لاستيضاحهما بشأن ما تردد عن وجود دعم مالي إيراني للحرب في صعدة، وكذلك حول الأحداث والاضطرابات الأمنية في المحافظات الجنوبية.
وبموازاة شكاوى النواب من الصعوبات التي يواجهونها بخصوص الحصول على المعلومة من السلطة التنفيذية، يشير تقرير الأداء إلى أن المجلس حقق خلال الأشهر الخمسة الماضية مستوى من النجاح عبر استدعائه عدداً من الوزراء، كما أنه وفي الفترة نفسها وصل عدد الأسئلة الموجهة من النواب للوزراء 25 سؤالاً نصيب نواب المؤتمر 19 والإصلاح 3 والاشتراكي 2 وسؤال واحد لنائب مستقل.
ضعف الدور الرقابي للمجلس أرجعه بعض النواب إلى امتناع وممانعة الحكومة لقيام المجلس بدوره الرقابي ونظرة بعض المسؤولين للمجلس كونه نداً وخصماً لها، فيما أرجعه البعض الآخر إلى أعضاء المجلس أنفسهم حيث تنقصهم الرغبة في القيام بدور رقابي فاعل على الحكومة واعتبار أنفسهم كموظفين مع الدولة.
مستوى أداء اللجان لدورها الرقابي يختلف من لجنة إلى أخرى، فلجنة التنمية والنفط ولجنة الشؤون الاجتماعية ولجنة الخدمات كان أداؤها الرقابي جيداً بحسب برلمانيين، عكس عدد كبير من اللجان التي كان أداؤها الرقابي غائباً كلجنتي الشؤون الخارجية والحقوق والحريات، والسبب في ذلك يعود إلى رؤساء ومقرري وأعضاء هذه اللجان لأن اختيارهم كان بناء على الانتماء الحزبي والقبلي، وليس بناء على المهام والمسؤوليات.
وأوصى التقرير مجلس النواب أن يقوم بتقييم داخلي للقواعد والإجراءات الداخلية للمجلس وتطير وتعزيز الحوافز لتحسين مستوى أداء الأعضاء في جلسات البرلمان.
كما أوصى بضرورة إشراك مجلس النواب في الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية وكذا تطوير أليه الاتصال والتواصل مع المواطنين وإطلاعهم اطلاعهم بشكل أفضل عن دور المجلس و النشاطات الراهنة التي يقوم بها. على أهمية تحسين الموارد الفنية والقانونية لمجلس النواب.