دحض رواية وزير الإعلام بشأن إغلاق "الأيام"

دحض رواية وزير الإعلام بشأن إغلاق "الأيام"

تعليق وزاري بائس يتوسل ضرب مصداقية هيومان رايتس ووتش 
بعد قرابة شهرين من إصدار "هيومان رايتس ووتش" تقريرها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في المحافظات الجنوبية والشرقية، انبرت وزارة حقوق الإنسان لأداء وظيفتها الوحيدة الملموسة: تبييض انتهاكات الأجهزة الأمنية والأجهزة التنفيذية الأخرى.
الوزارة نشرت تعليقاً من 3000 كلمة تتوسل فيه دحض ما وصفته بـ"المعلومات المغلوطة والمزاعم المجافية للحقائق" التي وردت في تقرير المنظمة. وقد صدرت التعليق بمقدمة من عدة فقرات تطعن في كفاءة أداء المنظمة، وتتهمها بالتوظيف السياسي والنفعي لحقوق الإنسان. وأبعد من ذلك تقمص معدو التعليق الوزاري دور "المعلم" الذي لديه أسباب وافرة للامتعاض من طلابه الخائبين. فعلى سبيل المثال تنتقد الوزارة "هيومان رايتس ووتش" لأنها لا تفرق بين مفهومي مكافحة الجريمة والانتهاك. وهذا الانتقاد جوهري لأنه يكشف عن "روحية" المسؤولين في الوزارة بما هم موظفون منذرون للدفاع عن السلطة. وعليه فإن الوزارة لا ترى في الانتهاكات المنهجية للسلطة سوى وقائع مشروعة تندرج في سياق مكافحة الجريمة.
والحال أن تعليق الوزارة لا يكشف فقط عن خفة ورعونة، وإنما أيضاً استهتار الحكومة بتقارير المنظمات الدولية، كما هو الحال في ادعاء الوزارة بأن المتظاهرين في المحافظات الجنوبية هم في أغلبهم إنْ لم يكن كلهم مسلحون! ومعلوم أن فريق المنظمة الذي زار اليمن الصيف الماضي، قال إنه فحص مقاطع فيديو وصوراً لمسيرات واعتصامات المحتجين في الجنوب ولم يجد فيها متظاهرين مسلحين.
ويبلغ الاستهتار ذروته في ما يخص حرية الصحافة. فالوزارة تعتبر أن اعتماد المنظمة الدولية وفريقها الزائر لليمن على ما يبث في الإعلام وتسجيلات الفيديو من مقاطع عن الاحتجاجات الجنوبية دليلاً على وجود حرية الصحافة، ما يدحض ادعاء المنظمة بأن الحكومة أغلقت صحفاً وتكتمت على حقائق.
في خلفية تقرير المنظمة إشارة إلى أن انتخابات أول برلمان بعد الوحدة أفرزت نتائج تعبِّر عن سيطرة الاشتراكي على دوائر الجنوب وسيطرة المؤتمر والإصلاح على دوائر الشمال. لكن الوزارة في تعليقها اعتبرت هذه الإشارة (الصائبة) دليلاً على جهل معدي التقرير بحقيقة الإفرازات الديمقراطية!
على هذا المنوال يواصل التعليق الوزاري الرد على تقرير المنظمة، مستعيراً، غالباً، العبارات النمطية التي ترد في تصريحات كبار المسؤولين الأمنيين في الدولة.
للاستهتار عواقبه، فالتعليق الوزاري يؤكد أن الحكومة اليمنية قامت بإغلاق صحيفة "الأيام"، مطلع مايو 2009، لأنها تروج لثقافة الكراهية والعنف (...) ولا تتوخى المصداقية وحيادية المهنة الصحفية.
والمعلوم أن الحكومة ظلت تنفي على الدوام أية صلة لها بتوقف "الأيام" عن الصدور، وليس مستغرباً من الوزارة جهلها بالقانون الذي يحظر غلق أية صحيفة إلا بحكم قضائي.
ويستفاد هنا أن الوزارة تعتبر أن البلد يدار بأحكام عرفية، ولذلك فإنها لا ترى حرجاً في الذود عن انتهاكات السلطة لحرية الصحافة.
تأخذ الوزارة على فريق المنظمة قلة عدده (3 أشخاص فقط) وقصر الفترة التي أمضاها في اليمن العام الماضي (أسبوعين)، وتتهم الفريق، بهذا المأخذ، بأنه جاء بأحكام مسبقة.
والثابت هنا أن مسؤولي الوزارة المتبطلين يقيسون أداء المنظمات الدولية بإيقاعهم هم، وآية ذلك أن التعليق الوزاري زاخر بالأخطاء والسقطات، رغم أن معديه استغرقوا شهرين في إعداده.
تتسقط الوزارة بعض العبارات الواردة في التقرير الدولي، مجسمةً بعض الأخطاء فيه، متوسلة الإجهاز على مصداقيته.
والحاصل أن وزارة حقوق الإنسان تؤكد مجدداً أنها مجرد واجهة حقوقية بائسة للحكومة اليمنية.