أوضاع التعليم في محافظة لحج:

أوضاع التعليم في محافظة لحج:

مبانٍ آيلة للسقوط، سوء في الإدارة المدرسية، تزايد في أعداد الطلاب المتسربين، نقص في الكادر المتخصص
* عدن- سماح جميل
 لمعرفة أوضاع التعليم ومدى تطابق الواقع التعليمي مع معطيات الحقوق الدستورية والحقوق الواردة في المواثيق الدولية المرتبطة بحق التعليم من خلال الخوض في المجتمعات المحلية والبحث عن مختلف المشكلات المجتمعية التي تجسد انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قام فريق من مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان بالنزول الميداني إلى بعض مدارس محافظة لحج، لرصد أوضاع التعليم فيها.
تقارير فريق الرصد أجمعت من خلال نزولها الميداني لمدارس مديرية الحوطة وتصريحات لمدراء التربية والمدارس، على وجود العديد من السلبيات والنواقص والفجوات في منظومة التربية والتعليم (البيئة التعليمية، العملية التربوية، الإدارة المدرسية، مجمل النشاط التعليمي والتربوي في معظم المدارس). الحُسن والإغراء والتفاصيل المثيرة!
ويأتي النزول الميداني إلى مدارس الحوطة ضمن مشروع "نشر ثقافة حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات وتقديم المساعدة القانونية في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي يقوم بتنفيذه مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، بالتعاون مع مؤسسة المستقبل الدولية (f.f.f) في محافظات عدن، أبين، الضالع، وشبوة.
أهمية المشروع تأتي كونه أول مشروع في اليمن يخوض في القضايا المجتمعية (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، فضلاً عن أن تنفيذه يتم من خلال عمل ميداني واسع يقوم به فريق متخصص.
7 مدارس من المرحلتين الأساسية والثانوية زارها فريق الرصد لمعرفة أوضاع التعليم وكل ما له علاقة بالانتهاكات سواء كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والتي تؤثر على المكون الحقيقي للتعليم والمتمثل بالطالب.
عند نزول فريق الرصد إلى مدارس البنين (الحسينية، الفاروق، الثورة، والفقيد عبدالله النصيح) في مديرية الحوطة، برزت أمامه العديد من المشاكل والسلبيات التي تعاني منها المدارس، وتمثلت في:
المبنى المدرسي
حالة هذه المدارس مبانيها آيلة للسقوط جراء تشققات عميقة في جدرانها، الأمر الذي يعرض أرواح الطلبة للخطر، ويزيد من جسامة المشكلة، وهو عدم المبالاة في معالجتها رغم أن هذه المدارس تقع في عاصمة المحافظة، وبالقرب من مكتب التربية والتعليم.
الحمامات.. حدث ولا حرج!
حالة الحمامات مزرية جدا في جميع المدارس، فلا تتوفر فيها المتطلبات الضرورية واللازمة من ماء وكهرباء، بالإضافة إلى عدم نظافتها، وقد وجدت فيها حمامات بدون أبواب، وبعضها مغلقة تستخدم فقط للمعلمين، ويمنع الطلبة والطالبات من دخولها مع ما يفرض عليهم من دفع رسوم لشراء بوزة ماء يستخدمها المعلمون لاحتياجاتهم..! إذن أين يقضي الطالب حاجته؟ وما هي المخاطر التي سيتعرض الطالب لها عند خروجه لقضاء الحاجة؟ ومن يتحمل المسؤولية في حين تعرضه للإساءة؟ بالإضافة إلى سوء النظافة بشكل عام في جميع المدارس.
النقص الشديد في الأدوات المدرسية الضرورية
- نقص في الكراسي: كثير من الطلبة يفترشون الأرض، ويتزاحمون على المقاعد. كما يعاني المعلمين من نقص في الأثاث والكراسي.
- نقص في الطاولات والمكاتب الضرورية، ونقص في الصفوف المدرسية على الرغم من وجود مساحات يمكن الاستفادة منها في بناء صفوف جديدة.
- عدم وجود المختبرات الضرورية اللازمة للتطبيق العملي لمادتي الفيزياء والكيمياء، وبالتالي لا يستطيع الطالب أو الطالبة استيعابهما وفهمهما دون تطبيق.
- عدم وجود مكتبة للطلبة للقراءة والاستفادة من أوقات فراغهم.
- غياب الأنشطة الضرورية لتفريغ الطالب من طاقاته كالألعاب الرياضية على الرغم من وجود مساحات كبيرة للمدرسة لا يستفاد منها.
ازدياد الكثافة الصفية في المدارس
في ما يخص كثافة الطلاب في جميع المستويات في الفصل الواحد والذين يصل عددهم إلى 70 – 80 طالباً، وبالتالي قلة استيعاب الطلبة لما يقدمه المدرس مع عدم قدرة المعلم على إيصال المادة للطلاب.
غياب الكادر المتخصص
تعاني بعض المدارس من غياب المعلم المتخصص، وبالتالي تضطر الإدارة إلى تكليف معلمين لتدريس مواد غير ملمين بها، وبذلك يجدون صعوبة في معرفتها، وبالتالي تزداد الصعوبة في توصيل المعلومة إلى الطلاب والطالبات.
ظاهرة التسرب
تعتبر ظاهرة التسرب من أخطر الظواهر، وقد لوحظ وجودها في مدارس الأولاد، حيث يتسرب عدد من التلاميذ تبدأ من هروبهم من الحصص وغيابهم المتكرر خلال أيام الأسبوع، ثم تزداد مدة غيابهم إلى أكثر من أسبوع ومن ثم إلى شهر إلى أن ينتهي إلى خروج التلاميذ من المدرسة نهائيا.
