الحزب التقدمي.. والسلام

إن أي حزب سياسي ديمقراطي (اشتراكي يساري/ أو قومي تقدمي/ أو وطني)، لا يمكن أن يكون مؤهلًا لحمل راية السلام، والدفاع عن السلام السياسي، والسلام الوطني، والسلام الاجتماعي، إذا لم يقم وهو يتوجه للبحث عن المطلوب، بالإمساك بالخليط الجوهري المسبب والمنتج للمشكلة، أي بإعادة النتائج إلى أسبابها (العلة والمعلول). بدون ذلك لن يتمكن من معرفة حقيقة وكنه التطور في المجتمع، وفي السياسة، وفي الفكر عمومًا، ذلك أنه وحينها لن يكون قادرًا على تحديد جوهر المشكلة، من هي القوى التي صنعت الأزمة/ المشكلة، أي باختصار من هي القوة/ القوى التي بدأت بتفجير الحرب، وانقلبت على العملية السياسية السلمية الحوارية، وذهبت للحرب كخيار وحيد. والأهم أن تتضمن مبادراته حول السلام، كل هذه المعاني والقضايا التفصيلية من خلال رؤية سياسية واقعية نقدية تقربنا للحل، بعيدًا عن الخطاب السلاموي المراوغ والمداهن، الذي يقول كل شيء، ولا يقول شيئًا محددًا له صلة بمعنى وبقضية السلام الواقعي على الأرض.. لا نريد من حزب سياسي ديمقراطي اشتراكي/ يساري/ أو قومي تقدمي/ أو وطني، أن يتحول إلى "قوة ثالثة" تذكرنا بجماعة "الكتلة الثالثة" في منتصف ستينيات القرن الماضي، أو ما يشابه الكتل السياسية الثالثة التي تريد مسك العصا من الوسط، بعقلية سياسية، تراعي مصالح جماعته الصغيرة في قلب المصالح المتضاربة. نريد من الحزب التقدمي حامل هم الحرية، والعدالة الاجتماعية، أن يكون عونًا للناس وللمجتمع، وعبر الكفاح السياسي والمدني الديمقراطي، ليسهم عبر الشارع في تشكيل "كتلة اجتماعية تاريخية" ضد الأطراف المفجِّرة للحرب، والمستفيدة منها، والصامتة بروحية العقل السياسي الانتهازي. هذا هو عنوان الحزب التقدمي المعادي للحرب، وللقوى السياسية الاجتماعية المنتجة للحرب؛ سلالية، وقبلية ومناطقية وقروية وحزبية انتهازية.

إن من لم يستوعب قضية الحرب والسلام في بلادنا حتى اللحظة، هو من مايزال يراوح عند خطاب 2015م، حول السلام الفارغ من المعنى، بعد أن اتضحت الصورة أكثر، وغدا خطابه ذاك واحدة من علامات أزمة الفكر السياسي والوطني في خطابنا حول الحرب والسلام، وحول قضايا سياسية وسيادية ووطنية عديدة، يتم القفز عليها للهروب للحديث عن سلام، لا يقول كلمة لها معنى حول السلام المرتجى! والأهم أنه يفك ارتباطه السياسي والمالي السلبي بالخارج، أقصد الأطراف الإقليمية والدولية، التي حولت اليمن إلى ساحة لتمرير وشرعنة مصالح دولها على حساب مصالحنا الوطنية والسياسية والاستقلالية.

كنت وما أزال أقول إن السلام رؤية، وموقف، ونحن حتى اللحظة لم نقرأ الرؤية، ولم نرَ الموقف حول كل ما يجري في البلاد، من ملشنة للدولة، ومن خطاب عنصري، ومن مليشيات طائفية وقبلية ومناطقية وقروية، تصطرع على وحول تغييب الدولة باسم استعادتها، أو باسم تقرير المصير، الممسوك بيد القوى الخارجية. خطاب فارغ حول استعادة الدولة، وحول تقرير المصير، وكل شيء في البلاد شمالًا وجنوبًا، ذاهب إلى استكمال صورته الاحتلالية من قبل القوى الأجنبية الداعمة للحرب، وللمليشيات في الشمال والجنوب.

ومن هنا قولنا وتأكيدنا أن السلام رؤية وموقف، سياسي ووطني، من كل الوكلاء في الداخل، ومن الكفلاء في الخارج، إلا إذا كان في فم البعض ماء.
وإلى لقاء آخر حول رؤيتنا للحرب والسلام.
ونقطة على السطر.