هناك أسباب كثيرة أدت إلى وجود هذه الظاهرة منها ما يعود إلى الأسرة من خلال عدم قدرتها على توفير الاحتياجات واللوازم المدرسية لأبنائها، التفكك الأسري النابع عن انفصال الأبوين، المعاملة القاسية التي قد تبرز من بعض الآباء وعدم قدرتهم على تفهم نفسية أبنائهم، الفقر الذي تعاني منه الأسرة، وبالتالي يدفعها للاعتماد على الأبناء في تحمل مسؤولية الإعالة (عمالة الأطفال).
وهناك أسباب أخرى ناتجة عن دور المدرسة، وتتمثل في المعاملة القاسية التي قد تبدر من المعلم، وعدم قدرة بعض المعلمين على تفهم الظروف النفسية المعيشية للطالب، فيزرع الخوف في داخله، غياب الباحث والباحثة الاجتماعيين، التقصير من قبل الإدارة المدرسية في متابعة حضور وغياب الطالب ومعرفة الأسباب المؤدية لذلك، عدم وجود الأنشطة التي ترغِّب التلاميذ بالمدرسة، عند تأخير الطالب عن حضوره للدوام المدرسي وعدم تحضيره لدروسه يوما بعد يوم يؤدي ذلك إلى طرده.
منحنى التعليم يسير في الاتجاه المعاكس
تهاني السقاف منسقة مشروع الرصد في محافظة لحج، تقول: يعد الحق في التعليم عاملا أساسيا في تقدم حقوق الإنسان، ومفتاحا يمكن الأفراد من تنمية الحقوق الأخرى والتمتع بها. فهو محمي بعدة وسائل دولية وبالدساتير الوطنية والقوانين. وبفضل التعليم تستطيع الأمم أن تتقدم وتعتمد على نفسها لبلوغ أعلى مستوى من الكرامة في علاقاتها بالأشخاص والشعوب الأخرى.
وتضيف السقاف: لكن ما تم مشاهدته ورصده في المدارس التي قمنا بالنزول إليها والاطلاع على أوضاعها، يعطينا صورة عكس ذلك، إذ وأثناء نزولنا إلى مدارس البنات (أسماء، الزهراء، خديجة) في مديرية الحوطة، وتركيزنا في مقابلتنا على المدراء والوكيلات والمدرسات والطالبات لمعرفة وضعية التعليم في تلك المدارس، وجدنا أن منحى التعليم يسير في الاتجاه المعاكس، وخلافا لما هو مفترض ونحن في القرن الحادي والعشرين الذي ظهر فيه كل جديد في العلم والتطور بدرجة ارتفاع منحنى مرحلة التعليم ونوعياته.
وزادت: وعلى الرغم من أن تعليم الفتاة في مدارس الحوطة نجده بأعداد كبيرة مقارنة بمدارس المناطق النائية، في ظل المساعدات المحفزة لبعض الطالبات ذات الظروف الصعبة، لكن يظل هناك كثير من المعوقات والصعوبات التي تقلل من تطور المستوى التعليمي إن كان للفتاة أو للفتى.
مشاكل مدارس البنات
المشاكل والسلبيات التي تعاني منها مدارس البنات، حددها فريق الرصد بالآتي:
- سوء الإدارة المدرسية:
لوحظ أن مكاتب الإدارات هي أهم الأسباب المؤدية لجميع هذه السلبيات، فهي لا تقوم بدورها الأساسي من حيث: عدم تنفيذ الخطط السنوية للإدارة المدرسية، السكوت على ظاهرة الغش المتفشية في المرحلتين الأساسية والثانوية، وما يترتب عليه من عدم اهتمام الطالبات بالتعليم والحضور والالتزام، عدم مراقبة الإدارة لسير عمل المعلمات وتمييز بعضهن على الأخريات، خوفا على حقوقها تمتنع بعض المعلمات من التحدث عن سوء الإدارة، أخذ رسوم من الطالبات وعدم توزيعها لمصلحة الطالبة، عدم اهتمام الإدارة بنظافة المدرسة والحمامات شبه مهجورة ومنها مغلقة، بالإضافة إلى عدم توفير المياه والكهرباء، وجعل أسلاك الكهرباء مكشوفة، وبالتالي تعرض حياة الطالبات للخطر، مع افتقار المدارس لمياه الشرب الضرورية، فتضطر الطالبات إلى شرائها من مالهن الخاص.
- زيادة الكثافة في الصفوف:
جراء الكثافة الطلابية التي وجدناها في جميع المدارس، التي قد تصل من 60 إلى 70 طالبة في الفصل، تلجأ بعض الطالبات إلى التغيب، ووصل عدد الطالبات المتغيبات في بعض المدارس إلى 13 في اليوم.
- كثافة المنهج:
والتي تكون فوق طاقة وفهم واستيعاب كل من المعلمة والطالبة، مما يتسبب في نفور كثير من الطالبات، وتقاعس بعض المعلمات عن أداء واجباتهن.
- لوازم المدرسة:
وجود غرف للمختبرات دون توفر الأدوات المختبرية فيها، وكذلك وجود مكتبة ولكنها مغلقة وخالية من الكتب، مع عدم الاهتمام بالأنشطة التعليمية والترفيهية والرياضية التي تنمي قدرات الطالبات وترغبهن بالمدرسة.